مذهب الحنابلة: أن الضبة إن كانت كثيرة حرم الاستعمال، سواء كانت الضبة لحاجة أو لغيرها، وإن كانت يسيرة أبيح استعمال المضبب بها، واشترط أبو الخطاب لإباحة استعمال المضبب أن تدعو الحاجة إلى هذه الضبة، وقال القاضي يباح الاستعمال سواء دعت الحاجة إلى الضبة أو لم تدع، ويرون أنه تكره مباشرة موضع الفضة بالاستعمال حتى لا يكون مستعملاً لها.
فقد جاء في الإنصاف: قوله: "إلا أن تكون الضبة يسيرة من الفضة". استثنى للإباحة مسألة واحدة؛ لكن بشروط: منها: أن تكون ضبة، وأن تكون يسيرة، وأن تكون لحاجة، ولم يستثنها المصنف، لكن في كلامه أومأ إليها، وأن تكون من الفضة ولا خلاف في جواز ذلك، بل هو إجماع بهذه الشروط، ولا يكره على الصحيح من المذهب، وقيل: يكره.
فائدة: في "الضبة" أربع مسائل، كلها داخلة في كلام المصنف في المستثنى والمستثنى منه يسيرة بالشروط المتقدمة، فتباح، وكثيرة لغير حاجة فلا تباح مطلقاً على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب وجزم به، واختار الشيخ تقي الدين الإباحة إذا كانت أقل مما هي فيه، وكثيرة لحاجة، فلا تباح على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور ... ويسيره لحاجة: فلا تباح على الصحيح من المذهب، نص عليه، ... وإن كان التضبيب بالفضة وكان يسيراً على قدر حاجة الكسر فمباح، ... قال في تجريد العناية[1]: لا تباح اليسيرة لزينة في الأظهر وقيل: لا يحرم، اختاره جماعة من الأصحاب"[2].
فمذهب الحنابلة: استثناء الضبة اليسيرة من الفضة واعتبار استعمالها مباحاً، غير أن هذا مشروط بعدة شروط: أن تكون ضبة، وأن تكون يسيرة، وأن تكون لحاجة، [1] تجريد العناية في تحرير أحكام النهاية للقاضي علاء الدين ابن اللحام، اعتمده المردواي كما في مقدمة الإنصاف1/15 والنهاية لابن رزين وقد حقق في رسالة ماجستير في جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض. راجع: معجم مصنفات الحنابلة للدكتور عبد الله الطريقي 4/262. [2] المرداوي 1/82 - 83.