بأكاذيبهم، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول: "أتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا حجر ضب تبعتموهم" [1].
وساهم بعض هؤلاء المنجمين في جمع كتب الفلاسفة الأقدمين، فكانوا يعطون العطاء الجزيل لمن يحضر شيئاً منها وإن كان قليلاً.
ودخلوا بين صفوف المسلمين وخالطوهم، ومال فريق من المنتسبين إلى الإسلام إليهم، وجعلوا أيديهم في أيديهم، ونصبوا أنفسهم الذراع الأيمن لهم، والستار المنيع الذي يتسترون خلفه، واتفقوا على إرجاع الجاهلية الأولى بين المسلمين، وناصروهم في كل مصر وعصر، واتخذوا طريقاً مموهاً لإقناع الناس بباطلهم، فادعوا أن هذه الكواكب صحائف الغيب تفتح لهم متى شاؤوا، ولما صارت لهم سلطة ودولة مكنوا الفلاسفة والمنجمين في الأرض، وقربوهم إليهم، وصرفوا عليهم الأموال تأييداً لهم، وإظهاراً لمعتقدهم.
وقام علماء المسلمين من كل حدب وصوب يردون على هذا الباطل، ويفندونه ويبينون فساده وهلاك من اعتنقه، كما قام من عرف باطلهم من شعراء وأدباء وغيرهم بالتشهير بهم، وإظهار كذبهم وإفكهم.
إلا أن بعض السذج من الناس انخدعوا بالأقوال البراقة وبالعبارات الجوفاء، فانجرفوا مع تيار هؤلاء، واتخذوا التنجيم صناعة، ومن النجوم مستنداً يتكئون عليه عند حلول الملمات، وما زالت هذه الطوائف في كل عصر تدعو إلى هذا الباطل وتوجه عدتها وعتادها للدعوة لهذه الصناعة، ولإقناع الناس بأن هذا السخف علم، وأن هذا الباطل حق، وأن هذه [1] أخرجه البخاري: (9/185) ، كتاب الاعتصام، ومسلم: (8/57) ، كتاب العلم.