نجاسة عينه وهذا شامل كذلك لما توسع فيه محمد بن الحسن من تخريجه عظم الفيل على أصل المنع لعظم الخنْزير، وبناء عليه فإن عظم الفيل هو الآخر غير جائز بيعه وأنه لا خلاف بين محمد بن الحسن وفقهاء الحنفية إلا في التوسع في الاستثناء وأنه معهم في القول بطهارة عظم الميتة وإمكان الانتفاع بها من بيع ونحوه وأنه يستثنى من هذا الحكم عظم الخنْزير كما قالوا وأضاف هو كذلك عظم الفيل.
وهكذا يكون الراجح في هذا الخلاف ما عليه أصل مذهب الحنفية من القول بجواز
بيع عظم الميتة تحقيقاً لمصالح العباد خاصة وأنهم لا يشترطون طهارة المبيع طالما تحققت ماليته.
وهذا هو أصل الكلام في المسألة بمراعاة استثنائهم لعظم الخنْزير حيث نصوا على إخراجه من هذا الحكم ومنعوا بيعه، أما بالنسبة لاستثناء عظم الفيل فإنه يترجح شموله بالاستثناء وسريانه عليه كما هو مذهب محمد بن الحسن لأنه أقرب ما يكون في نجاسته للخنْزير والمعنى القائم عليه الاستثناء موجود ومتحقق فيه هو الآخر. والله تعالى أعلم.
المطلب الثاني حكم بيع جلد الميتة
اختلف العلماء بشأن مدى جواز بيع جلد الميتة وإخضاعه للتصرفات الأخرى، وهذا الخلاف نشأ عن خلاف في مسألة أخرى وهي مدى تأثير الدبغ على طهارة الجلد[1]، وهذا يستلزم ضرورة تحقيق القول في هذا الخلاف أولاً، وإظهار وجه الحق [1] الدباغ: هو معالجة الجلود بمادة ليلين ويزيل ما به من رطوبة ونتن. راجع: المعجم الوسيط للدكتور إبراهيم أنيس وجماعه 1/270.
والدباغ على ضربين: أحدهما حقيقي: وهي أن يدبغ بشيء له قيمة كالقرظ والعفص والشب ونحوها من كل ما يمنع النتن والفساد. والثاني: حكمي: وهو أن يدبغ بالتشميس والتشريب والإلقاء في السريح، والنوعان مستويان في سائر الأحكام إلا في حكم واحد وهو أنه لو أصابه الماء بعد الدبغ الحقيقي لا يعود نجساً أما بعد الدبغ الحكمي ففيه روايتان، ويرى الشافعية أن الجلد لا يطهر إلا بالدبغ الحقيقي فقط غير أنه لا وجه لهذه التفرقة حيث لا خلاف في الأثر بينهما =