أنواع "أحدها" نجس وهو الدم وما تولد منه" 1 "ولا يجوز بيع الخنْزير ولا الميتة ولا الدم ... "[2].
فبيع الدم عندهم باطل.
الموازنة: وهكذا نجد أن الفقهاء قد اتفقوا على تحريم بيع الدم، بناء على حرمة تناوله والانتفاع به، وأن الخلاف بينهم في سبب ذلك التحريم ووجه تعليله، فالجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة يرون أن سبب المنع من البيع إنما هو النجاسة، وذلك لأنهم يشترطون طهارة المبيع كي يصح البيع. خلافاً لمنهج الحنفية في وجه ذلك التعليل حيث وجدناهم يبنون هذا المنع على كونه محرماً، كما نصت بعض كتبهم، كالهداية للمرغيناني، أو المالية والتقويم في المبيع كما نصت بعض كتبهم كبدائع الصنائع والبحر الرائق وغيرهما[3]، لأنهم يرون جواز بيع النجس للانتفاع به.
وعلى هذا: فالمحقق فيما قاله الحنفية في هذا الشأن يجد أنهم في حقيقة الأمر لم يخالفوا ما عليه الجمهور في أصل منع بيع الدم، وإنما فقط كان لهم وجه في تعليل هذا المنع وهو عدم ماليته، في حين أن الجمهور قد اعتبروا سبب منع بيع الدم إنما هو نجاسته.
ولهذا انحصر الخلاف بين الفقهاء في أمر واحد هو وجه تعليل منع بيع الدم ما بين قائل بأنه لتحريمه والنهي عنه لنجاسة، أو لعدم ماليته.
وحكمة تحريم الدم ومنع بيعه: هي قذارته وضرره، وقد أثبت الطب الحديث ذلك، فهو مركز خصب للجراثيم والميكروبات، التي تشكل أسرع وسائل لنقل عدوى الأمراض، كالدودة الكبدية التي تتلف كبد الإنسان، والتي تنتقل إلى الإنسان من الحيوان عن طريق الدم[4].
1 ابن قدامة 1/734. [2] المرجع السابق 4/302. [3] الكاساني 5/141، وابن نجيم 6/115. [4] زاد المعاد في هدي خير العباد 4/239، في ظلال القرآن 1/156 – 157.