نام کتاب : التعليق على رسالة حقيقة الصيام وكتاب الصيام من الفروع ومسائل مختارة منه نویسنده : ابن عثيمين جلد : 1 صفحه : 3
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً.
فصل فيما يفطر الصائم وما لا يفطره
وهذا نوعان: منه ما يفطر بالنص والإجماع، وهو الأكل والشرب والجماع، قال تعالى: {فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل} فأذن في المباشرة، فعقل من ذلك أن المراد الصيام من المباشرة، والأكل، والشرب، ولما قال أولا: {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم} كان معقولا عندهم أن الصيام هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع، ولفظ «الصيام» كانوا يعرفونه قبل الإسلام ويستعملونه، كما في «الصحيحين» عن عائشة -رضي الله عنها- أن يوم عاشوراء كان يوماً تصومه قريش في الجاهلية [1] . [1] قوله: «الصيام هو الإمساك عن الأكل والشرب..» لكن لابد أن يضاف إلى هذا التعبد لله بالإمساك عن المفطرات، حتى يكون عبادة؛ لأن الإمساك عن المفطرات له أسباب متعددة، فإذا كان ذلك لغرض التعبد لله كان صياما شرعا، وكما قال الشيخ -رحمه الله-: الأشياء المفطرة بالنص والإجماع هي هذه الثلاثة: الأكل، والشرب، والجماع، وما عدا ذلك فإما ثابت بأقيسة، وإما ثابت بنص مختلف في صحته، أو في دلالته، لكن هذه الثلاثة مجمع عليها.
والصيام كان معروفا في الجاهلية، وفي الشرائع الأخرى، كما قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم} [البقرة: 183] . وكما قالت عائشة -رضي الله عنها-: كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه في الجاهلية [أخرجه البخاري في الصوم/باب صيام يوم عاشوراء (2002) ] . فلم تأت الشريعة الإسلامية بجديد إلا في بيان الحكمة من الصوم، وهي أنه ليس الحكمة من الصوم أن يمنع الإنسان من فضل الله -عز وجل- من شراب وطعام ونكاح، ولكن الحكمة شيء فوق ذلك، وهو تقوى الله -عز وجل-، كما قال الله تعالى حين ذكر فرض الصيام: {لعلكم تتقون} ، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» [أخرجه البخاري في الصيام/باب من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم (1903) ] . فالحاجة هنا: بمعنى الإرادة، يعني أنه ليس لله إرادة أن يدع الإنسان طعامه وشرابه بدون أن يدع قول الزور والعمل به والجهل، وإن قوما يمسكون عن ملاذهم، ويتقون الله -عز وجل- شهرا كاملا، لابد أن تتغير مناهجهم؛ ولهذا كان شهر الصيام -لمن وفق- تربية عظيمة للنفس، بالصبر، والتحمل، والتقوى، وكثرة الطاعات.
وفي قوله عز وجل: {فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم} الإشارة إلى معنى نفيس، وهو أن لا يريد الإنسان بالجماع مجرد نيل الشهوة، بل ابتغاء ما كتب الله له، يعني من الذرية، وهو إذا نوى هذا حصل له هذا وهذا، فلا يفوته إذا نوى ابتغاء ما كتبه الله له أن لا يكون له ذرية، بل يحصل على هذا وعلى هذا، ولهذا قال بعض المفسرين في قوله: {ما كتب الله} أي: بطلب الولد.
نام کتاب : التعليق على رسالة حقيقة الصيام وكتاب الصيام من الفروع ومسائل مختارة منه نویسنده : ابن عثيمين جلد : 1 صفحه : 3