نام کتاب : الحيل نویسنده : المسعودي، محمد جلد : 1 صفحه : 148
عن هذا العقد إلى رأس مالها كما تقدم، فعلما أنهما لم يكونا على بصيرة منه، وقول السائلة لعائشة: أرأيت إن لم آخذ إلا رأس مالي ثم تلاوة عائشة عليها {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} (البقرة: من الآية275) دليل بين على أن التغليظ إنما جاء لأجل جهالة الأجل كما قيل، فإن هذه الآية إنما هي في التأنيب على الربا، وفي هذا دليل على بطلان العقد الأول إذا قصد به التوسل إلى الثاني وهذا هو الصحيح من مذهبنا وغيره، وأيضا فبيع العينة إنما يقع غالبا من مضطر إليها وإلا فالمستغني عنها لا يشغل ذمته بألف وخمسمائة في مقابل ألف بلا ضرورة وحاجة تدعو إلى ذلك، وقد روى أبو داود عن صالح بن رستم عن شيخ من بني تميم قال: خطبنا علي أو قال قال علي رضي الله عنه " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر، وعن بيع الغرر، وعن بيع الثمرة قبل أن تدرك "، ورواه الإمام أحمد وسعيد بن منصور مبسوطا قال: " قال علي سيأتي على الناس زمان عضوض يعض الموسر على ما في يديه ولم يؤثر بذلك، قال الله تعالى: {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} (البقرة: من الآية237) وينهد الأشرار ويستذل الأخيار، ويبايع المضطرين، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الضطر، وعن بيع الغرر، وبيع الثمرة قبل أن تطعم ".
وهذا وإن كان في راويه جهالة فله شاهد من وجه آخر رواه سعيد قال: حدثنا هشيم عن كوثر بن حكيم عن مكحول قال بلغي عن حذيفة رضي الله عنه أنه حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أن بعد زمانكم هذا زمانا عضوضا يعض الموسر على ما في يديه ولم يؤثر بذلك، قال الله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (سبأ: من الآية39) وينهد شرار خلق الله يبايعون كل مضطر، ألا إن بيع المضطر حرام، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره، إن كان عندك خير فعد به على أخيك ولا تزده هلاكا إلى هلاكه"، وهذا الإسناد وإن لم تثبت به حجة فهو يعضد الأول، مع أنه خبر صدق، بل هو من دلائل النبوة، فإن عامة العينة إنما تقع من رجل مضطر إلى نفقة يضن بها عليه الموسر بالقرض، حتى يرجع عليه في المائة ما أحب، وهذا المضطر إن أعاد السلعة إلى بائعها فهي العينة، وإن باعها لغيره فهي التورق، وإن رجعت إلى ثالث يدخل بينهما فهو محلل الربا والأقسام الثلاثة يعتمدها المرابون وقد اختلف السلف في كراهة التورق، وكان عمر بن عبد العزيز يكرهه، ويقول: " التورق أخية الربا "، وعن الإمام أحمد فيه روايتان منصوصتان، وأشار في رواية الكراهة إلى أنه مضطر، وأما القسمان الآخران فلا يشك في تحريمهما إن كانا عن احتيال وتواطؤ لفظي أو عرفي؛ والله أعلم"[1]. اهـ. [1] بتصرف من إقامة الدليل ص 135-138، وإعلام الموقعين جـ 3 ص 166-170.
نام کتاب : الحيل نویسنده : المسعودي، محمد جلد : 1 صفحه : 148