نام کتاب : موسوعة الفقه المصرية نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 46
إتْلاَف
إتلاف الشىء لغة: إفناؤه، قال فى القاموس: تلف كفرح: هلك، وأتلفه أفناه وذهبت نفسه تلفا وطلفا أى هدرا، ورحل مخلف متلفه ومخلاف متلاف.
وفى لسان العرب: التلف الهلاك والعطب وأتلف فلان ماله إتلافا إذا أفناه إسرافا. والإتلاف فى اصطلاح الفقهاء هو، كما عرفه صاحب البدائع: أتلاف الشىء إخراجه من أن يكون منتفعا به منفعة مطلوبة منه عادة [1] .
أنواع الإتلاف وأحكامه:
تختلف أحكام الإتلاف باختلاف ما يرد عليه من أنواع وأحوال إذ هو كما قال صاحب بدائع الصنائع أما أن يرد على بنى أدم أو على غيرهم، وقال يجب الضمان فيما توفرت فيه الشروط الآتية:
1- أن يكون المتلف مالا فلا يجب الضمان بإتلاف الميتة والدم وجلد الميتة وغير ذلك مما ليس بمال.
2- أن يكون متقوما، فلا يجب مسلما بإتلاف الخمر والخنزير على المسلم سواء كان المتلف مسلما أو ذميا.
3- أن يكون المتلف من أهل وجوب الضمان عليه حتى لو أتلف مال إنسان بهيمة لا ضمان على مالكها لأن فعل العجماء جبار فكان هدرا ولا إتلاف من مالكها فلا يجب الضمان عليه.
4- أن يكون فى الوجوب فائدة فلا ضمان على المسلم بإتلاف مال الحربى ولا على الحربى بإتلاف مال المسلم فى دار الحرب، وكذا لا ضمان على العادل إذا
- أتلف مال الباغى ولا على الباغى اذا أتلف مال العادل لأنه لا فائدة فى الوجوب لعدم إمكان الوصول إلى الضمان لانعدام الولاية.
وتفصيلا لذلك وجمعا إجماليا لأهم ما جاءت به أمهات كتب الفقه للمذاهب الثمانية: الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية والإمامية والزيديه والإباضية فى هذا الموضوع أقول ما يجب فيه الضمان وما لا يجب من المتلفات. إتلاف الصيد
مذهب الحنفية:
يرى الحنفية انه اذا قتل المحرم صيدا أو دل عليه قاتله فعليه ضمانه اذا توفرت شروط الضمان، فان كان الإتلاف جزئياً فعليه قيمة ما نقصه الحيوان ما لم يقصد إصلاحه فان قصد إصلاحه فلا شىء عليه وأن مات، وكذلك الحكم علي هذا البيان اذا قتل الحلال صيد الحرم أو أتلف جزءا منه، فقد جاء فى ابن عابدين [2] ما نصه: فإن قتل محرمة صيدا أى حيوانا بريا متوحشا بأصل خلقته أو دل عليه قاتله مصدقا له غير عالم وأتصل القتل بالدلالة أو الإشارة والدال أو المشير باق على إحرامه وأخذه قبل إن ينفلت بدءا أو عودا سهوا أو عمدا مباحا أو مملوكا فعليه جزاؤه ولو سبعا غير صائل أو مستأنسا أو حمامات أو هو مضطر إلى أكله.
وجاء فى المصدر السابق [3] : ووجب بجرحه ونتف شعره وقطع عضوه ما نقص
ان لم يقصد الإصلاح، فان قصده كتخليص حمامة من سنور أو شبكة فلا شىء عليه وان ماتت.
وجاء فيه [4] : ووجبت نتف ريشة وقطع قوائمه وكسر بيضه وخروج فرخ ميت بالكسر وذبح حلال صيد الحرم وحلب
لبنه.. قيمة فى كل ذكر.
مذهب المالكية:
يرى المالكية ما يراه الحنفية من وجوب الضمان على المحرم اذا قتل الصيد أو أتلف جزءا منه ألا أنهم يرون فى الدلالة على الصيد إساءة فقط، ولا ضمان فيها وان أدت الى الإتلاف كما هو مشهور المذهب كما لا ضمان على المحرم فى اتلاف سباع الوحش.
فقد جاء فى التاج والإكليل للمواق [5] :
قال ابن شاش: يحرم صيد البر ما أكل لحمه وما لم يؤكل لحمه من غير فرق بين أن يكون مستأنسا له أو وحشيا مملوكا أو مباحا ويحرم التعرض لأجزائه وبيضه وليرسله أن كان بيده أو رفقته فان لم يرفع يده عنه حتى مات لزمه جزاؤه.
وجاء فيه: ما قتل المحرم من الصيد فعليه جزاؤه. قال ابن شاش: ولو لعله فى مخمصة ضمنه، وفى عدم الضمان بالدلالة ولو أدت الى اتلاف الصيد، قال الحطاب: دلالة محرم أو حل وكذا إن أعانه بمناولة سوط أو رمح إساءة لا جزاء فيها على المشهور، نقله فى التوضيح عن الباجى، واقتصر صاحب المدخل على القول بوجوب سبب الجزاء على المحرم فى دلالة المحرم على الصيد وفيمن أعطى سوطه أو رمحه لمن يقتل به صيدا.
وجاء فى التاج والإكليل عن التهذيب [6] :
إذا دل المحرم على صيد محرما أو حلالا فقتله المدلول عليه فليستغفر الدال ولا شىء عليه، وفى عدم الضمان على من أتلف شيئا من سباع الوحش قال: لا بأس أن يقتل المحرم سباع الوحش التى تعدو وتفترس وان لم تبتدئه ولا يقتل صغار ولدها التى لا تعدو أو لا تفترس، ثم قال: فله عندنا قتل الذئب والأسد والفهد والكلب العقور وكل ما يعدو.
مذهب الشافعية:
يرى الشافعية أنه جرم على المحرم اصطياد كل صيد مأكول برى طيرا أو غيره
كما يحرم ذلك علي المحل فى الحرم فإن أتلف أحدهما شيئا من ذلك ضمنه كما يضمن المحرم بالدلالة اذا كان الصيد فى يده فإن لم يكن فى يده وقتله المدلول أثم الدال فقط ولا ضمان عليه.
قال فى نهاية المحتاج [7] : الخامس من المحرمات اصطياد كل صيد مأكول برى من طير أو غيره كبقر وحش وجراد وكذا متولد منه ومن غيره كمتولد بين حمار وحشى وحمار أهلى وبين شاة وظبى إلى أن قال: وكذا يحرم فى الحرم على الحلال.
ثم قال: فان اتلف من حرم عليه ما ذكر صيداً مما ذكر وان لم يكن مملوكا ضمنه، وقيس بالمحرم الحلال فى الحرم، ثم قال: ولا فرق بين الناس للإحرام أو كونه فى الحرمة وجاهل الحرمة.
ثم قال: ولو دل المحرم آخر على صيد ليس فى يده فقتله أو أعانه بآلة أو نحوها أثم ولا ضمان، أو بيده- والقاتل حلال ضمن المحرم لأن حفظه واجب عليه ولا يرجع على القاتل.
مذهب الحنابلة:
يرى الحنابلة وجوب الضمان على من أتلف صيدا فى الحرم محرما كان أو حلالا، وأتلاف جزء منه أو أتلاف بيضه مضمون بقيمته، ويضمن أتلاف صيد الحرم بالدلالة والإشارة كما يضمن بالقتل ولا شئ بقتل صائل لم يمكن دفعه إلى بذلك.
قال فى المغنى والشرح الكبير [8] : وصيد الحرم حرام على الحلال والمحرم.. وفيه الجزاء على من يقتله، ويجزى بمثل ما يجزى به الصيد فى الإحرام، وما يحرم ويضمن فى الإحرام يحرم ويضمن فى الحرم ومالا فلا.
وقال: ومن قتل وهو محرم من صيد البر عامدا أو مخطئا فداه بنظيره من النعم إن كان المقتول دابة.
وقال: وإن كان طائرا فداه بقيمته فى موضعه..
وقال: وإن أتلف جزءا من الصيد وجب ضمانه لأن جملته مضمونة فكان بعضه مضمونا كالآدمى والأموال.
وقال: ويضمن بيض الصيد بيقيمته.
وقال فى الضمان بالدلالة أو الإشارة:
ويضمن صيد الحرم بالدلالة والإشارة كصيد الاحرام والواجب عليهما جزاء واحد نص عليه أحمد، وظاهر كلامه أنه لا فرق بين كون الدال فى الحل أو الحرم.
وقال القاضى: لا جزاء على الحال إذا كان فى الحل، والجزاء على المدلول وحده كالحلال إذا دل محرما على صيده.
مذهب الظاهرية:
قتل الصيد عند الظاهرية مبطل للحج إذا قتله عامدا ذاكرا لإحرامه وعليه الجزاء ومثله فى وجوب الجزاء المحل فى الحرم إذا كان عامدا ذاكر أنه فى الحرم ومثل ذلك الذمى، فإن انعدم شرط من ذلك فلا شئ عليه.
قال أبن حزم فى المحلى: ومن تصيد صيدا فقتله وهو محرم بعمرة أو بقبران. أو بحجة تمتع ما بين أول إحرامه إلى دخول وقت رمى جمرة العقبة أو قتله محرم أو محل فى الحرم فان فعل ذلك عامدا لقتله غير ذاكر لا حرامه أو لأنه فى الحرم أو غير عامد لقتله سواء كان ذاكرا لا حرامه أو لم يكن فلا شىء عليه لا كفارة ولا إثم وذلك الصيد جيفة لا يحل كله، فان قتله عامدا لقتله ذاكرا لإحرامه أو لأنه فى الحرم فهو عاص لله تعالى وجه باطل وعمرته كذلك.
قال الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم، ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم، يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة، أو كفارة طعام مساكين، أو عدل ذلك صياما، ليذوق وبال أمره، عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه ".
وقال: وأما المتعمد لقتل الصيد وهو محرم فهو مخير بين ثلاثة أشياء أيها شاء فعله، وقد أدى ما عليه: أما أن يهدى مثل الصيد الذى قتل من النعم، وان شاء أطعم مساكين وأقل ذلك ثلاثة، وان شاء نظر الى ما يشبع ذلك الصيد من الناس فصام بدل كل إنسان يوما إلخ.
وقال: فلو أن كتابيا قتل صيداً فى الحرم لم يحل أكله لقول الله تعالى: " وأن أحكم بينهم بما أنزل الله "، فوجب أن يحكم عليهم بحكم الله تعالى على المسلمين [9]إتلاف بيض النعام وغيره: لا شئ فيه ما لم يكن فيه فرخ حى، فجزاؤه مثله إن مات.
قال فى المحلى: وبيض النعام وسائر الصيد حلال للمحرم وفى الحرم، لأن البيض ليس صيداً ولا يسمى صيداً ولا يقتل، وإنما حرم الله تعالى على المحرم قتل صيد البر فقط، فإن وجد فيها فرخ ميت فلا جزاء له لأنه ليس صيدا ولم يقتله فان وجد فيها فرخ حى فمات فجزاؤه بجنين من مثله لأنه صيد قتله [10] . إتلاف صيد البحر
وما ليس بصيد
لا شىء فى إتلاف صيد البحر ولا فى اتلاف ما ليس بصيد.
قال فى المحلى: " وصيد كل ما سكن الماء من البرك أو الأنهار أو البحر أو العيون أو الآبار حلال للمحرم صيده وأكله [11] .
قال: وجائز للحرم فى الحل والحرم وللمحل فى الحرم والحل قتل كل ما ليس بصيد من الخنازير والأسد والسباع، والقمل والبراغيث وقردان بعيره أو غير بعيره، والحكم كذلك، وهو القراد العظيم.
مذهب الزيدية:
يرى الزيدية أن من محظورات الإحرام قتل الصيد البرى الوحشى إلا ما استثنى كما يحظر على الحلال فى الحرم فإن فعل أحدهما شيئا من ذلك عن عمد وكان الصيد مأمونا وحب الجزاء سواء كان القتل مباشرة أو بسبب أو دلالة أو إشارة بحيث إذا لم يفعل ذلك لما قتل فان فعل ذلك خطأ فلا جزاء فيه.
قال فى شرح الأزهار: من محظورات الإحرام قتل كل حيوان جنسه متوحش سواء كان صيدا أم سبعا كالظبى والضبع والذئب وأن تأهل، أى أستأنس، كما قد يتفق، فانه كالمتوحش فى التحريم، وأنما يحرما قتل المتوحش بشرط أن يكون مأمون الضرر، فأما لو خشى المحرم من ضرره جاز له قتله كالضبع حيث تكون مفترسة وعدت عليه، وكذا الأسد ونحوه إذا خاف ضرره، وذلك بأن يعدو عليه، فإن لم يعد لم يجز قتله وسواء قتله مباشرة أو تسبب بما لولاه لما انقتل نحو إن يمسكه حتى مات عنده أو حتى قتله غيره أو حفر له بئرا أو مد له شبكة أو يدل عليه أو يغرى به أو يسير إليه، ولولا فعله لما صيد.
وفى هذه الوجوه كلها يلزمه الجزاء والإثم إن تعمد إلا المستثنى وهى الحية والعقرب والفأرة والغراب والحدأة فإن هذه أباح الشرع قتلها وسواء المحرم والحلال وإلا الصيد البحرى فإنه يجوز للمحرم قتله وأكله، والأهلى من الحيوانات كالحمير والخيل وكل ما يؤكل لحمه فانه لا يجب الجزاء فى قتلها لأنها غير صيد والمحرم هو الصيد ونحوه وان توحش الأهلى لم يجب الجزاء فى قتله لأن توحشه لا يصيره وحشيا، والعبرة بالأم فان كانت وحشية فولدها وحشى وان كانت أهلية فولدها أهلى، ويلزم الإثم والجزاء حيث قتله عمدا لا خطأ، إذ الخطأ لا جزاء عليه والمبتدئ والعائد فه فى فضل الصيد على سواء فى وجوب الجزاء عليهما.
ولو قتله ناسيا لإحرامه لزمه الجزاء ويجب فى بيضة النعامة ونحوها اذا كسرها المحرم صوم يوم أو إطعام مسكين [12] .
مذهب الإمامية:
يحرم الإمامية. على المحرم وعلى المحل فى الحرم صيد الممتنع بأصله من حيوانات البر وقتلها مباشرة أو إعانة أو دلالة أو إشارة، ويوجبون الجزاء على من فعل ذلك ولو جاهلا أو ناسيا ويلزم غير المكلف بذلك فى ماله ولو اجتمعوا على إتلاف صيد فعلى كل جزاء.
فقد جاء فى الروضة البهية [13] :
وأما التروك المحرمة فثلاثون، صيد البر، وضابطه الحيوان الممتنع بالأصالة فلا يحرم قتل الأنعام وأن توحشت ولا صيد الضبع والنمر والصقر وشبهها من حيوان البر ولا الفأرة والحية ونحوهما ولا يختص التحريم بمباشرة قتلها بل يحرم الإعانة عليه ولو دلالة عليها وإشارة إليها بأحد الأعضاء وهى أخص من الدلالة ولا فرق فى تحريمها على المحرم بين كون المدلول محرما ومحلا ولا بين الخفية والواضحة، نعم، لو كان المدلول عالما به بحيث لم [14] يفده زيادة انبعاث عليها فلاحكم لها.
وقال: وفى الحمامة- وهى المطوقة أو ما تعب الماء- شاة على المحرم فى الحل ودرهم على المحل فى الحرم على المشهور ويجتمعان على المحرم فى الحرم.
وقال [15] : ولو أغلق على حمام وفراخ وبيض فكالإتلاف مع جهل الحال أو علم التلف فيضمن المحرم والمحل فى الحرم ولو باشر الإتلاف جماعة أو تسببوا فعلى كل فداء.
وقال [16] : ولا كفارة على الجاهل والناسى فى غير الصيد، أما فيه فيجب مطلقا حتى على غير المكلف بمعنى اللزوم فى ماله.
مذهب الإباضية:
المحل فى الحرم والمحرم ولو فى غير الحرم ممنوعان من صيد البر وقتله وعليهما الجزاء سواء كان القتل عمدا أو خطأ ولو دلالة عليه أو إشارة إليه.
قال فى كتاب النيل: منع المحرم والمحل من صيد الحرم.. ومن قتله وان أخطأ أو أشار إليه فاصيب أو أزمنه ولم يعلم بصحته بعد أو دل عليه أحدا أو حيوانا ففعل به شيئا مما ذكر لزمه الجزاء ولزم الاثنين أن قتلاه واحد أن أجتمعا عليه وإلا فعلى كل واحد يحكم به عدلان فقيهان [17] . إتلاف نبات الحرم
مذهب الحنفية:
قال ابن عابدين فى حاشيته [18] : اعلم أن النابت فى الحرم إما جاف أو منكسر أو اذخر أو غيرها، والثلاثة الأول مستثناة من الضمان.
وغيرها إما أن يكون أنبته الناس أولا، والأول لا شىء فيه سواء كان من جنس ما ينبته الناس كالزرع أو لا كأم غيلان، والثانى إن كان من جنس ما ينبتونه فكذلك وإلا ففيه الجزاء، فما فيه الجزاء هو النابت بنفسه وليس مما يستنبت ولا منكسرا ولا جافا ولا اذخرا، وما يتلف من الزرع النابت فى ملك الغير فيه قيمتان إحداهما للمالك والأخرى لحق الله.
مذهب المالكية:
قال فى التاج والإكليل [19] : وحرم بالحرم قطع ما ينبت بنفسه إلا الأذخر والسنا، قال ابن يونس: ولا يقطع أحد من شجر الحرم شيئا يبس أو لم ييبس من حرم مكة أو من المدينة، فإن. فعل فليستغفر الله ولا جزاء.
مذهب الشافعية:
جاء فى نهاية المحتاج [20] : ويحرم على محرم وحلال قطع أو قلع نبات الحرم الرطب وهذا صادق بما إذا كان القطع أو القلع علي وجه الإتلاف أو لا، مباحا كان أو مملوكا، الذى لا يستنبت أى من شأنه ألا يستنبته الآدميون بأن ينبت بنفسه كالطرفاء شجرا أو غيره لقوله صلى الله عليه وسلم:
" ولا يعضد شجره ولا يختلى خلاه " وهو بالقصر الحشيش الرطب وقيس بمكة باقى الحرم. إلى أن قال: والأظهر تعلق الضمان به أى بقطع نبات الحرم الرطب وبقطع الأشجار من ذكر الخاص بعد العام للاهتمام.
وفى المستنبت يقول صاحب نهاية المحتاج [21] :
والمستنبت وهو ما استنبته الآدميون من الشجر كغيره فى الحرمة والضمان على المذهب وهو القول الأظهر لعموم الحديث والثانى المنع تشبيها له بالزرع أى كالحنطة والشعير والبقول والخضراوات فانه يجوز قطعه ولا ضمان فيه بلا خلاف، قاله فى
المجموع.
قال: ويحل من شجر الحرم الأذخر لاستثنائه فى الحديث ومثل ذلك فى الحكم نبات البقيع.
قال صاحب نهاية المحتاج [22] فى باب إحياء الموات: أن من أتلف شيئا من نبات البقيع ضمنه على الأصح.
مذهب الحنابلة:
قال فى المغنى والشرح الكبير [23] : يجب فى إتلاف الشجر والحشيش-فى الحرم- الضمان.
قال: ولأنه ممنوع من إتلافه بحرمة الحرم فكان مضمرنا كالصيد، والشجرة الكبيرة مضمونة ببقرة والصغيرة بشاة، والحشيش بقيمته، والغصن بما نقص، ومن إتلاف الشجر فى الحرم قلعه من مكان وغرسه فى مكان آخر أدى إلى يبسه فيجب الضمان.
قال فى المغنى: ومن قلع شجرة من الحرم فغرسها فى مكان آخر فيبست ضمنها لأنه أتلفها.
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار [24] : وصيد الحرمين وشجرهما يجب فيهما القيمة على من قتل الصيد أو قطع الشجر، ويلزم الصغير والمجنون قيمة صيد الحرم وشجره إذا جنى على شىء من ذلك، لأن الجناية تلزم غير المكلف، وتسقط قيمة الشجرة إذا قلعها بالإصلاح لها بأن يردها إلى الحرم ويغرسها فيه.
مذهب الإمامية:
جاء فى الروضة البهية [25] : بعد أن قال وتجب شاة فى لبس الخفين، قال: وقلع شجرة من الحرم صغيرة غير ما استثنى، ولا فرق هنا بين المحرم والمحل.
وفى معنى قلعها قطعها من أصلها، والمرجع فى الصغيرة والكبيرة الى العرف والحكم بوجوب شىء للشجرة مطلقا هو المشهور، ومستنده رواية مرسلة.
ثم قال: وفى الشجرة الكبيرة عرفا بقرة فى المشهور ويكفى فيها. وفى الصغيرة كون شىء منها فى الحرم سواء كان أصلها أم فرعها ولا كفارة فى قلع الحشيش وإن أثم فى غير الأذخر وما أنبته الآدمى، ومحل التحريم فيها الإخضرار، أما اليابس فيجوز قطعه مطلقا لا قلعه أن كان أصله ثابتا، ويجوز تخلية الإبل وغيرها من الدواب للرعى فى الحرم وإنما يجرم مباشرة قطعه علي مكلف محرما أو غيره.
مذهب الإباضية:
يرى الإباضية أن إتلاف شجر الحرم ونباته الرطب محرم ومضمون، وهذا فى غير الأذخر وما يزرعه الآدمى أو يغرسه. جاء فى شرح كتاب النيل [26] : ولا يحل وأن لمحل شجر الحرم وصيده ولقطته وحلت لمعارفها ولا يحل خلاؤه وهو الرطب من النبات لا يحتش ويجوز رعيه، وجوز الأذخر، قيل ولزم بالدوحة بقرة وبالوسطى شاة وبقضيب درهم وبورقتها مسكين - أى إطعامه- وهذا إن لم يزرع أو يغرس.
قال: والأصل فى شجر الحرم إنه غير مستنبت، ففيه الجزاء حتى يصح بثقة أنه مستنبت ولا يحل شجره وإن أخرج للحل. إتلاف- المبيع
قد يحدث إتلاف المبيع من البائع أو من المشترى أو من أجنبى فيترتب عليه هلاكه وتلفه فإذا كان من أجنبى ضمنه بقيمته أو مثله لتعدية بإتلاف مال غيره وإذا كان من البائع قبل قبضه أنفسخ البيع ووجب رد الثمن إن قيض وإن كان من المشترى قبل قبضه عد بذلك قابضا له ولزمه الثمن، وإلى هذا ذهب الحنفية [27] وفى استيفاء أحكاما هذا الموضوع وتفصيلها يرجع إلى مصطلح تلف المبيع فى مصطلح بيع. إتلاف الرهن فى يد المرتهن
إن كان من أجنبى فهو اعتداء على مال الغير يوجب ضمانه بمثله أو بقيمته علي حسب ما سبق بيانه ويكون بدله رهنا مكانه وكذلك إن كان من المرتهن لأن " المرتهن بالنسبة إليه غير مالك فكان ذلك منه اعتداء على مال الراهن يوجب عليه ضمانه بمثله أو بقيمته وبذلك يصير المرتهن مدينا للراهن بذلك مع كونه دائنا له من قبل وفى تفرقى الدينين، وأحكام ذلك تفصيل يرجع إليه فى أحكام اعتداء المرتهن على الرهن " مصطلح رهن ".
أما إن كان الإتلاف من الراهن فإنه بعد اعتداء على مال له تعلق به حق المرتهن من ناحية أنه قد صار بعقد الرهن ضمانا لدينه وتوثيقا له ومحلا لاستيفائه منه واختصاصه به عند التنازع فوجب لذلك ضمانه ليكون ضمانه رهنا فى يد المرتهن والى هذا ذهب الحنفية [28] وفى تفصيل أحكام ذلك يرجع إلى مصطلح رهن " هلاكه". إتلاف المسلط على المال إتلاف الأجير لما في يده
من مال مؤجره:
الأجير إن كان خاصا فهو أمين فلا ضمان عليه إلا بالتعدى أو بالتقصير عند جميع المذاهب ومع هذا فما يتلف من مال مؤجره بعمله يضمنه، إن كان فيه مقصرا تجاوز الحد المألوف المعروف المأذون فيه بحكم العرف والعادة وإلا لم يضمن.
وفى الدر المختار: ولا يضمن الأجير الخاص ما هلك بعمله كتخريق الثوب من دقة فى القصارة إلا إذا تعمد الفساد [29] .
وإن كان مشتركا ضمن ما يتلف بعمله لأنه إنما أذن بالعمل المصلح المؤدى إلى المقصود من العقد وهو المعقود عليه حقيقة لا المؤدى إلى التلف، ألا ترى أن ذلك العمل لو حصل بفعل الغير يجب به الأجر وعلى ذلك لم يكن المفسد مأذونا فيه فيجب فيه الضمان.
وذهب زفر إلى أنه لا ضمان عليه لأنه أمر بالفعل مطلقا فينتظم العمل بنوعية المعيب والسليم كالأجير الخاص وإلى هذا ذهب الحنفية [30] .
وفى تفصيل أحكام هذا الموضوع وبيانها فى المذاهب يرجع إلى مصطلح ضمان "أجير فى الإجارة " الإتلاف بالسراية
ومثالها فى الجرح حدوث مضاعفات غير منتظرة تؤدى إلى التلف.
مذهب الحنفية:
قال صاحب الهداية: وإذا فصد الفصاد أو بزغ البزاغ (البيطار، وهو الخاص بالبهائم) ولم يتجاوز الموضع المعتاد فلا ضمان عليه فيما عطب من ذلك، وفى الجامع الصغير. بيطار بزغ دابة بدانق فنفقت أو حجام حجم عبدا بأمر مولاه فمات فلا ضمان عليه.
قال صاحب الهداية: ووجهه أنه لا يمكنه التحرز عن السراية لأنه يبتنى، على قوة الطبائع وضعفها فى تحمل الألم فلا يمكن التقيد بالمصلح من العمل، ولا كذلك دق الثوب ونحوه لأن قوة الثوب ورقته تعرف بالاجتهاد، فأمكن القول بالتقييد.
وقال صاحب الدر المختار: ولا ضمان على حجام وبزاغ وفصاد لم يجاوز الموضع المعتاد، فان جاوز المعتاد ضمن الزيادة كلها اذا لم يهلك المجنى عليه وان هلك ضمن نصف دية النفس لتلفها، بمأذون فيه وغير مأذون فيه.
ثم فرع عليه بقوله فلو قطع الختان الحشفة وبرئ المقطوع تجب عليه دية كاملة لأنه لما برئ كان عليه ضمان الحشفة وهى عضو كامل كاللسان، وأن مات فالواجب علية نصفها لحصول تلف النفس بفعلين:
أحدهما مأذون فيه وهو قطع الجلدة، والآخر غير مأذون فيه وهو قطع الحشفة فيضمن النصف [31] .
مذهب المالكية:
قال المالكية: ما يتلف بالسراية إن كان بسبب مأذون فيه ولا جهل فيه ولا تقصير فلا ضمان، فان حدث عن جهل أو تقصير أو لم يؤذن له بمزاولة ذلك العمل وجب الضمان.
قال فى التاج والإكليل هامش الحطاب [32] .
فى كتاب موجبات الضمان والنظر فى ضمان سراية الفعل، قال أبن القاسم: لا ضمان على طبيب وحجام وخاتن وبيطار إن مات حيوان بما صنعوا به إن لم يخالفوا وضمن ما سرى كطبيب جهل أو قصر، ومثل الطبيب الخاتن والبيطار كلما يضمن لو بلا إذن معتبر.
ونقل التاج والإكليل قول المدونة: من أرسل فى أرضه نارا أو ماءا فوصل إلى أرض جاره فأفسد زرعه فإن كانت أرض جاره بعيدة يؤمن أن يوصل ذلك إليها فتحاملت النار بريح أو غيره فاحترقت فلا شئ عليه وأن لم يؤمن من ذلك لقربها فهو ضامن.
مذهب الشافعية:
قال الشافعية: الإتلاف بالسراية إذا كان ناشئا عن جناية كان مضمونا ولا ضمان إذا كان بسبب مأذون فيه ولم يحدث خطأ وكان ذا علم بما يمارسه.
قال صاحب نهاية المحتاج. فإن جنى عليه بتعد وهو بيد مالكه أو من يخلفه وتلف بسراية من تلك الجناية فالواجب أقصى القيمة من وقت الجناية إلى التلف لأن ذلك إذا وجب فى اليد العادية ففى الإتلاف أولى [33] .
وقال صاحب نهاية المحتاج [34] : ومن عالج كأن حجم أو فصد بإذن ممن يعتبر إذنه فأفضى إلى تلف لم يضمن وإلا لم يفعله أحد ولو أخطأ الطبيب فى المعالجة وحصل منه التلف وجبت الدية على عاقلته وكذا من تطبب بغير علم كما قاله فى الأنوار لخبر من تطبب ولم يعرف الطب فهو ضامن.
مذهب الحنابلة:
لا ضمان لما تلف بسبب السراية إذا حذقت الصنعة ولم يحدث تفريط وإلا ضمن قال فى المغنى والشرح الكبير [35] : وإذا فعل الحجام والختان والمتطبب ما أمروا به لم يضمنوا بشرطين أحدهما أن يكونوا ذوى حذق فى صناعتهم ولهم بها خبرة ومعرفة لأنه اذا لم يكن كذلك لم يحل له مباشرة القطع وإذا قطع مع هذا كان فعلا محرما فيضمن سرايته كالقطع ابتداء، الثانى ألا تجنى أيديهم فيتجاوزوا ما ينبغى إن يقطع فإذا وجد هذان الشرطان لم يضمنوا لأنهم قطعوا قطعا مأذونا فيه فلم يضمنوا سرايته كقطع الإمام يد السارق فإما إن كان حاذقا وجنت يده مثل إن تجاوز قطع الختان إلى الحشفة أو إلى بعضها أو قطع فى غير محل القطع أو فى وقت لا يصلح فيه القطع وأشباه هذا ضمن فيه كله لأنه إتلاف لا يختلف ضمانه بالعمد والخطأ فأشبه إتلاف المال ولأن هذا فعل محرم فيضمن سرايته كالقطع ابتداء.
مذهب الزيدية: التلف الحادث عن سراية لا ضمان فيه إذا كان الفعل معتادا وحدث من حاذق بصير. فقد جاء فى شرح الأزهار [36] : لا أرش للسراية عن المعتاد من بصير فإذا استؤجر الخاتن أو نحوه فحصل مضرة من عمله لم يضمن بشروطـ ثلاثة:
الأول: أن يكون عن سراية، فلو كانت عن مباشرة نحو إن يقطع حشفة الصبى ضمن عمدا كان أو خطأ.
الشرط الثانى: أن يفعل المعتاد، فلو فعل غير المعتاد ضمن.
الشرط الثالث: أن يكون بصيراً، فلو كان متعاطبا، أى غير متدرب، ضمن.
أو إذا كان الفعل جناية وسرت الى ذى مفصل وجب القصاص اذا توافرت شروطه وبالعكس يسقط القصاص.
قال فى شرح الأزهار [37] : يجب القصاص بالسراية إلى ما يجب فيه فلو جرح إنسان فى غير مفصل ثم سرت الجناية إلى ذى مفصل فأتلفته وجب القصاص ويسقط بالعكس.
مذهب الإمامية:
جاء فى الروضة البهية [38] : الطبيب يضمن فى ماله ما يتلفه بعلاج نفسا وطرفا لحه ميل ائتلفه المستند الى فعله وأن احتاط واجتهد وأذن المريض.
وقال ابن إدريس لا يضمن مع العلم والاجتهاد للأصل ولسقوطه بإذنه ولأنه فعل سائغ شرعا فلا يستصحب ضمانا.
وقد روى أن أمير المؤمنين ضمن ختانا قطع حشفة غلام ولو أبرأه المعالج من الجناية قبل وقوعها فالأقرب الصحة لمسيس الحاجة إلى مثل فى لك إذ لا غنى عن العلاج وإذا عرف الطبيب أده لا مخلص له عن الضمان توقف عن العمل مع الضرورة إليه فكان من الحكمة شرع الإبراء دفعا للضرورة ولرواية السكونى عن أبى عبد الله قال: قال أمير المؤمنين: من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليه وإلا فهو ضامن، وإنما ذكر الولى لأنه هو المطالب على تقدير التلف، فلما شرع الإبراء قبل الاستفزاز صرف إلى من يتولى المطالبة.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل [39] : الطبيب والختان والبيطار وخالع الضرس والحجام لا ضمان عليهم إن لم يتعدوا وإن أخطأوا فالدية على العاقلة، وفى نفس المصدر [40] قال: ولزم طبيبا وخاتنا وحجاما. وبيطارا أو نحوهم أن تلف أحد بمعالجتهم قود أن زادوا على ما أمروا به فى الطب والصناعة، وقيل لا قود بل الدية وإن لم يزيدوا فلا قود ولا دية، وقيل القود فيمن عالج الطب أو الختن أو نحو ذلك ولم يتقنه ولو لم يزد على ما أمر وجاء فى شرح النيل [41] : ما فعله بمداواة أو معالجة حيث جاز له كقطع وكى وفصد وختن وبيطرة إذا أخطأ فى ذلك فنتج عنه هلاك فيلزمه الضمان لا الإثم وقيل يلزم العاقلة وقيل بيت المال وقيل فى خطأ الختان لا ضمان ولا أثم. إتلاف المغصوب له ينظر " غصب ".
ضمان المتلفات بعد غصبها
وبيان القيمة الواجبة ووقتها
مذهب الحنفية:
قال صاحب الدر المختار [42] : ويجب رد مثل المغصوب أن هلك وهو مثلى وأن أنقطع المثل بأن لا يوجد فى السوق الذى يباع فيه وإن كان يوجد فى البيوت فقيمته يوم الخصومة أى وقت القضاء. وعند أبى يوسف يوم الغصب، وعند محمد يوم الانقطاع ورجحه تهستانى، وتجب القيمة فى القيمى يوم غصبه إجماعا.
مذهب المالكية:
جاء فى كتاب " بلغة السالك لأقرب المسالك " [43] : وضمن الغاصب بالاستيلاء مثل المثلى وقيمة المقوم من عرض أو حيوان وقيمة ما ألحق بالمقوم من المثليات
وقال: وأما الكلب غير المأذون فيه فلا قيمة له، ومثل الغاصب- من أتلفها أو عيبها". قال: أى هذه المذكورات المتقدمة.
لكن فى الإتلاف يلزم القيمة بتمامها إن كان مقوما والمثل إن كان مثليا.
وقال فى نفس المصدر [44] : الموهوب له يرجع عليه بمثل المثلى وقيمة المقوم وتعتبر القيمة يوم الجناية، وأما الغاصب فيوم الغصب.
مذهب الشافعية:
جاء فى نهاية المحتاج [45] : ما يأتى: تضمن نفس الرقيق بقيمته بالغة ما بلغت تلف أو أتلف تحت يد عادية، وسائر الحيوان بالقيمة وأجزاؤه بما نقص منها، وغير الحيوان من الأموال مثلى ومتقوم، فيضمن المثلى بمثله ما لم يتراضيا على قيمته، فإن تعذر المثل فالقيمة.
والأصح أن المعتبر أقصى قيمة من وقت الغصب إلى تعذر المثل، أما لو كان المثل فيها مفقودا عند التلف فيجب الأكثر من الغصب إلى التلف.
قال: ومقابل الأصح عشرة أوجه.
الوجه الثانى: يعتبر الأقصى من الغصب إلى التلف.
والثالث من التلف إلى التعذر.
والرابع: الأقصى من الغصب إلى تغريم القيمة والمطالبة بها.
والخامس: الأقصى من انقطاع المثل إلى المطالبة.
والسادس: الأقصى من التلف إلى المطالبة.
والسابع: الاعتبار بقيمة اليوم الذى تلف فيه المغصوب.
والثامن: بقيمة يوم الأعواز.
والتاسع: بقيمة يوم المطالبة.
والعاشر: إن كان منقطعا فى جميع البلاد فالاعتبار بقيمة يوم الإعذار، وإن فقد فى تلك البقعة فالاعتبار بيوم الحكم بالقيمة قال [46] : وأما المتقوم فيضمنه بأقصى قيمة من الغصب إلى التلف، وفى الإتلاف بقيمة يوم التلف.
مذهب الحنابلة:
قال فى المغنى والشرح الكبير [47] : قال القاضى: ولم أجد عن أحمد رواية بأن المغصوبات تضمن بأكثر القيمتين لتغير الأسعار، فعلى هذا تضمن بقيمتها يوم التلف، رواه الجماعة عن أحمد وعنه أنها تضمن بقيمتها يوم الغضب لأنه الوقت الذى أزال يده عنه فيلزمه القيمة حينئذ كما لو أتلفه.
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار [48] قوله: وإذا تلف المغصوب وجب على الغاصب فى تالف
المثلى مثله إن وجد فى ناحيته، وألا يوجد المثل فى الناحية فقيمته يوم الطلب، وصح للغاصب تملكه، فان لم يصح للغاصب تملكه نحو أن يغصب حرا على ذمى فقيمته تجب عليه يوم الغصب.
ثم قال: وأما إذا كان التالف قيميا فالواجب قيمته يوم الغصب لا يوم التلف.
مذهب الإمامية:
جاء فى الروضة البهية قوله [49] : " ويجب رد المغصوب ما دامت العين باقية يمكنه
ردها سواء كانت علي هيئتها يوم غصبها أم زائدة أم ناقصة، فان تعذر رد العين لتلف ونحوه ضمنه الغاصب بالمثل إن كان المغصوب مثليا، وإلا يكن مثليا فالقيمة العليا من حين الغصب إلى حين التلف.
وقيل يضمن الأعلى من حين الغصب إلى حين الرد، أى رد الواجب وهو القيمة، وهذا القول مبنى على أن القيمى يضمن بمثله كالمثلى، وإنما ينتقل إلى القيمة عند دفعها لتعذر المثل فيحسب أعلى القيم إلى حين دفع القيمة لأن الزائد فى كل آن سابق من حين الغضب مضمون تحت يده.
وقيل إنما يضمن بالقيمة يوم التلف لا غير لأن الواجب زمن بقائها أنما هو رد العين والغاصب مخاطب بردها حينئذ زائدة كانت أم ناقصة من غير ضمان شىء من النقص إجماعا.
فإذا تلفت وجبت قيمة العين وقت التلف لانتقال الحق إليها حينئذ لتعذر البدل.
ونقل المحقق فى الشرائع عن الأكثر أن المعتبر القيمة يوم الغصب بناء على أنه أول وقت ضمان العين. إتلاف مال الغير إتلاف الخير والخنزير
مذهب الحنفية:
قال صاحب الدر المختار [50] : خصر المسلم وخنزيره بأن أسلم وهما فى يده إذا أتلفهما مسلم أو ذمى نر ضمان، وضمن. المتلف المسلم قيمتهما لذمى لأن الخمر فى حقنا قيمى حكما ...
قال ابن عابدين: أما الذمى فيضمن مثل الخمر وقيمة الخنزير، وقال نقلا عن الكافى: إذا أتلف المسلم الخنزير علي ذمى فلا ضمان عليه عنده خلافا لهما.
مذهب الشافعية:
قال صاحب نهاية المحتاج [51] : ولا تضمن الخمر المغصوبة ولو محترمة لذمى لانتفاء قيمتها كسائر النجاسات ولا تراق على ذمى ألا أن يظهر شربها أو بيعها أو هبتها أو نحو ذلك، ولو من مثله بأن يطلع عليه من غير تجسس، وتراق عليه، وآلة اللهو والخنزير مثلها فى ذلك.
قال الإمام: وبأن يسمع الآلة من ليس فى دارهم، أى محلتهم ومحله حيث كانوا
بين أظهرنا وإن انفردوا بمحلة من البلد، فإن انفردوا ببلد أى بأن لم يخالطهم مسلم كما هو ظاهر لم تتعرض لهم وترد عليه عند أخذها ولم يظهرها إن بقيت العين لإقراره عليها، وكذا المحترمة وهى التى عصرت لا بقصد الخمرية فشمل ما لو لم يقصد شيئا على الأصح أو قصد الخلية أى صيرورتها خلا.
ثم قال المؤلف: وقولهم على الغاضب إراقة الخمر محمول على ما لو كانت بقصد الخمرية لعدم احترامها وإلا فلا يجوز أراقتها.
وقال: إذا غصبت من مسلم يجب ردها ما دامت العين باقية إذ له إمساكها لتصير خلا، أما غير المحترمة وهى ما عصر بقصد الخمرية فتراق ولا ترد عليه.
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى والشرح الكبير [52] : وإن غصب خمر ذمى لزمه ردها لأنه يقر على شربها فإن أتلفها لم يلزمه قيمتها سواء أتلفه مسلم أو ذمى وسواء كان لمسلم أو ذمى نص عليه أحمد فى رواية أبى الحارث فى الرجل يهريق مسكرا لمسلم أو لذمى فلا ضمان عليه وكذا الخنزير.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى لابن حزها قوله [53] : ومن كسر إناء فضة أو ذهب فلا شئ عليه وقد أحسن، لنهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وكذلك من أهرق خمراً المسلم
أو لذمى إذ لا قيمة للخمر، وقد حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعها وأمر بهرقها فما لا يحل بيعه ولا ملكه فلا ضمان عليه.
وقال [54] : لا يحل كسرونى الخمر ومن كسرها من حاكم أو غيره فعليه ضمانها لكن تهرق وتغسل الفخار.
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار [55] : ويجب أن يريق خمرا رآها له أو لمسلم غيره.
قال فى الحاشية: أو لذمى غير مقرر أى إذا كان فى بلد ليس لهم سكناها ولو كان ابتداء عصرها وقع بنية الخل لكنه كشف. الغطاء فوجده لم تكتمل خليته بل هو خمر فإنه يلزمه إراقته "، ولو كان عصره بنية الخمر ثم لم يشاهده خمرا فإنه يلزمه إراقته.
مذهب الإمامية:
جاء فى الروضة البهية [56] : إذا أتلف كلب الصيد ففى ذلك أربعون درهما على الأشهر، وقيل الواجب فيه قيمته كغيره من الحيوان، وفى كلب الحراسة عشرون درهما
أو قيمته، ولو أتلف الخنزير ضمن للذمى مع الاستتار به بقيمته عند مستحله إن أتلفه وأرشه كذلك أن أعابه وكذا لو أتلف المسلم على الذمى المستتر خمرا أو آلة
لهم مع استتاره بذلك، فلو أظهر شيئا منهما فلا ضمان على المتلف مسلما كان أم كافرا فيهما "..
مذهب الإباضية: إتلاف خمر الذمى الذى لم يظهرها يوجب الضمان، فإن أظهرها فلا ضمان على متلفها.
جاء فى شرح النيل قوله: وان أفسد لذمى ضرا لم يظهرها فإن ذلك غصب، ويغرم له قيمتها، وإن أظهرها فلا شىء على مفسدها وليس ذلك غصبا [57] . إتلاف النجاسات المنتفع بها:
مذهب الحنفية:
قال صاحب الدر المختار [58] : وفى الأشباه الفحم واللحم ولو نيئا، والأجر قيمى، وفى حاشيتها لابن المصنف هنا، وفيما يجلب التيسير معزيا للفصولين وغيره، وكذا الصابون والسرقين والورق والإبرة والإهاب والجلد والدهن المتنجس، مضمون بالقيمة.
وقال [59] فى نفس المصدر: ولا ضمان فى ميتة ودم أصلا ولو لذمى إذ لا يدين بتمولها أحد من أهل الأديان، وهذا فى الميتة حتف أنفها لأن ذبيحه المجوسى ومخنوقته وموقوذته يجوز بيعها عند أبى يوسف خلافا لمحمد، فينبغى أن يجب الضمان وجزم به فى الكفاية ابن عابدين.
وقال [60] : ولا ضمان بإتلاف الميتة ولو لذمى ولا بإتلاف متروك التسمية عمدا ولو لمن يبيحه كشافعى لأن ولاية المحاجة ثابتة.
مذهب الشافعية:
النجاسات عندهم غير مضمونة، قال فى نهاية المحتاج: ولا تضمن الخمر ولو محترمة لذمى لانتفاء قيمتها كسائر النجاسات، ومثل ذلك الدهن والماء إذا تنجسا.
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى [61] ما يلى: " وإن أتلفه الخمر أو تلفت عنده لم يجب ضمانها، لما روى أبن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه ".
ولأن ما حرم الانتفاع به لم يجب ضمانه كالميتة والدم.
وقال فى المصدر نفسه [62] إذا أتلف جلد الميتة أو أتلف ميتة بجلدها لم يضمن لعدم التقوم، لعدم حل البيع فى هاتين الحالتين، وقال: وإن أتلف كلبا يجوز إقتناؤه لم يغرمه.
مذهب الزيدية:
قال فى شرح الأزهار [63] : "والمتنجس وهو الذى عينه طاهرة فطراً عليها نجاسة فهو أما متعذر الغسل، كالمائعات من ماء وسمن ونحوها فرجس حكمه حكم نجس العين فى تحريم الانتفاع به وعدم جواز بيعه، لكن يراق "
قال فى الهامش: ندبا، وقيل وجوبا، وهذا يفيد عدم الضمان بالإتلاف. إتلاف آلات اللهو وصليب الذمى ونحوها وطيل الغزاة ودف العرس
مذهب الحنفية:
جاء فى الدر المختار: وضمن بكسر معزف قيمته خشبا منحوتا صالحا لغير اللهو.
قال ابن عابدين: وصح بيع هذه الأشياء لأنها أموال متقومة لصلاحيتها للانتفاع بها لغير اللهو فلم تناف الضمان بخلاف الخمر فإنها حرام لعينها.
وقال: وضمن اتفاقا لو كسر صليب ذمى قيمته بالغة ما بلغت لأنه مال متقوم فى حقه.
وقال: وأما طبل الغزاة والصيادين والدف الذى يباح ضربه فى العرس فمضمون اتفاقا، ومثل ذلك كبش نطوح وحمامة طيارة وديك مقاتل حيث يجب قيمتها غير صالحة لهذا الأمر [64] .
مذهب المالكية:
جاء فى التاج والأكليل هامش الحطاب [65] قوله من شروط المسروق أن يكون محترما فلا قطع على سارق الخمر والخنزير ولا على سارق الطنبور من الملاهى والمزامير والعود وشبهه من آلات اللهو ألا إن يكون فى قيمة ما يبقى منها بعد إفساد صورتها وإذهاب المنفعة المقصودة بها ربع دينار فأكثر. وهذا يفيد وجوب ضمان قيمته بإتلافه.
مذهب الشافعية:
قال صاحب نهاية المحتاج " والأصنام والصلبان وآلات الملاهى كطنبور ومثلها الأوانى المحرمة لا يجب فى إبطالها شئ لأن منفعتها محرمة والمحرم لا يقابل بشىء مع وجوب إبطالها على القادر عليه- أما آلة لهو غير مخرمة كدف فيحرم كسرها ويجب أرشها.
والأصح أنها لا تكسر الكسر الفاحش لا مكان إزالة الهيئة المحرمة مع بقاء بعض المالية بل تفصل لتعود كما قبل التأليف لزوال أسمها وهيئتها المحرمة بذلك- والرأى الثانى لا يجب تفصيل الجميع بل بقدر ما يصلح للاستعمال- فان عجز المنكر عن رعاية هذا الحد فى الإنكار بسبب منعه من صاحب الآلة لقوته أبطله كيف تيسر ولو بإحراق تعين طريقا وإلا فبكسر فإن أحرقها ولم يتعين غرم قيمته مكسورة بالحد المشروع لتمول رضاضها - أى ما تخلفه عنها- واحترامه بخلاف ما لو جاوز الحد المشروع مع إمكانه فانه لا يلزمه سوى التفاوت بين قيمتها مكسورة بالحد المشروع
وقيمتها متهيئة الى الحد الذى أتى به.
ويجرى ما تقرر من الأبطال كيف تيسر وقال العلامة شمس الدين الرملى فى كتابه نهاية المحتاج- ولو أتلف ديك الهراش أو كبش النطاح ضمنه غير مهارش ولا ناطح [66] .
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى والشرح الكبير [67] :- وإن كسر صليبا أو مزمارا أو طنبورا أو صنما لم يضمنه.
مذهب الظاهرية:
وجاء فى المحلى [68] : وبيع الشطرنج والمزامير والمعازف والطنابير حلال كله ومن كسر شيئا من ذلك ضمنه ألا إن يكون صورة مصورة فلا ضمان على كاسرها.
مذهب الزيدية:
قال فى شرح الأزهار [69] : يجب أن تمزق وتكسر آلات الملاهى التى لا توضع فى العادة إلا لها كرقعة الشطرنج والمزمار والطنبور ونحوه وأن نفعت فى مباح.
فأما إذا كان معمولا للمباح والمحظور كالقدح والقارورة ونحوهما لم يجز كسرها لغير أهل الولايات ويرد من المكسور التى حصلت من آلات اللهو ما له قيمة وأما إذا كانت
لا قيمة لها بعد التكسير لأجل انه لا ينتفع بها بوجه من الوجوه فلا وجه لردها إلا أن يرى صاحب الولاية أخذه عليه عقوبة له على معصية جاز له ذلك. ويصرفه فى المصالح.
مذهب الإمامية:
يضمن المسلم ما أتلفه من آلة لهو لذمى مستتر بها فان أظهرها فلا شىء على متلفها مسلما كان أو كافرا [70] .
10- إتلاف الوديعة: (انظر وديعة) .
11- إتلاف اللقطة (انظر لقطة) .
12- إتلاف اللقيط (انظر لقيط) .
13- إتلاف الشريك (انظر شركة) .
14- إتلاف الموقوف (انظر وقف) .
15- إتلاف العارية (انظر عارية) .
" الإتلاف من البغاة والإتلاف عليهم ".
مذهب الحنفية:
جاء فى بدائع الصنائع: قوله: [71] من شروط وجوب الضمان أن يكون فى الوجوب فائدة فلا ضمان على المسلم بإتلاف مال الحربى ولا على الحربى بإتلاف مال المسلم فى دار الحرب وكذا لا ضمان على العادل إذ أتلف مال الباغى ولا على الباغى إذا أتلفه مال العادى لأنه لا فائدة فى الوجوب لعدم إمكان الوصول إلى الضمان لانعدام الولاية.
مذهب المالكية:
جاء فى التاج والإكليل نقلا عن المدونة (72)
ولم يضمن متأول أتلف نفسا ومالا ثم قال: والخوارج إذا خرجوا فأصابوا الدماء والأموال ثم تابوا ورجعوا وضعت الدماء عنهم ويؤخذ منهم ما وجد بأيديهم من مال بعينه وما استهلكوه لم يتبعوا به ولو كانوا أملياء لأنهم متأولون.
مذهب الحنفية:
قال فى نهاية المحتاج [73] - وما أتلفه باغ على عادل وعلمه أن لم يكن ذلك فى القتال ولم يكن من ضرورته ضمن متلفه نفسا ومالا وقيده الماوردى بما إذا قصد أهل العدل التشفى والإتنقام لا إضعافهم وهزيمتهم وإلا فلا ضمان لأمر العادل بقتالهم ولأن الصحابة رضى الله عنهم لم يطالب بعضهم بعضا بشىء نظرا للتأويل وفى نفس المصدر
قال: والمتأول بلا شوكة لا يثبت له شئ من أحكام البغاة فحينئذ يضمن ما أتلفه ولو فى القتال كقطاع الطريق وعكسه وهو مسلم له شوكة لا بتأويل كباغ فى عدم الضمان لما أتلفه فى الحرب أو لضرورتها.
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى والشرح. الكبير [74] إذا لم يمكن دفع أهل البغى إلا بقتلهم جاز قتلهم ولا شىء على من قتلهم من إثم ولا ضمان ولا كفارة لأنه فعل ما أمر به وقتل من أحل الله قتله وأمر بمقاتلته، وكذلك ما أتلفه أهل العدل عل أهل البغى حال الحرب من المال لا ضمان فيه لأتهم إذا لم يضمنوا الأنفس فالأموال أولى ثم قال: وليس على أهل البغى أيضا ضمان ما أتلفوه حال الحرب من نفس ولا مال.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى لابن حزم [75] قوله من تأول من أهل البغى تأويلا يخفى وجهه على
كثير من أهل العلم فهم معذورون حكمهم حكم الحاكم المجتهد يخطئ فيقتل مجتهدا أو يتلفط مالا مجتهدا ففى الدم دية على بيت المال لا على الباغى ولا على عاقلته ويضمن المال كل من أتلفه وكذلك من تأول تأويلا خرق به الإجماع بجهالة لم تقم عليه الحجة ولا بلغته. وأما من- تأول تأويلا فاسداً لا يعذر فيه فعلى من قتل القود فى النفس فما دونها والحد فيما أصاب بوطء حرام وضمان ما استهلك من مال.. "
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار- الأمام وأن جاز
له تضمين الظلمة فإنه لا يجوز له أن ينقض لأجل التضمين ما وضعوه من أموالهم فى قربة [76] .
مذهب الإمامية:
جاء فى كتاب شرائع الاسلام [77] - قوله ولو أتلف الباغى على العادل مالا أو نفسا فى حالة الحرب ضمنه.
مذهب الإباضية:
جاء فى كتاب النيل وشرحه [78] - قوله: لزم الباغى ضمان المال والدم إلا أن كان فعل ذلك تدينا فلا يلزم عند أصحابنا وقال: قال أصحابنا ما تلف بين أهل البغى والعدل من نفس أو مال فلا"ضمان على كل واحد من الفريقين لأن الصحابة ومن معهم تقاتلوا ولم يطالب أحدهم وعن الزهرى وقعت الفتنة العظمى بين الصحابة وهم متوافرون فأجمع رأيهم أن كل دم أريق بتأويل القرآن فهو هدر وكل ما تلف بتأويل القرآن فلا ضمان فيه.
17- إتلاف النفس وما دونها من الأطراف
(أنظر قود ودية وأرش) .
18- إتلاف الجنين- فى إتلاف الجناية على الجنين (أنظر غرة) .
19- إتلاف الصبى ونحوه.
مذهب الحنفية:
يلزم كلا من الصبى والمجنون والنائم ضمان ما أتلفوه: قال صاحب الهداية:-
وأن أتلف الصبى والمجنون شيئا- لزمهما ضمانه إحياء لحق المتلف عليه وهذا لأن كون إتلاف موجبا لا يتوقف على القصد كالذى يتلف بانقلاب النائم عليه.
وقال ابن عابدين [79] - لو أن ابن يوم إنقلب على قارورة إنسان مثلا فكسرها يجب الضمان عليه فى الحال وكذا العبد والمجنون إذا أتلف شيئا لزمهما ضمانه فى الحال
لكن ضمان العبد بعد العتق فى إتلافه المال أما فى النفس فيقتص منه فى الحال أن جنى على النفس بما يوجب القصاص، ويدفع أو يفدى أن جنى عليها بما لا يوجب القصاص أو جنى على الطرف عمدا أو خطأ.
وقال فى الدر المختار نقلا عن الأشباه:
الصبى المحجور مؤاخذ بأفعاله فيضمن ما أتلفه من المال للحال وإذا قتل فالدية على عاقلته.
مذهب الشافعية:
ما يتلفه الصبى والمجنون مضمون عليهما نفسا أو مالا قال صاحب نهاية المحتاج [80] - فى باب قاطع الطريق: " ولا عقوبة على صبى ومجنون ومكره وإن ضمنواً النفس والمال- ".
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل [81] - قوله: "وجناية طفل فى دم أو مال على أبيه أو وليه أن.
لم يكن أبوه ولا يرجعان فى مال الطفل لأن الطفل كدابة يجب حفظه فإذا لم يحفظاه فقد ضيعا فلزمهما الغرم ولو كان له مال على الراجح- ومقابله القول بأنه يرجع فى مال الطفل أن كان فى الحين أو كان بعد وأنه إن شاء الأب أو الوالى أعطى من مال الطفل من أول مرة إن كان له مال وهو أولى من إعطائهما من مالهما ثم يأخذان من ماله ".
ما تتلفه الدواب
مذهب الحنفية:
جاء فى الدر المختار نقلا عن الصيرفية:
" حمار يأكل حنطة إنسان فلم يمنعه حتى أكل قال فى البدائع الصحيح أنه يضمن وقال ابن عابدين فى حاشيته تعليقا على ذلك [82] .
ذكر الزاهدى هذا الفرع بلفظ رأى حماره قال الخيز الرملى فلو الحمار لغيره أفتيت بعدم الضمان ويستمر ابن عابدين فيقول: ولا يخفى ظهور الفرق بين حماره وحمار تيسره فإنه إذا كان الحمار له وتركه صار الفعل منسوبا إليه والنفع عائد عليه بخلاف حمار غيره فإنه وإن كان الإتلاف محققا وهو يشاهده لكنه لا ينتفع به.
وقال صاحب الدر المختار: " وان أرسل طيراً ساقه أولا أو دابة أو كلبا ولم يكن سائقا له أو انفلتت دابة بنفسها فأصابت مالا أو آدميا نهارا أو ليلا لا ضمان فى الكل لقوله صلى الله عليه وسلم " العجماء جبار " أى المنفلتة هدر قال ابن عابدين أى فعلها إذا كانت منفلتة ثم قال صاحب الدر المختار كما لو جمحت الداية بالراكب ولم يقدر على ردها فإنه لا يضمن كالمنفلتة لأنه حينئذ ليس بمسير لها فلا يضاف سيرها إليه حتى لو أتلفت إنسانا فدمه هدر [83] .
مذهب المالكية:
وما أتلفته البهائم ليلا فعلى ربها وإن زاد على قيمتها. ونقل الباجى قول مالك ما أصابت الماشية بالنهار- فلا ضمان على أربابها وما أصابت بالليل "ضمنوه قال أبو عمر إنما يسقط الضمان نهارا عن أرباب الماشية إذا أطلقت دون راع، وإن كان معها راع فلم يمنعها فهو كالقائد والراكب والسائق، وقد ضمن مالك القائد والسائق والراكب. وقال الباجى: من المواضع ضرب تنفرد فيه المزارع والحوائط ليس بمكان مسرح. وهذا لا يجوز إرسال المواشى فيه، وما أفسدت فيه ليلا أو نهارا فعلى أربابها- وضرب جرت عادة الناس بإرسال مواشيهم فيه ليلا أو نهارا فاحدث رجل فيه زرعا لا ضمان فيه على أهل المواشى ليلا أو نهارا.
وفى انفلات الدابة يقول صاحب التاج والإكليل على هامش الحطاب [84] :
قال ابن سلمون: " وإذا عدت بهيمة على أخرى فقتلتها فلا شئ فى ذلك قال أبو عمر وكذلك إذا انفلتت ليلا أو نهارا فركبت على رجل نائم فجرحته أو قتلته لأن جرح العجماء جبار".
مذهب الشافعية:
قال صاحب نهاية المحتاج ([85]) " وأن كانت الدابة وحدها فأتلفت زرعا أو غيره نهارا لم يضمن من وضع يده عليه سواء أكانت بحق كمودع أم بغيره كغاصب فإن كان الإتلاف ليلا ضمن إذا العادة الغالبة حفظ الزرع نهارا. والدابة ليلا، ولذا لو جرت عادة بلد بعكس ذلك انعكس الحكم أو جرت العادة بحفظهما فيهما ضمن فيهما، والعادة محكمة.
وقال [86] :- من كان مع دابة أو دواب فى طريق مثلا ولو مقطورة سائقا أو قائدا أو راكبا ضمن إتلافها نفسا على العاقلة ومالا فى ماله ليلا ونهارا لأن فعلها منسوب إليه وعليه تعهدها وحفظهما فإن كان معها سائق وقائد وراكب ضمن الراكب فإن لم يكن لها راكب فعليهما أو ركبها إثنان فعلى المتقدم دون الرديف.
وفى انفلات الدابة: قال فى نهاية المحتاج ([87]) " ولو كان راكبها يقدر على ضبطها فاتفق أنها غلبته لنحو قطع عنان وثيق وأتلفت شيئا لم يضمن على ما قاله بعضهم والمعتمد الضمان "
وقال [89] :- ولو بالت الدابة أو راثت بطريق فتلفه به نفس أو مال فلا ضمان وإلا لامتنع الناس من المرور ولا سبيل إليه. وإتلاف الطير والنحل لا ضمان فيه وفيما تتلفه الهرة روايتان:
قال فى نهاية المحتاج [90] : لاضمان بإتلاف الطير مطلقا لأنه لا يدخل تحت اليد ما لم يرسل المعلم على ما صار إتلافه له طبعا، وأفتى البلقينى فى نحل قتل جملا بأنه هدر لتقصير صاحبه دون صاحب النحل لأنه لا يمكن ضبطه.
وفى الهرة يقول صاحب نهاية المحتاج [91] وهرة تتلف طيرا أو طعاما أن عهد ذلك منها ضمن مالكها يعنى من يؤويها لأنه كان من حقه ربطها ليكفى غيره شرها فى الأصح ليلا ونهارا وأن لم يعهد ذلك منها فلا يضمن فى الأصح. والرأى الثانى لا ضمان لأن العادة أن الهرة لا تربط.
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى والشرح الكبير:- وما أفسدت البهائم بالليل من الزرع فهو مضمون على أهلها وما أفسدت من ذلك نهارا لم يصعنوه - ثم قال: يعنى- اذا لم تكن يد أحد عليها فان كان صاحبها معها أو غيره فعلى من يده عليها ضمان ما أتلفته من نفس أو مال.
وإن لم تكن يد أحد عليها فعنى مالكها ضمان ما أفسدته من الزرع ليلا دون النهار.
قال: وإن أتلفت البهيمة غير الزرع لم يضمن مالكها ما أتلفته ليلا كان أو نهارا ما لم تكن يده عليها لأن البهيمة لا تتلف ذلك عادة فلا يحتاج إلى حفظها بخلاف الزرع [86] . ويقول فى المغنى [92] : إذا أكلت بهيمة حشيش قوم ويد صاحبها عليها لكونه معها ضمين وإن لم يكن معها لم يضمن ما أكلته- وأن أتلفت البهيمة شيئا وهى فى يد المستعير فضمانه على المستعير سواء أتلفت شيئا لمالكها أو لغيره لأن ضمانه يجب باليد واليد للمستعير، وإن كانت البهيمة فى يد الراعى فالضمان على الراعى.
وجاء فى المغنى: ومن اقتنى كلبا عقورا فأطلقه ة فعقر إنسانا أو دابة ليلا أو نهارا أو خرق ثوب إنسان فعلى صاحبه ضمان ما أتلفه لأنه مفرط باقتنائه إلا إن يدخل إنسان داره بغير إذنه فلا ضمان فيه لأنه متعد بالدخول متسبب بعدوانه إلى عقر الكلب له. وإن دخل بإذن المالك فليه ضمان لأنه تسبب إلى إتلافه- وإن أتلف الكلب بغير العقر مثل أن ولغ فى إناء إنسان أو بال لم يضمنه مقتنيه لأن هذا لا يختص به الكلب العقور - وإن اقتنى سنورا يأكل أفراخ الناس ضمن ما أتلفه كما يضمن ما أتلفه الكلب العقور وإن لم يكن له عادة بذلك لم يضمن صاحبه جنايته كالكلب اذا لم يكن عقورا [93] .
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى لابن حزم " لا ضمان على صاحب البهيمة فيما جنته فى مال أو دم ليلا أو نهارا لكن يؤمر صاحبه لضبطه فإن ضبطه فذاك وإن عاد ولم يضبطه بيع عليه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " العجماء جرحها جبار " [94] .
وقال كذلك فى جنايات الحيوان:- القول عندنا فى هذا هو ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت عنه من أن العجماء جرحها جبار وعملها جبار فلا ضمان فيما أفسده الحيوان من دم أو مال لا ليلا ولا نهارا فإن أتى بها وحملها على شىء وأطلقها فيه ضمن حينئذ لأنه فعله. ليلا أو نهارا قال: وأما الحيوانات الضارية فقد جاءت فيها آثار- والقول عندنا أن الحيوان أى حيوان كان إذا أضر فى إفساد الزرع أو الثمار فإن صاحبه يؤدب بالسوط ويسجن إن أهمله فإن ثقفه فقد أدى ما عليه وأن عاد أن عاد إلى إهماله بيع عليه ولابد أو ذبح وبيع لحمه أى ذلك كان أعود عليه أنقذ عليه ذلك [95] .
مذهب الزيدية:
يقول الزيدية:- أن الواجب على مطلق البهيمة ما جنت فورا مطلقا أى ليلا أما نهارا فى ملك أم مباح أم حق عام أم خاص فإن تراخت جنايتها عن إطلاقها لم يضمن ما وقع منها بعد ذلك. وكذا الواجب على متولى الحفظ من مالك أو مستأجر أو مستعير أو
غاصب ضمان جناية غير الكلب ليلا لأن الحفظ فى الليل واجب عليه إلا الكلب فانه يرسل فى الليل ليحفظ ويربط بالنهار فينعكس الحكم فى حقه. وعلى متولى الحفظ ضمان جناية البهيمة العقور من كلب أو ثور أو فرس أو غير ذلك حيث كان مفرطا مطلقا أى ليلا أم نهارا فى مرعاها أم فى غيره. ولو جنت العقور على أحد فى ملكه أى فى ملك صاحبها على الداخل بإذنه فإنه يضمن فإذا لم يكن بإذنه فهو متعد بالدخول فعادت الجناية كأنها من جهة نفسه لتعديه فهدرت " [96] .
قال [97] :- وأما بولها وروثها وغلبتها على الراكب حتى لم يملك ردها بل ذهبت حث شاءت وبطلت حكمته عليها فهدر ما جنت بأى هذه الوجوه غالبا أما أن أوقفها على شىء لتبول عليه فتهلكه فإنه يضمن.
مذهب الإمامية:
جاء فى الروضة البهية [98] :- قوله- ويضمن صاحب الماشية جنايتها ليلا لانهارا على المشهور قال على عليه السلام لا يضمن ما أفسدت البهائم نهارا ويقول على صاحب الزرع حفظه وكان يضمن ما أفسدته ليلا وروى ذلك عن النبى صلى الله عليه وسلم. ومنهم وهم جلة المتأخرين من اعتبر التفريط فى الضمان مطلقا ليلا ونهارا والحق أن العمل ليس على هذه الرواية بل على إجماع الأصحاب ولما كان الغالب حفظ الدابة ليلا وحفظ الزرع نهارا أخرج الحكم عليه وليس فى حكم المتأخرين رد لقول القدماء وكيفه كان فالأقوى اعتبار التفريط وعدمه.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل [99] قوله:- يضمن مطلق مواشيه أن أكلت شجرا أو زرعا أو نحوهما وأفسدت ذلك أو غيره لأحد وقيل لا يضمن ما فعلت من ذلك نهارا إلا أن تعمد فوجهها إلى ذلك قال صلى الله عليه وسلم " جرح العجماء جبار " أى جرح الدابة مهدور فقيل ذلك إذا خرجت عن طاقة من هى بيده وإلا ضمن ما أكلت ليلا أو نهاراً وقيل لا يضمن ما فعلت نهارا قوله صلى الله عليه وسلم.. على صاحب الطعام حفظ طعامه نهارا وعلى صاحب الدابة حفظها ليلاً.
" الإتلاف بالمبارزة والتصادم والتجاذب "
مذهب الحنفية:
نقل ابن عابدين ما جاء فى جامع الفصولين قال: وقعت فى بخارى واقعة وهى رجل قال لأخر ارم السهم إلى حتى آخذه فرمى إليه فأصاب عينه فذهبت لم يضمن كما لو قال له أجن على فجنى وهكذا أفتى بعض المشايخ به. وقاسوه على ما لو قال: اقطع يدى.
وقال صاحب المحيط: الكلام فى وجوب القود ولا شك أنه تجب الدية فى ماله لأنه ذكر فى الكتاب: لو تضاربا بالوكز فذهبت عين أحدهما يقاد لو أمكن لأنه عمد.
وان قال كل منهما لأخر أضرب اضرب وكذا لو بارزا على وجه الملاعبة أو التعليم فأصابت الخشبة عينه فذهبت يقاد أن أمكن وقال العلامة الرملى فى حاشيته عليه أقول فى المسألة قولان قال فى مجمع الفتاوى ولو قال كل واحد لصاحبه اضرب اضرب.
ووكز كل منهما صاحبه وكسر سنه فلا شئ عليه بمنزلة ما لو قال أقطع يدى فقطعها كذا فى الخانية والذى ظهر فى وجه ما فى الكتاب أنه ليس من لازم قوله أضرب اضرب.
إباحة عينه لاحتمال السلامة مع المضاربة بالوكزة كاحتمالها مع رمى السهم فلم يكن قوله ارم السهم الى قوله اضرب أضرب صريحا فى إتلاف عضوه بخلاف قوله أقطع يدى أو أجن على فلم يصح قياس الواقعة عليه، والمصرح به أن الأطراف الأموال يصح الأمر فيها [95] .
وفى الإتلاف بالتصادم والتجاذب قال صاحب الدر المختار " وضمن عاقلة كل فارس أو راجل دية الأخران إصطدما وماتا منه فوقعا على القفا لو كانا حرين، ولو كانا عبدين أو وقعا على الوجه يهدر دمهما ... ولو كانا عامدين فعلى كل نصفا دية الأخر، ولو دفع أحدهما على وجهه هدر دمه فقط ... كما لو تجاذب رجلان حبلا فإنقطع الحبل فسقطا على القفا وماتا هدر دمهما لموت كل بقوة نفسه فان وقعا على الوجه وجب دية كل واحد منهما على عاقلة الأخر لموته بقوة صاحبه فإن - تعاكسا بأن وقع أحدهما على القفا والأخر على الوجه فدية الواقع على الوجه على عاقلة الأخر لموته بقوة صاحبه وهدر دم من وقع على القفا لموته بقوة نفسه ... ولو قطع إنسان الحبل بينهما فوقع كل منهما على
القفا فمات فديتهما على عاقلة القاطع لتسببه بالقطع [100] .
مذهب المالكية:
جاء فى التاج والإكليل (1001) : وإن تصادما أو تجاذبا مطلقا قصدا فماتا أو إحداهما فالقود - قال مالك: إذا اصطدم فارسان فمات الفرسان والراكبان فدية كل واحد على عاقلة الآخر وقيمة فرس كل واحد فى مال الأخر. وقال مالك فى السفينتين تصطدمان فتغرق إحداهما بما فيها فلا شىء فى ذلك على أحد لأن الريح تغلبهم إلا من يعلم إن النواتية لو أرادوا صرفها قدروا فيضمنوا وإلا فلا شىء عليهم. وقال ابن الحاجب لو اصطدمت فارسان عامدا فأحكام- القصاص وإلا فعلى عاقلة كل واحد دية الأخر ثم قال فان أصطدم سفينتان فلا ضمان بشرط العجز عن التصرف والمعتبر العجز حقيقة لا لخوف غرق أو ظلمة.
وقال ابن شاش: ولو تجاذبا حبلا فانقطع فتلف فكاصطداهما وإن وقع أحدهما على شئ فأتلفه ضمناه.
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى والشرح الكبير (1002) : وإذا اصطدم الفارسان فماتت الدابتان ضمن كل واحد منهما قيمة دابة الآخر- وجملته أن على كل واحد من المصطدمين ضمان ما تلف
من الأخر من نفس أو دابة أو مال سواء كانا مقبلين أو مدبرين فإن كان أحدهما يسير والآخر واقف فعلى السائر قيمة دابة الواقف لأن السائر هو الصادم المتلف فكان الضمان عليه وإن مات هو أو دابته فهو هدر لأنه أتلف نفسه ودابته.
وقال: " وإن تصادم نفسان يمشيان فماتا فعلى عاقلة كل واحد منهما دية الآخر " قال [103] : ولا فرق بين البصيرين والأعميين والبصير والأعمى.. وإن كانتا امرأتين حاملتين فهما كالرجلين فإن أسقطت كل واحدة منهما جنينا فعلى كل واحدة نصفه ضمان جنينها ونصف ضمان جنين صاحبتها لأنهما اشتركتا فى قتله وعلى كل واحدة منهما عتق ثلاث رقاب واحدة لقتل صاحبتها واثنتان لمشاركتهما فى الجنين. وفى تصادم السفينتين قال: وإذا وقعت السفينة المنحدرة على الصاعدة فغرقتا فعلى المنحدرة قيمة السفينة الصاعدة أو أرش ما نقصت أن أخرجت إلا أن يكون قيم المنحدرة غلبته الريح فلم يقدر على ضبطها [104] وإن كانت إحدى السفينتين قائمة والأخرى سائرة فلا ضمان على الواقفة وعلى السائرة ضمان الواقفة إن كان مفرطا ولا ضمان عليه إن لم يفرط [105] .
مذهب الظاهرية:
قال ابن حزم فى كتابه المحلى بعد إن بين حكم المقتتلين [106] .
وأما المصطدمان راجلين أو على دابتين أو السفينتان يصطدمان فإن السفينتين إذا اصطدمتا بغلبة ريح أو غفلة فلا شىء. فى ذلك أنه لم يكن من الركبان فى ذلك عمل أصلا ولم يكسبوا على أنفسهم شيئا. وأموالهم وأموال عواقلهم محرمة إلا بنص أو إجماع. فان كانوا تصادموا وحملوا وكل أهل سفينة غير غارقة بسكان الأخرى لكن فى ظلمة لم يروا شيئا فهذه جناية والأموال مضمونة لأنهم تولوا إفسادها وقال تعالى: " وجزاء سيئة سيئة مثلها ([107]) ".
وأما الأنفس فعلى عواقلهم كلهم لأنه قتل خطأ وإن كانوا تعمدوا فالأموال مضمونة كما ذكرنا وعلى من سلم منهم القود أو الدية كاملة. والقول فى الفارسين أو الراجلين يصطدمان كذلك وكذلك وأيضا الرماة بالمنجنيق تقسم الدية علية وعليهم وتؤدى عاقلته وعاقلتهم ديته سواء وكذلك القول فى المتصارعين والمتلاعبين ولا فرق.
وأما من سقط من علو على إنسان- فماتا جميعا أو مات الواقع أو الموقوع عليه فإن الواقع هو المباشر لإتلاف الموقوع عليه بلا شك وبالمشاهدة لأن الوقعة قتلت الموقوع عليه ولم يعمل الموقوع عليه شيئا فدية الموقوع عليه أن هلك على عاقلة الواقع إن لم يتعمد الوقوع عليه لأنه قاتل خطأ فإن تعمد فالقود واقع عليه إن سلم أو الدية وكذلك الدية فى ماله إن مات الموقوع عليه قبله فإن ماتا معا أو مات الواقع قبله فلا شئ فى ذلك لما ذكرنا من أن الدية إنما تجب بموت المقتول المجنى عليه لا قبل ذلك [108] .
مذهب الإمامية:
جاء فى الروضة البهية قوله [109] :
" والصادم لغيره يضمن فى ماله دية المصدوم لاستناد التلف إليه مع قصده الفعل ولو مات الصادم فهدر لموته بفعل نفسه أن كان المصدوم فى ملكه أو مباح أو طريق واسع- ولو وقف المصدوم فى موضع ليس له الوقوف فيه فمات الصادم بصدمة ضمن المصدوم الصادم لتعديه بالوقوف فيما ليس له الوقوف فيه. إذا لم يكن له -أى للصادم مندوحة فى العدول عنه كالطريق الضيق. قال: ولو تصادم حران فماتا فلورثة كل واحد منهما نصف ديته ويسقط النصف لاستناد موت كل منهما إلى سببين: أحدهما من فعله والأخر من غيره فيسقط ما قابل بل فعله وهو النصف ولو كانا فارسين كان على كل منهما نصفه قيمة فرس الأخر مضافا إلى نصف الدية ". إتلاف مرخص فيه.
قال صاحب الدر المختار فى كتاب الإكراه- ويرخص للمكره إتلاف مال مسلم أو ذمى بقتل أو قطع ويؤجر لو صبر أنظر (إكراه) إتلاف بعض ما فى السفينة
لتنجو من الغرق
مذهب الحنفية:
قال صاحب الدر المختار فى كتاب القسمة " ولو خيف الغرق فاتفقوا على إلقاء أمتعة فالغرم بعدد الرءوس لأنها لحفظ الأنفس ".
قال ابن عابدين فى حاشيته " يفهم منه أنهم إذا لم يتفقوا على الإلقاء. لا يكون كذلك بل على الملقى وحده وبه صرح الزاهدى فى حاويه. قال رامزا أشرفت السفينة على الغرق فألقى بعضهم حنطة غيره فى البحر حتى خفت يضمن قيمتها فى تلك الحال أى يضمن قيمتها مشرفة على الغرق.0 ثم قال الرملى: ويفهم منه أنه لا شىء على الغائب الذى له مال فيه ولم يأذن بالإلقاء فلو أذن بأن قال إذا تحققت هذه الحالة فألقوا اعتبر إذنه.
قال ابن عابدين نقلا عن الرملى على الأشباه وأقره الحموى. يجب تقييد القول بأن الغرم بعدد الرءوس بما إذا قصد حفظ الأنفس خاصة كما يفهم من تعليله. أما إذا قصد حفظ الأمتعة فقط كما إذا لم يخش على الأنفس وخشى على الأمتعة بأن كان الموضع لا تغرق فيه الأنفس وتتلف فيه الأمتعة فهى على قدر الأموال.
وإذا خشى على الأنفس والأموال فألقوا بعد الاتفاق لحفظهما فعلى قدرهما. فمن كان غائبا وأذن بالإلقاء اذا وقع ذلك أعتبر ماله نفسه ومن كان بنفسه حاضرا بماله أعتبر ماله ونفسه ومن كان بنفسه فقط أعتبر نفسه فقط (110) .
مذهب الشافعية:
قال صاحب نهاية المحتاج (111) : " ولو أشرفت سفينة بها متاع على غرق وخيف غرقها بما فيها جاز عند توهم النجاة طرح متاعها حفظا للروح. ويجب طرح ذلك لرجاء نجاة الراكب بشرط أذن المالك فى حالة [1] البدائع ج7 ص164 الطبعة الأولى [2] ج2 ص291 طبعة 1324 [3] ابن عابدين ج2 ص296. [4] المرجع السابق ص 296، 297. [5] بهامش الحطاب ج3 ص 171، 174. [6] ج3 ص176، 173 هامش الحطاب. [7] ج3 ص 333. [8] ج 2 ص 358، 530، 538،40 5، 360. [9] المحلى لابن حزم ج7 ص214 الى 219 مسألة رقم 876،877، 878. [10] المحلى ج7 ص 232 مسألة880. [11] المحلى ج7 ص235 مسألة 883. [12] شرح الأزهار ج2 من ص94 إلى 96. [13] ج 1 ص181. [14] ج1 ص206. [15] ج1 ص208. [16] ج1 ص213. [17] شرح النيل ج1 ص331. [18] ج 2 ص 297. [19] الخطاب ج 3 ص8 7 1، 179. [20] ج3 ص 342. [21] ج 3 ص 343. [22] ج4 ص 247. [23] ج 3 ص 368، 367. [24] ج2 ص 104،105. [25] ج اص 212،213. [26] ج اص 338. [27] الدر المختار وحاشيته ج4، ص 68. [28] الهداية ج4 ص 109. [29] ابن عابدين ج5 ص 59، 60. [30] الهداية ج 3 ص 179. [31] ابن عابدين ج 5 ص 58. [32] ج6 ص 220، 321. [33] ج4 من كتاب الغصب. [34] ج 7 ص183، 184. [35] ج 6 ص 120، 121. [36] ج 3 ص 283، 286. [37] ج40 ص 387. [38] ج2 ص418. [39] ج5ص162. [40] ج8ص119. [41] أبن عابدين ج5 ص126. [42] ج2 ص197،198. [43] ص 201. [44] ج5 ص 161، 162. [45] ص 165. [46] ج5ص421. [47] ج3 ص546،549. [48] ج2 ص 232، 233. [49] حاشية ابن عابدين ج5 ص182. [50] ج 4 ص 122، 123. [51] ج5 ص376. [52] ج8 ص147 مسألة 1266. [53] المحلى ج7 ص511 مسألة 1104. [54] ج4 ص588. [55] ج 2 ص 449. [53] ج 7 ص 57. [54] ابن عابدين ج5 ص 127. [55] ص154. [56] ص146. [57] المغنى والشرح الكبيرج5 ص377. [58] ص445. [59] ج 1ص 42،43. [60] ابن عابدين ج5 ص 185 [61] ج 7 ص 307. [62] نهاية المحتاج باب الغصب ج4 ص 123. [63] ج هـ ص 445. [64] ج 9 ص 55 مسألة 1565. [65] ج 4 ص 589. [66] الروضة البهية ج 2 ص 449. [67] ج 7 ص 168 الطبعة الأولى. [68] الخطاب ج6 ص 279 باب الباغية. [69] ج7 ص 116. [70] ج 10 ص 60، 61 الطبعة الأولى. [71] ج11 ص 107 مسألة 2155 الفقرة الخامسة.
(72) شرح الأزهار ج4 ص 558. [73] ج1 ص 158. [74] ج7 ص341. [75] ج 5ص 125. [76] ج 7 ص 162 [77] ج 7 ص 77. [78] ج3 ص 440. [79] ابن عابدين ج 5 ص 534. [80] الحطاب ج 6 ص 323. [81] ج 7 ص 188. [82] ج 7 ص 186. [83] ج 7 ص 187. [84] ج7 ص188. [85] ج7 ص188. [86] ج7 ص190. [87] ج10 ص 357. [89] ج5 المغنى ص455. [90] المغنى والشرح الكبير ج10 ص358. [91] ج8 ص 146 مسألة 1265. [92] المحلى ج 11 ص 5،6 مسألة 2106. [93] شرح الأزهار ج4 ص 441. [94] ج4 ص 427 من شرح الأزهار. [95] ج2 ص 449،450. [96] ج7 ص79 [97] حاشية ابن عابدين ج5 ص 483 [98] ابن عابدين ج5 ص 532، 533. [99] بهامش الحطاب ج6 ص 243. [100] ج 10 ص 359.
(101) ج 10 ص 359، 360.
(102) ص 361. [103] ص 362. [104] ج 10 ص 501 مسألة 2087 [105] سورة الشورى آية 40. [106] المحلى ج10 ص 502، 503، 506. [107] ج2 ص 420 [108] ج5 ص188. [109] ج 7 ص 89.
نام کتاب : موسوعة الفقه المصرية نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 46