ج – أن التصوير لذي الروح فقط هو المحرم، ويفهم منه أن غير ذي الروح لا يحرم تصويره، وهذا أصل المذهب الحنبلي.
وعلى هذا فمن خلال النظر في الآراء السابقة نستخلص في المسألة أربعة مذاهب:
المذهب الأول: يرى تحريم التصوير لذي الروح، وهي الصور المجسمة لحيوان أو غيره، سواء كان ذلك عاقلاً أم لا؟ وإلى هذا ذهب المالكية والشافعية في أصل مذهبهم، وهذا ما قال به المتولي وغيره، وهذا ما أطلقه بعض الحنابلة، وما نص عليه في الوجيز.
المذهب الثاني: يرى كراهة تصوير ذي الروح، وهذا ما ذهب إليه الحنفية بعد أن نصوا على عدم كراهة تصوير غير ذي الروح، وهو مذهب الآجري، ومن معه من الحنابلة.
المذهب الثالث: يرى جواز تصوير غير ذي الروح طالما كان بلا رأس، أو بدون الأجزاء التي يعيش منها، وهو قول المالكية والأوزاعي من الشافعية.
المذهب الرابع: التصوير جائز مطلقا، وهو مذهب الإصطخري من الشافعية.
الأدلة: استدل أصحاب المذهب الأول القائلون بحرمة الصور المجسمة بما يأتي:
1- أن القرآن الكريم حقر التماثيل، وقلل من شأنها، واستهان بها وبصانعيها، وعابديها، وسفه أحلامهم، وضلل عقولهم، كما أخبر أن الذين يصنعون هذه التماثيل هالكون ومدمرون لا محالة، وما ذلك إلا لشدة تحريم صناعتها واتخاذها.
وقد وردت آيات قرآنية كثيرة تبين هذه المعاني؛ منها:
قوله تعالى: {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ*وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [1].
قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ*لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [2]. [1] سورة الصافات: الآية 95 – 96. [2] سورة الأنبياء: الآية 51 – 54.