أ- عن أبيِّ بن كعب قال «إن الفُتيا التي كانوا يُفتون أن الماء من الماء كانت رخصة رخَّصها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بدء الإسلام ثم أمر بالاغتسال بعد» رواه أبو داود وأحمد. وفي لفظ «إنما كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام ثم نُهِيَ عنها» رواه ابن حِبَّان وابن ماجة وابن خُزَيمة. ورواه الترمذي وقال (هذا حديث حسن صحيح) . وقال الإسماعيلي: هو صحيح على شرط البخاري.
وقد كان النسخ عقب فتح مكة لما روي عن الزًّهري قال «سألت عُروة عن الذي يجامع ولا يُنْزِل؟ قال: على الناس أن يأخذوا بالآخِر، والآخِر من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: حدثتني عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك ولا يغتسل، وذلك قبل فتح مكة، ثم اغتسل بعد ذلك، وأمر الناس بالغسل» رواه ابن حِبَّان.
ب- عن أبي موسى قال «اختلف في ذلك رهط من المهاجرين والأنصار، فقال الأنصاريون: لا يجب الغسل إلا من الدفق أو من الماء، وقال المهاجرون: بل إذا خالط فقد وجب الغسل، قال، قال أبو موسى: فأنا أشفيكم من ذلك، فقمت فاستأذنت على عائشة فأُذن لي، فقلت لها: يا أماه، أو يا أم المؤمنين، إني أريد أن أسألك عن شيء وإني أَستحييكِ، فقالت: لا تستحيي أن تسألني عما كنت سائلاً عنه أمك التي ولدتك، فإنما أنا أمك، قلت: فما يوجب الغسل؟ قالت: على الخبير سقطت، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا جلس بين شُعَبها الأربع ومسَّ الختان الختان فقد وجب الغسل» رواه مسلم. فهذان حديثان صحيحان ينسخان الحكم المأخوذ من حديث «إنما الماء من الماء» وحديث عثمان عند البخاري.
وبذلك يظهر بوضوح لا لبس فيه أن قولهم إن الجماع دون إنزال لا يوجب الغسل هو خطأ بعد أن ثبت نسخُ دليلهم. وقد ذهب إلى ما نقول الخلفاء الأربعة وجمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم.