عليكم"[1].
وجه الدلالة من هذين الحديثين: أنه صلى الله عليه وسلم بين مشروعية الدواء وأنه شيء مشروع، وهو لا ينافي التوكل، ومع هذا نهى صلى الله عليه وسلم عن التداوي بالمحرمات، والخمر محرمة، فالتداوي بها حرام بنص الحديث، وكذلك قول عبد الله بن مسعود يفيد تحريم التداوي بالخمر، لأنها محرمة والله لم يجعل الشفاء فيما حرم علينا.
6 – قال ابن القيم: "إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التداوي بالخمر، وإن كانت مصلحة التداوي بها راجحة على مفسدة ملا بستها -أي كما كان يظن سابقًا- سداً لذريعة قربانها واقتنائها ومحبة النفوس لها، فحسم علينا المادة حتى في تناولها على وجه التداوي وهذا من أبلغ سد الذرائع"[2].
7 – قال ابن تيمية: "وليس هذا مثل أكل المضطر للميتة، فإن ذلك يحصل به المقصود قطعاً وليس له عنه عوض، والأكل منها واجب، وهنا لا يعلم حصول الشفاء ولا يتعين هذا الدواء بل الله تعالى يعافي عباده بأسباب متعددة ... والذين جوزوا التداوي بالمحرم قاسوا ذلك على إباحة المحرمات كالميتة والدم للمضطر، وهذا ضعيف"[3].
قال الصنعاني بعد قوله: "إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم".
والحديث دليل على أنه يحرم التداوي بالخمر، لأنه إذا لم يكن فيه شفاء، فتحريم شربها باق لا يرفعه تجويز أن يدفع بها الضرر عن النفس[4].
والراجح في هذا: هو ما ذهب إليه القائلون بتحريم التداوي بالخمر، وذلك [1] هذا الأثر علقه البخاري موقوفا على ابن مسعود رضي الله عنه بصيغة الجزم، وقال ابن حجر: أخرجه ابن أبي شيبة عن جرير عن منصور، وسنده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه أحمد في كتاب الأشربة، والطبراني في الكبير من طريق أبي وائل نحوه. ا?. وقد سبق هذا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. [2] زاد المعاد 3/114 – 115. [3] مجموع الفتاوى 24/266 – 268. [4] سبل السلام 4/36.