responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحصين من كيد الشياطين نویسنده : الجريسي، خالد    جلد : 1  صفحه : 165
لكن ما يشهد به الواقع من حال الناس - فضلاً عما بينته النصوص - دال على خلاف ذلك، فكم هُدِّمت علاقة طيبة بفعل كلمة جرت على لسان، وكم هُتِك عرض ودُمِّرت حياة بسبب اتهام باطل نطق به إنسان، وكم من سمعة طيبة لمجتمع بأكمله أَسْهَم في تشويهها وصفٌ ارتآه فلان من أصحاب القلم وأولي البيان، بل كم من فتنة جَرَّت بعدها حربًا ضروسًا، كان مردّها لكلمة جرّحت هيئة أو نالت من منزلة سلطان، أو لم توافق هوى لحاكم ظالم، وها هو الواقع والتاريخ يشهدان لذلك كله، فما السر الكامن في قوة الكلمة؟ أفلا يستطيع الناس أن يتسامعوا محكيَّاتِهم، من غير أن يؤاخِذَ بعضُهم بعضاً في الجهر بالسوء من الأقوال؟ هذا ما أكدت الشريعة نفيَه تأكيداً جازماً، وقد زادتنا علماً بأن هذا الكلام الجاري على اللسان، إنما هو ترجمان صادق لما في القلب، وبأننا سوف نتحمل تبعاته آجلاً فضلاً عن تحمّل ذلك إياها عاجلاً، فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبّه معاذاً رضي الله عنه، حين استشكل هذا المفهوم، بقوله صلى الله عليه وسلم: أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمَلاَكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ فقلتُ - أي معاذ رضي الله عنه -: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه وقال: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا قلت: يانبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟! فقال: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ! وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ - أَوْ قَالَ: عَلَى مَنَاخِرِهِمْ - إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ [1] . فتأمّل - رحمك الله - كيف وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم حفظ اللسان بملاك أمر الإسلام كله، ثم جعل صلى الله عليه وسلم سبب هلاك

[1] جزء من حديث أخرجه الترمذي بطوله، كتاب: الإيمان، باب: ما جاء في حرمة الصلاة - أي: منزلتها العظمى في الإسلام -، برقم (2616) ، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وابن ماجَهْ؛ كتاب: الفتن، باب: كف اللسان في الفتنة، برقم (3973) ، عنه أيضاً.
نام کتاب : التحصين من كيد الشياطين نویسنده : الجريسي، خالد    جلد : 1  صفحه : 165
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست