رجله أو نعله يطهره ما بعده من الأرض الطاهرة.
5- وقد يقال إن الخمر لما أريقت في الطرقات وخالطها التراب وتعرضت للشمس والهواء كان ذلك سبيلا لاستهلاك الخمر واستحالتها وذهاب المادة المسكرة منها بدليل أنه لو أخذ كثير من التراب الذي أريقت عليه وحل بماء فإنه لا يسكر.
6- ولا يستساغ القول بأنها لو كانت نجسة لنهي عن إراقتها في الأسواق كنهيه صلى الله عليه وسلم عن التغوط في الأسواق، لأن هذا التغوط لا يتناسب مع المروءة فضلاً عن أنه لو ساغ لكل واحد التغوط في الأسواق لاستمر ذلك إلى الأبد وفيه ما فيه من الضرر باستمرار النجاسة والاستقذار مع حاجة الناس إلى الأسواق بينما الخمر إنما أريقت في وقت تحريمها فحسب ولم تتكرر إراقتها في كل وقت وزمن كالتغوط في الأسواق[1].
ب - واستدل القائلون بطهارة الخمر أيضاً بأنه لا يلزم من كون الشيء محرماً أنه يكون نجساً فكم من محرم في الشرع ليس بنجس وذلك كالذهب والحرير فهما محرمان على الرجال مع أنهما طاهران وكالسم فهو محرم رغم أنه طاهر[2].
ونوقش هذا الاستدلال بما قال القرطبي: قوله تعالى: {رِجْسٌ} يدل على نجاستها، فإن الرجس في اللسان النجاسة، ثم لو التزمنا ألاّ نحكم بحكم إلا حتى نجد فيه نصا لتعطلت الشريعة فإن النصوص فيها قليلة.
فأي نص يوجد على تنجس البول والعذرة والدم والميتة وغير ذلك؟ وإنما هي الظواهر والعمومات والأقيسة[3].
والراجح في هذا: هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من نجاسة الخمر لما ذكرناه من الأدلة، ولأن من قال بطهارتها ليس لديه دليل سوى إراقة الخمر في شوارع المدينة، وهذا لا ينهض دليلاً على الطهارة لما بيناه من مناقشة هذا الدليل، بل هو دليل على النجاسة، لأن الطاهر لا يراق في الشوارع، وإنما يحتفظ به في أي وجه من وجوه [1] موقف الإسلام من الخمر للدكتور صالح بن عبد العزيز آل منصور صفحة 46. [2] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 6/187. [3] المرجع السابق نفس الموضع.