رجس لقوة ما استدلوا به من النصوص والقياس، ولأن هذا الحكم متفق مع طبيعة الأمور لأن النفس البشرية تعاف الخنْزير وتستقذره. والله تعالى أعلم.
المطلب الثاني حكم بيع الخنزير
مذهب الحنفية: القول ببطلان بيع الخنْزير إذا كان مبيعاً.
" ... وبيع الميتة والدم ... والخنْزير والحر ... باطل"[1].
أما إذا كان عوضاً عن المبيع "ثمناً" فإن البيع يكون فاسداً، لأن الحنفية في أصولهم يفرقون بين الباطل والفاسد[2].
فقد جاء في شرح فتح القدير: "وإذا كان أحد العوضين أو كلاهما محرماً فالبيع فاسد كالبيع بالميتة والدم والخنْزير والخمر، وكذا إذا كان غير مملوك كالحر ... والبيع بالخمر والخنْزير فاسد لوجود حقيقة البيع وهو مبادلة المال بالمال ... "[3].
فهناك فرق عند الحنفية بين الباطل والفاسد، وأن الباطل ما كان بحسب أصله باطلاً، والفاسد ما كان الخلل بحسب وصفه، وقالوا إن بيع الخنْزير باطل، ولا ينعقد أصلاً كما ورد في نص الاختيار لتعليل المختار، بخلاف البيع بالخنْزير حيث يكون البيع فاسداً، لأن الخلل في هذه الحالة يتعلق بوصف العقد، وليس بأحد أركانه المعتبرة عندهم وهي [1] الاختيار لتعليل المختار للموصلي 2/23. [2] العقد غير الصحيح عند الحنفية قد يكون باطلاً وقد يكون فاسداً.
فالعقد الباطل: هو ما اختل ركنه أو محله أو ما لم يشرع بأصله ولا بوصفه، كأن يكون أحد العاقدين فاقد الأهلية أو تكون الصيغة غير سليمة، أو يكون محل العقد غير قابل لحكم العقد شرعاً كبيع ما ليس بمال أو ما ليس مالاً متقوماً كالخمر والخنْزير والسمك في الماء.
وحكم الباطل: أنه لا يعد منعقداً أصلاً وإن وجدت صورته في الظاهر.
أما العقد الفاسد: هو ما كان مشروعاً بأصله دون وصفه أي كان صادراً ممن هو أهل له والمحل قابل لحكم العقد شرعاً والصيغة سليمة ولكن صاحب ذلك وصف منهي عنه شرعاً
وحكم الفاسد ثبوت الملك فيه بالقبض بإذن المالك صراحة أو دلالة. راجع: الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور/ وهبة الزحيلي 4/3089 – 3090. [3] ابن الهمام6 /402 – 403.