أن ظاهر مذهب المالكية كراهة بيع المضبب، تخريجا على قولهم بهذا في حكم استعماله واتخاذه؛ وهناك وجه مقابل لهذا على القول بتحريم ذلك البيع، وإن كان القاضي عبد الوهاب المالكي يرى أن ذلك البيع جائز.
أن الخلاف عند الشافعية تشعب كثيراً ما بين من قال بعدم كراهية بيع المضبب، طالما كان قليلاً ولحاجة، وإن كان للزينة، أو كان كثيراً، فإن بيعه يكون مكروهاً حتى ولو كان لحاجة، ومنهم من قال إن بيعه للزينة محرم مطلقاً، أي قليلا كان أم كثيراً، ومنهم من يقول بأنه يحرم بيعه للشرب ولا يحرم فيما سواه.
أن الصحيح عند الحنابلة عدم كراهة بيع المضبب بالفضة، وقيل إن هذا البيع مكروه.
وعلى هذا فمسألة بيع المضبب بالفضة يحكمها مذهبان مخرجان على خلاف العلماء بشأن أصل هذه المسألة، وهو حكم استعمال واتخاذ المضبب بالفضة.
المذهب الأول: يرى إباحة بيع المضبب بالفضة، وإلى هذا ذهب الحنفية، وهو قول القاضي عبد الوهاب المالكي إذا كانت الضبة يسيرة، وهو قول الشافعية إذا كانت الضبة يسيرة، ولحاجة، وفي غير موضع الشرب، وهذا ما عليه الحنابلة عند تحقق شروط هذه الإباحة عندهم.
المذهب الثاني: يرى أن بيع المضبب بالفضة مكروه، وهذا ما عليه صحيح مذهب المالكية، وهو قول للشافعية، ورواية للحنابلة.
الأدلة: لما كان حكم بيع المضبب بالفضة مخرجاً على حكم الاستعمال والاتخاذ، فقد كانت الآراء في المسألة هي ذات الآراء، وعليه فإن الأدلة التي استند إليها كل فريق هي ذات الأدلة هنا، ووجه الاستدلال بها لا يخرج عما سبق بيانه حيث كان وجه الدعوى واحداً.
الراجح في هذا: هو القول بإباحة بيع المضبب بالفضة خاصة إذا كانت الضبة يسيرة، وكانت لحاجة داعية إليها حيث لا سرف فيها ولا خيلاء، وأن الحكم يكون للأصل وهو المتبوع دون التابع وهو الضبة، والله تعالى أعلم.