ينزل الغيث غداً وجزم به فهو كافر، أخبر عنه بأمارة ادعاها أم لا) [1]، فمن هذا يتضح أن من أخبر عن نزول المطر أنها غداً أو بعد غد أو نحو ذلك وجزم به فهو كافر، لادعائه لعلم استأثر الله به، أما إذا لم يجزم بذلك، وجعل هذا الحكم بحسب العادة والتجربة فلا يكفر ولا يفسق، بل يجوز ذلك، لأن الله تعالى أجرى العوائد، وجعل لبعض المغيبات علامات تدل عليها والذي يدل على جوازه ما يأتي:
قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [2].
وقوله: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً} [3]، وقوله: {أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [4]، وقوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [5].
قال القرطبي رحمه الله: (أي: الرياح تبشر بالمطر) [6].
وقال ابن كثير رحمه الله: (يذكر تعالى نعمه على خلقه في إرسال الرياح
1 "تفسير القرطبي": (7/2) . [2] سورة الأعراف، الآية: 57. [3] سورة الفرقان، الآية: 48. [4] سورة النمل، الآية: 63. [5] سورة الروم، الآية: 46.
6 "تفسير القرطبي": (7/229) .