ومن استمع إلى إذاعات بعض الدول الإسلامية في ذلك الوقت أدرك حقيقة ما أشرت إليه.
ومن صور الاحتفال بالمولد اعتباره عيداً رسمياً تعطل فيه المصالح الحكومية عند بعض البلاد الإسلامية، كما تحتفل بعض الدول الإسلامية به رسمياً وتقيم لذلك موكباً خاصاً يتقدمه مسئول من الدولة حتى يصلوا إلى المكان المعد للاحتفال، وعادة ما يكون في أحد المساجد المشهورة، أو الميادين المعدة لذلك فتلقى الكلمات والقصائد والابتهالات التي يزعمون أنها دينية - بهذه المناسبة كما يحضرها أرباب الطرق الصوفية.
ثم تمد سمائط الأكل والحلوى فيتناول الحاضرون ما لذ وطاب، ثم ينصرفون بعد ذلك.
وهذا الفعل هو نظير ما كان يفعله الفاطميون بالاحتفال بالمولد [1]. وقد حكي ذلك أيضاً عن الملك المظفر في احتفاله ببعض الموالد أنه أعد سماطاً فيه خمسة آلاف رأس مشوي، وعشرة آلاف دجاجة، ومائة ألف زبدية، وثلاثين ألف صحن حلوي، وكان يحضر عنده في المولد أعيان العلماء والصوفية فيخلع، ويطلق لهم، ويعمل للصوفية سماعاً من الظهر إلى الفجر ويرقص بنفسه معهم، وكان يصرف على المولد في كل سنة ثلاثمائة ألف دينار [2]. [1] انظر: الخطط للمقريزي (1/433) . [2] انظر: البداية والنهاية (13/147) ، ووفيات الأعيان (4/117-119) ، وحسن المقصد للسيوطي (43-44) ، وقد يكون في هذا نوع مبالغة ولكن لا يستبعد وقوع مثل ذلك.