الشرك، فضلاً عن علمهم بأن هذه الموالد مبدءة للمفاسد الأخلاقية ومجمع لكل رذيلة، وجلب المصالح للمجتمع كما يزعمون أو لبعض الأفراد لا يبرر مثل هذا العمل المنافي للدين الحنيف والأخلاق المستقيمة، فيتحتم إبطال هذه الموالد وهدم تلك الأضرحة والمشاهد، والقاعدة الشرعية تنص على أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
فمما تقدم من هذا العرض لمولد البدوي وما يفعل عند ضريحه يتضح كيف اتخذ وثناً يعبد من دون الله، وأصبح يحج إليه كما يحج إلى الكعبة المشرفة والمشاعر المقدسة، حيث جعلوه متصفاً بصفات المشاعر التي تؤدى فيها أعمال الحج فوصفوه بالكعبة الغراء، وأنه يقصد للزيارة وتقام فيه الشعائر كما تقدم فيه النذور والقربات والتي تكون بمقابل الهدي، وبتلك الدعاوى والصفات اكتسب هذه المشابهة، بل قد يكون أعظم عند أربابه
مما حدا بالسخاوي وهو في القرن التاسع أن يذكر قول الغوغاء 1 " جاء الحجاج السنة لسيدي أحمد من الشام وحلب ومكة.. أكثر من حجاج الحرمين " [2].
وما يفعل عند قبر البدوي يفعل عند قبر غيره من الأولياء المزعومين من حيث الطواف، والتمسح بأعتابها، والنذر، وغير ذلك من أمور العبادات التي لا تصرف إلا لله، وقد وقفت على ذلك وليس من رأى كمن سمع، وقلّ أن
1 ضعفاء العقول والجهلة من الناس. انظر: القاموس المحيط (1015) . [2] التبر المسبوك في ذيل السلوك للسخاوي (176) .