بينهم، ويحتاج لوضع الضوابط اللازمة، حتى تظهر أحكامه جلية واضحة، وتحد حدوده حتى لا يقعوا في المحظور، ولا يخفى عليهم غير المحظور، لتتحقق مصالحهم، ويرفع الحرج عنهم، فهداني الله تعالى لأن أخص مسألة "بيع الأعيان المحرمة" بالبحث كي أساهم مع من سبقني في الكتابة في مسائل البيع، لكي يستبين حكم الشرع في بيع الأعيان المحرمة، لأن هذه الأحكام معروضة في كتب الفقه، في أبواب مختلفة، تحتاج إلى جمع ولّم لشملها في موضع واحد، لتسهل معرفتها، خاصة وأن أغلب الناس يجهلون هذه الأحكام، ويصعب عليهم التعامل مع كتب الفقه لاستخلاص أحكامها، وجمع مسائلها، والله أسأل أن أوفيه حقه في البحث وعرض جميع جوانبه، وبذل الجهد والطاقة، بعون الله وتوفيقه.
منهجي في البحث:
بعد أن وفقني الله سبحانه لاختيار موضوع بيع الأعيان المحرمة في الفقه الإسلامي، كان لا بد من تحديد المسلك العلمي اللازم لإعداد هذا البحث في إطار من الوضوح والسهولة واليسر، بغية تحقيق الإفادة الكاملة على النحو المحقق للقصد من البحث، فاقتصرت على المذاهب الفقهية الأربعة، والسبب في هذا أنها معتمدة ومقررة ومقدرة لدى جميع المسلمين، مع تفردها بالاعتدال والوسطية، وفي سبيل هذا راعيت الترتيب الزمني لهذه المذاهب، بدءاً من المذهب الحنفي ثم المالكي ثم الشافعي ثم الحنبلي، بمراعاة ما يرد داخل كل مذهب من أقوال، وذلك في كل مسألة على حدة مهما تناهت في صغرها، مراعياً في كل مذهب النقل من أمهات الكتب المعتمدة فيه، وذلك بعرض الأقوال داخل المذهب الواحد، موثقاً ذلك بنقل أقوال الأئمة، مرجحاً لما ترجح منها لدي للاعتماد عليه عند الموازنة مع المذاهب الأخرى، حتى يتسنى لي ترجيح الرأي الذي أرى صوابه وصحته وقوة دليله، أو أن الأخذ به والعمل بمقتضاه يحقق مصلحة حقيقية عامة.
وكل هذا بمراعاة الدقة الكاملة، تحقيقاً لمبدأ الأمانة العلمية كأحد أهم أسس المنهج العلمي السليم، محاولاً تدعيم كل قول ورد في مذهب من المذاهب الأربعة بما استدل له به، مع عقد المناقشة اللازمة للأدلة عندما يستدعي الترجيح ذلك، مورداً كل المناقشات والرد