يوضح ذلك ما قاله البوصيري:
دع ما دعته النصارى في نبيهم ... وأحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم 1
أي: قل ما شئت من القول، ولا تقل: ثالث ثلاثة، أو أنه إله أو ابن إله، وفي ذلك يقول الشيخ سليمان بن عبد الله [2]: عندما تناول بعض أبيات البرعي 3 وهي على نظير تلك الأبيات ما نصه:
" وهذا بعينه هو الذي ادعته النصارى في عيسى عليه السلام إلا أن أولئك أطلقوا عليه اسم الإله، وهذا لم يطلقه ولكن أتى بلباب دعواهم وخلاصتها، وترك الاسم، إذ في الاسم نوع تمييز فرأى الشيطان أن الإتيان بالمعنى دون الاسم أقرب إلى ترويج الباطل وقبوله عند ذوي العقول السخيفة، إذ كان من المتقرر عند الأمة المحمدية أن دعوى النصارى في عيسى عليه السلام كفر، فلو أتاهم بدعوى النصارى اسماً ومعنى لردوه وأنكروه، فأخذ المعنى وأعطاه البرعي وأحزابه، وترك للنصارى وإلا فما ندري ماذا أبقى هذا المتكلم الخبيث للخالق تعالى وتقدس من سؤال مطلب أو تحصيل مأرب، فالله المستعان 4.
1 قصيدة البردة (155) ، ضمن مجموعة مولد شرف الأنام. [2] هو: سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، ولد في الدرعية، وكان عالماً في التفسير والحديث والفقه - وشى به بعض المنافقين إلى إبراهيم باشا عندما غزا الدرعية فأحضره وأظهر بين يديه آلات اللهو والمنكر إغاظة له، ثم أخرجه إلى المقبرة وأمر العساكر أن يطلقوا عليه الرصاص جميعاً فمزقوا جسده، وكان ذلك في سنة (1233) - رحمه الله -. انظر: عنوان المجد في تاريخ نجد (1/212-213) ، والأعلام (3/129) .