المبحث الرابع: أحكام البدع
لا شك في أن البدع كلها محرمة مذمومة بإطلاق، ولا بدعة حسنة كما تقدم تقرير ذلك، ولكن هذه البدع تتفاوت، وذلك بحسب إخلالها في الدين، وهي قسمين: بدعة مكفرة. وبدعة غير مكفرة.
فضابط البدعة المكفرة: من أنكر أمراً مجمعاً عليه متواتراً من الشرع، معلوماً من الدين بالضرورة، من جحود مفروض، أو فرض ما لم يفرض، أو إحلال محرم، أو تحريم حلال، أو اعتقاد ما ينزه الله ورسوله وكتابه عنه، من نفي أو إثبات؛ لأن ذلك تكذيب بالكتاب وبما أرسل به رسله، كبدعة الجهمية [1] في إنكار صفات الله عز وجل، والقول بخلق القرآن، أو خلق أي صفة من صفات الله، وإنكار أن يكون الله تعالى اتخذ إبراهيم خليلاً، وكلم موسى تكليماً وغير ذلك.
وكبدعة القدرية [2] في إنكار علم الله عز وجل، وأفعاله وقضائه وقدره وغير ذلك من الأهواء. [1] أتباع الجهم بن صفوان الضال المبتدع، قال الذهبي: هلك في زمان التابعين، وما علمته روى شيئاً، لكنه زرع شراً عظيماً، وكان هلاكه سنة 128هـ. [2] انظر عن القدرية وفرقها: الملل والنحل للشهرستاني (54) ، والبرهان في معرفة عقائد أهل الأديان للسكسكي (50) ، وعون المعبود (12/452ـ453) ، وشرح صحيح مسلم للنووي (1/150ـ151) ، ومجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية (7/384ـ385) .