فالنبي صلى الله عليه وسلم أنكر مجرد مشابهتهم للكفار في اتخاذ شجرة يعكفون عليها معلقين عليها سلاحهم، فكيف بما هو أعظم من ذلك من مشابهتهم المشركين أو الشرك بعينه [1].
وفي ذلك يقول الطرطوشي: انظروا - رحمكم الله تعالى - أينما وجدتم سدرة أو شجرة يقصدها الناس ويعظمونها ويرجون البرء والشفاء من قبلها ويضربون بها المسامير والخرق، فهي ذات أنواط فاقطعوها [2].
وقال الحافظ أبو شامة: عند ذكره للبدع: ومنها ما قد عم به البلاء، من تزيين الشيطان للعامة تخليق الحيطان والعمد، وسرج مواضع مخصوصة من كل بلد يحكى لهم حاك أنه رأى في منامه بها أحد ممن اشتهر بالصلاح والولاية، فيفعلون ذلك ويحافظون عليه مع تضييعهم فرائص الله تعالى وسننه، ويظنون أنهم متقربون بذلك، ثم يتجاوزون هذا إلى أن يعظم وقع تلك الأماكن في قلوبهم فيعظمونها ويرجون الشفاء لمرضاهم وقضاء حوائجهم بالنذر لها، وهي بين عيون وشجر وحائط [3].
وبهذا يتضح أن الاعتقاد بمثل هذه الأشياء من الأنصاب التي هي من عمل الشيطان وقد أمر الله سبحانه وتعالى باجتناب ذلك وعلق الفلاح بهذا الاجتناب. فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ [1] انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (2/644) ، وإغاثة اللهفان لابن القيم (1/205) . [2] الحوادث والبدع للطرطوشي (33) . [3] الباعث على إنكار البدع لأبي شامة (25-26) ، وانظر: الأمر بالاتباع للسيوطي (53) .