المطلب الرابع: شروط المعقود عليه "المبيع"
بما أن موضوع بحثنا هو بيع الأعيان المحرمة، وكما هو معلوم فإنه لا بد من توافر شروط معينة في كل ركن من أركان البيع، فسوف أذكر باختصار شروط المبيع عند الفقهاء، لأن المعقود عليه هو محل العقد وهو موضوع دراستنا.
الحنفية: يرون أنه يشترط في المعقود عليه عدة شروط، منها: كونه موجوداً حين العقد، وعلى هذا فلا يصح بيع المعدوم مثل بيع المضامين والملاقيح، ومنها: كونه مالاً، وقالوا إن المال هو ما يميل إليه الطبع، ويجري فيه البذل، فما ليس بمال ليس محلاً للبيع، وسبب اشتراطهم هذا الشرط لانعقاد البيع أنهم يعتبرون البيع مبادلة مال بمال، ومنها: كونه مملوكاً للعاقد ملكاً تاماً، أو مأذوناً في بيعه، فلا ينعقد البيع لما ليس بمملوك، ومنها: كون المبيع مقدوراً على تسليمه للمشتري، فلا ينعقد البيع إلاَّ إذا كان المبيع مقدور التسليم، وعلى هذا فلا ينعقد بيع الجمل الشارد ونحو ذلك، لما في هذا من الغرر المؤثر في العقد.
فقد جاء في بدائع الصنائع: "وأما الذي يرجع إلى المعقود عليه فأنواع: منها: أن يكون موجوداً، فلا ينعقد بيع المعدوم ... ومنها: أن يكون مالاً، لأن البيع مبادلة المال بالمال ... ومنها: أن يكون مملوكاً، لأن البيع تمليك فلا ينعقد فيما ليس بمملوك ... ومنها: أن يكون مقدور التسليم ... "[1].
المالكية: اشترطوا في المعقود عليه عدة شروط بحيث لا يصح العقد عند الإخلال بأحد هذه الشروط، سواء فيما يتعلق بالمبيع أم بالثمن، ومن هذه الشروط: كون المعقود عليه ثمناً، أو مثمناً طاهراً، فلا يصح بيع نجس العين كالميتة والدم والخنْزير، ولا المتنجس الذي لا يمكن تطهيره، ومنها: كونه مباحاً منتفعاً به انتفاعاً شرعياً، فلا يصح بيع غير المباح ولو مكروهاً، ولا بيع الحشرات لعدم الانتفاع بها، ومنها: كونه مقدوراً على تسليمه، فلا يصح بيع الآبق لعدم إمكان تسليمه، وكذا الطير في الهواء [1] الكاساني 5/138، 140، 146، 147.