وقد رُوي عن الشافعي اشتراط أن توضع الجبيرة أو العصابة على طُهر، وكذلك رُوي عن أبي حنيفة، واختلفا فيما سوى ذلك، فذهب الشافعي إلى أن الجبيرة إنْ وضعت على غير طهارة لا يُمسح عليها ويلزم لها التيمُّم، وذهب أبو حنيفة إلى أن الجبيرة إن وضعت على غير طهارة لا يمسح عليها ولا تحلُّ بل تسقط كعبادةٍ تعذَّرت، ولأن الجبيرة كعضوٍ آخر، وآية الوضوء لم تتناول ذلك، واعتذر عن حديث جابر بأن فيه مقالاً، فنقول:
أما قول الشافعي إنه لا يمسح عليها ويلزمه التيمُّم فقط، فإن حديث جابر يردُّ عليه، وحديث جابر لم يذكر إن كان الجرح قد عُصب على طهارة أو لا، مما يدلُّ على عدم الفارق بينهما، ولم يُسأل الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ولم يبينِّه، فلا فرق إذن بين أن يكون وضع العصابة على طهارة أو غير طهارة، فالتفريق بينهما تحكُّمٌ بالنصِّ بدون وجه حق. وأما قول أبي حنيفة إنها عبادة تعذَّرت فسقطت فكذلك حديث جابر يردُّ عليه، إذ لو سقطت هذه العبادة لما أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالتيمُّم لها وبالمسح عليها، وأما أنه اعتذر عن حديث جابر بأن فيه مقالاً أو ضعفاً - والمقصود بالضعف هنا أنَّ في سنده الزبير بن مخارق - فإن ابن السكن قد صحَّح هذا الحديث، وابن حِبَّان قد ذكر الزبير في الثقات، فيصلح للاستدلال.
والخلاصة أن الجبيرة توضع على الموضع حال الحاجة إليها دون وجوب تطهير الموضع بالماء، أو الوضوء وغسل الموضع في أثنائه، وإذا وضعت وأريد الغُسل أو الوضوء وجب التيمُّم ومسحها وإتمام الغسل وإتمام الوضوء فيما سوى ذلك.