الحديث الشريف يذكر أن الواشمات والمستوشمات والمتنمِّصات والمتفلِّجات للحُسن المغيرات خلق الله ملعونات، وما دام أن التغيير قد ثبت أنه قد تخلف مرات فقد ثبت أنه ليس علة، وأن هذه القاعدة تنسحب إذن على كل موضوع ومنها هذا الحديث، فتغيير خلق الله ليس علة للتحريم في هذا الحديث، بمعنى أن التحريم منصبٌّ على ما ذُكِر وليس لعلة التغيير، وعلى هذا فإن التغيير هنا لم يُذكر إلا على أنه وصفٌ ملازم لهذه الأفعال ليس غير، كما ذكر ذلك ابن حجر. والسؤال هنا: لماذا ذُكر هذا الوصف في الحديث؟ والجواب عليه هو أنَّ ذِكْرَ هذا الوصف في هذا الحديث إنما جاء قيداً وتحديداً للقدر الذي تصبح معه هذه الأفعال محرمة، بمعنى أن الوشم والنمص والتفلج لا تكون حراماً إلا إذا وصلت حد التغيير لخلق الله، فإن لم تصل إلى هذه الحد وهذا القدر فإنها لا تكون حراماً وتكون مباحة، فلو أخذت المرأة من حاجبيها عدة شعرات، ولو وضعت المرأة على وجهها أو يدها نقطة أو نقطتين من الوشم، ولو بردت المرأة إحدى أسنانها مقداراً يسيراً فإنها لا تكون قد فعلت حراماً لأنها لا تكون قد فعلت ما يصل إلى حد تغيير خلق الله، فهذا هو القصد من ذكر هذا الوصف، وهو أنه لتحديد المقدار الذي تصبح معه هذه الأفعال محرمة، وليس ليكون علة للتحريم.