كما قال تعالى:} وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [1].
وعلى مر العصور واختلاف الأمم لم يقع في العالم أعظم من هذين الشركين:
الأول: عبادة القبور، والتعلق بالأموات، وهو شرك قوم نوح عليه السلام، وهو أول شرك وقع في العالم، وفتنته أعظم، والابتلاء به أكثر.
والثاني: الإشراك بالنجوم وتعظيمها واعتقاد أنها أحياء ناطقة، وأن لها روحانيات تتنزل على عابديها. وهذا الاعتقاد هو الذي حدا بعابديها إلى أن يبنوا لها هياكل فيها أصنام تناسبها، وكان مبدأ هذا الشرك تعظيم الكواكب وظن السعود والنحوس فيها، وحصول الخير والشر منها[2].
وآل أمر هذا الشرك –أعني عبادة الكواكب واعتقاد أنها آلهة مدبرة- إلى الفلاسفة والصائبة والمجوس وغيرهم، واعتقدوا فيها ما اعتقد أسلافهم من قوم إبراهيم، وكانوا ينتشرون حول الجزيرة قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كانت الكهانة في ذلك الوقت منتشرة بين الناس، والاعتقاد بالكواكب والأنواء ونسبة بعض الحوادث إليها مشهوراً لديهم، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم هذه المعتقدات، وأنار لأمته دياجير الظلمات، وبين لهم الحق، وحذرهم من إتباع المهلكات الموبقات، وتركهم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
ومن بين هذه الأمور التي حذر أمته منها ادعاء علم الغيب، واعتقاد، [1] سورة النحل، الآية: 36.
2 "مفتاح دار السعادة": (2/197) .