المطلب الثالث: الأدلة على بدعيتها:
لا شك أن الإسراء والمعراج من الآيات العظيمة والمعجزات الباهرة الدالة على صدق نبوته صلى الله عليه وسلم وعظم منزلته عند ربه جل وعلا، كما أنها من الدلائل على قدرته عز وجل وعلوه على خلقه. قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [1].
وقد جاءت الأخبار الصحيحة وتواترت عنه صلى الله عليه وسلم أنه عرج به إلى السماء ورأى من آيات ربه ما رأى [2] وهي من أكبر معجزاته صلى الله عليه وسلم.
ولكن ذلك لا يبرر الاحتفال بالإسراء والمعراج، فقد مكث صلى الله عليه وسلم بعد هذه المعجزة ولم يثبت أنه احتفل بها، أو أمر بذلك، ولم يفعلها أحد من صحابته ولا تابعيهم من السلف الصالح الذين هم أحرص الناس على اتباع سنته صلى الله عليه وسلم. فضلاً على أنه لم يثبت في تخصيص شهر رجب بعبادة خاصة، كما تقدم بيانه.
فالاحتفال بهذه الليلة وجعلها موسماً يقام كل عام بدعة محدثة تضاهي المواسم الشرعية.
وذلك أن اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية من البدع المحدثة التي نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: "إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة" [3]. [1] سورة الإسراء، آية (1) . [2] انظر: التحذير من البدع للشيخ عبد العزيز بن باز (7) . [3] تقدم تخريجه، ص (219) .