استتابته لما برئ من فعلهم.
ولأنه أمكن استصلاحه، فلم يجز إتلافه قبل استصلاحه كالثوب النجس[1].
واستدل الفريق الثاني بما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه" [2]. ولم يذكر استتابة.
وبما رواه الشيخان عن معاذ أنه قدم على أبي موسى فوجد عنده رجلاً موثقاً فقال: ما هذا؟ قال: رجل كان يهودياً فأسلم، ثم راجع دينه دين السوء فتهود، قال: لا أجلس حتى يقتل قضاء الله ورسوله، قال: اجلس. قال: لا أجلس حتى يقتل قضاء الله ورسوله ثلاث مرات. فأمر به فقتل[3] ولم يذكر استتابة.
وقالوا: لأنه يقتل لكفره فلم تجب استتابة كالأصيل، فهو كافر حربي بلغته الدعوة. فيقتل للحال لقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} [4].
والراجح –والله أعلم- القول بوجوب الاستتابة وذلك لما يأتي:
1- قد ورد في حديث معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أرسله إلى اليمن قال له:
"أيما رجل ارتد عن الإسلام فادعه، فإن عاد وإلا فاضرب عنقه، [1] انظر: "المغني": (8/127) . [2] أخرجه البخاري: (9/26) ، كتاب استتابة المرتدين. [3] أخرجه البخاري: (9/26-27) ، كتاب استتابة المرتدين، ومسلم: (6/6) ، كتاب الإمارة. [4] انظر: "المغني" لابن قدامة: (8/127) ، و"تبيين الحقائق": (3284/) ، والآية (5) من سورة التوبة.