يخفى، ومن الذل والصغار ما لا يقدر عليه الإنسان.
فالبيع قد شرعه الله سبحانه توسعة منه على عباده، فإن لكل فرد من أفراد النوع الإنساني ضرورات من الغذاء والكساء وغيرها مما لا غنى للإنسان عنه ما دام حياً، وهو لا يستطيع وحده أن يوفرها لنفسه
لأنه مضطر إلى جلبها من غيره، وليس ثمة طريق أكمل من المبادلة، فيعطي ما عنده مما يمكنه الاستغناء عنه، بدل ما يأخذه من غيره مما هو في حاجة إليه.
ولكل هذا: اقتضت حكمة البارىء سبحانه شرعية البيع والشراء، وتنظيمه بما يكفل رفع الحرج والمشقة عن الناس ودوام البقاء.
هذا: ويعتبر البيع والشراء في الجملة من الأمور الحاجية[1] التي قصد التشريع الإسلامي توفيرها للناس، وقد يرقى إلى الأمور الضرورية عند ما يؤدي عدمه إلى فوات أصل من الأصول الخمسة، وهي: الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال. [1] الحاجيات: هي التي يحتاج إليها الناس للتيسير عليهم ورفع الحرج ودفع المشقة عنهم بحيث إذا فقدت وقع الناس في ضيق دون أن تختل الحياة، ولهذا فكل ما قصد به دفع المشقة ورفع الحرج والاحتياط للكليات الخمس فهو حاجي.
والضروريات: هي التي لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا بحيث إذا فقدت اختل نظام الحياة، وعمت الفوضى والمفاسد، وضاعت المصالح، وفات النعيم، وحل العقاب في الآخرة، فهي كل ما يؤدي عدمه إلى فوات أصل من الأصول الخمسة. أصول الفقه/ للدكتور زكي الدين شعبان صفحة 297.