responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه المصرية نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 29
إباحة

الإباحة عند أهل اللغة:
ذكر علماء اللغة للإباحة عدة معان نذكر منها ما يتصل بمعناها الفقهى وذلك قولهم: " أبحتك الشىء أحللته لك، وأباح الشيء أطلقه " [1] .
الإباحة عند الأصوليين:
ينظر الأصوليون للإباحة باعتبار أنها مأخوذة من أبحتك الشىء بمعنى أحللته لك أطلقتك فيه.
أو يعرفونها بأنها: التخيير بين فعل الشىء وتركه. وهذا مفاد تعريف الإمام الغزالى للجواز الذى هو مرادف للإباحة عنده إذ يقول [2] : إن حقيقة الجواز مرادف للإباحة. ثم يقول: إن الجواز هو التخيير بين الفعل والترك بتسوية الشرع.
وقد ارتضى كل من البيضاوى والإسنوى هذا التعريف وقالا [3] : لا اعتراض عليه. لكن الآمدى اعترض عليه بأنه تعريف غير مانع لدخول الواجب المخير والموسع فيه، (انظر مصطلح واجب) .
وقالت [4] : إن الأقرب لسلامة التعريف أن يزاد فيه قيد " من غير بدل " ليخرج ما عدا الإباحة فيكون التعريف: الإباحة هى التخيير بين فعل الشيء وتركه من غير بدل..
والشاطبى رأى ما رآه الآمدى من فساد التعريف المذكور ورأى ([5]) " زيادة قيد من غير مدح ولا ذم لا على الفعل ولا على الترك " ويكون تعريفها " التخيير بين فعال الشىء وتركه من غير مدح ولا ذم لا على الفعل ولا على الترك ".
وهناك تعريف آخر نقله الآمدى أيضا يفيد إن الإباحة أعلام الفاعل أو دلالته أنه لا ضرر عليه فى فعل الشىء أو تركه ولا نفع له فى الآخرة.
ولابن السبكى تعريف للإباحة قريب من هذا. وكذا منلا خسرو، وعبيد الله بن مسعود صدر الشريعة، والشوكانى [6] .
لكن الآمدى نص على أنه تعريف غير جامع لأنه يخرج عن حد الإباحة ما خير الشارع فيه مع اشتمال الفعل أو الترك على ضرر، كما يخرن عنها ما دال الدليل على الاستواء فيه فى الدنيا والآخرة.
تم انتهى الآمدى بوضع تعريف للإباحة بأنها دلالة خطاب الشارع على التخيير بين فعل الشئ وتركه من غير بدل.
الإباحة عند الفقهاء:
يستعمل الفقهاء لفظ الإباحة كثيرا وخاصة الأحناف عند الكلام عن الحظر والإباحة، ونقل كل من الميدانى وأبى بكر اليمنى والحصكفى عن عبد الله بن مودود الموصلى أن الإباحة ضد الحظر وان المباح ما أجيز للمكلفين فعله وتركه بلا استحقاق ثواب ولا عقاب أو مأخذ فيه [7] .
وفسر العينى الإباحة بأنهما " الإطلاق فى مقابلة الحظر الذى هو المنع " [8] . وسلك مسلكه فى هذا كل من قاضى زاده [9] وشيخ زاده، وقد ورد هذا التعبير أيضا فى عبارة صاحب الاختيار حيث قال [10] وهو بصدد التعليل لتسمية صاحب القدورى مسائل باسم الحظر والإباحة: " هو صحيح لأن الحظر المنع، والإباحة الإطلاق " [11] .
فتفسير العيني ومن سلك مسلكه للإباحة لوحظ فيه المعني اللغوى الذى هو الإطلاق سواء أكان من جانب الله أم من جانب العباد، فهو أعم من التعريف الأول للفقهاء الذى قصروا الإباحة فيه على تخيير الله لعباده 0
وعلى التعريف الفقهى الثانى تكون الإباحة لمعنى الإذن وهو ما جرى عليه الشريف الجرجانى فى تعريفها حيث قال [12] : " الإباحة الإذن بإتيان الفعل كيف شاء الفاعل ". فالإباحة ليست إجراء تعاقديا، فلا يشترط فيها أن يكون المأذون له معينا معلوما للإذن وقت الإذن لا بشخصه ولا باسمه، فمن يضع الجوابى والأباريق على قارعة الطريق مملوءة بالماء فانه يبيح بذلك لكل من يمر أن يشرب منها دون تعيين للمأذون له لم لا بالاسم ولملا بالوصف.
وكذلك فان الإباحة جائزة، كما يقول - أبن حزم الظاهرى [13] فى المجهول، وذلك كطعام يدعى إليه قوم وكذلك قال الإباحة جائزة، كما يقول ابن حزم الظاهرى فى المجهول، وذلك كطعام يدعى إليه قوم يباح لهم أكله ولا يدرى كم يأكل كل منهم.
وقال: أن هذا منصوص من عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد قال: " من شاء أن يقتطع إذا نحر الهدى، كما أمر المرسل بالهدى إذا عطب أن ينحره ويخلى بينه وبين الناس؟.
صيغ الإباحة:
بتتبع ألفاظ القرآن لم نجد كلمة الإباحة ولا شيئا مما تصرف منها بفعل أو مشتق، وإنما يوجد فى أساليب القرآن، كما يوجد فى السنة النبوية الكريمة ما يدل عليها، ولا سبيل إلى حملها على غير الإباحة، على ما تفيده عبارات المفسرين وإفهام الفقهاء ومن ذلك نفى كل الحرج ونفى الجناح والإثم والمؤاخذة والحنث والسبيل والبأس وكثيرا ما استعمل الفقهاء كلمة لا بأس بمعنى الإباحة فى كتب الفقه: ومن ذلك قول صاحب الاختيار [14] : ولا بأس بتوسد الحرير وافتراشه، ولا بأس بلبس ما سداه إبريسم ولحمته قطن أو خز، ومثله فى درر المنتقى [15] .
وهناك أساليب يترجح فيها معنى الإباحة ومنها إثبات الحل، فانه وإن كان صالحا للاستعمال فى الإباحة وغيرها مما ليس بحرام، فإن السياق والقرينة هما اللذان يحددان الغرض، ولذلك قال الفقهاء فى الحديث الذى رواه أبو داود وابن ماجة عن عبد الله بن عمر عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن أبغض الحلال إلى الله الطلاق) : أن الطلاق مباح.
ومن الأساليب التى يترجح فيها معنى الإباحة نفى التحريم مثل قوله تعالى: (قل من حرم زينة الله ([16] . ونفى النهى مثل قوله تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم ([17] . والاستثناء من التحريم الصريح مثل قوله تعالى: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ([18] .
والاستثناء الضمنى من التحريم الصريح كما فى قوله تعالى: (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به (إلى قوله: (فمن اضطر فى مخمصة غير متجانف لإثم فان الله غفور رحيم ([19] .
فقد صرح القرطبى المالكى [20] باعتبار هذا الأسلوب إباحة حيث قال: فاشترط فى إباحة الميتة للضرورة ألا يكون باغيا.
ومن الألفاظ التى يستفاد منها الإباحة صيغة الأمر، وقد نقل الآمدى [21] عن بعض الأصوليين أن صيغة الأمر وضعت حقيقية لإفادة الإباحة، وأنها تفيد غيرها بطريق المجاز، وتحتاج فى إفادتها غير الإباحة إلى قرينة.
ومنهم من قال أنها حقيقة فى الطلب مجاز فيما سواه ودلالة صيغة الأمر على الإباحة تعتبر مجازية عند من يقول أن الأمر موضوع للندب وهو أبو هاشم الجبائى والمعتزلة ورواية عن الشافعى.
وكذلك تعتبر مجازيه على رأى الماتريدى وأتباعه الذين يقولون أن صيغة الأمر موضوعة فى الأصل للقدر المشترك بين الوجوب والندب وهو الطلب، فإنها تفيد الإباحة بطريق المجاز، وأحتاج فى إفادة ذلك إلى فريضة. وكذلك بالنسبة للقائلين بأن صيغة الأمر مشتركة بين كل من الوجوب والندب أى موضوعة لكل على حدة، فإنها تكون مجازا أيضا فى استعمالها للإباحة.
وحتى عند القائلين بأن صيغة الأمر مشتركة فى إفادة الوجوب والندب والإباحة حقيقة والقائلين بأنها مشتركة فى إفادة ذلك وفى إفادة التهديد أيضا فإن استعمالها فى الإباحة وإن كان حقيقيا عندهم إلا أنه يحتاج إلى قرينة باعتباره مشتركا، إذ المشترك لا يستعمل إلا بقرينة دفعا للبس، وبذا يكون لابد من القرينة فى استعمال الأمر للإباحة سواء قلنا انه مجاز أو مشترك [22] .
ويقول البيضاوى [23] : إن صيغة الأمر تستعمل فى الإباحة نحو (كلوا من الطيبات ([24] وعلى ذلك الأسنوى بقوله: يجب أن تكون الإباحة معلومة من غير الأمر حتى تكون قرينة لحمله على الإباحة كما وقع العلم به هنا.
وقد نقل والشوكانى [25] عن بعض الأصوليين أن صيغة الأمر مشتركة اشتراكا لفظيا بين الوجوب والندب والإباحة وأن المرتضى من الشيعة قال: إنها للقدر المشترك بين الوجوب والندب والإباحة وأن جمهور الشيعة قالوا إنها مشتركة بين الثلاثة المذكورة والتهديد وهو محكى عن ابن سريج، ومن استعمالات الأمر فى الإباحة بالقرينة قول الله تعالى: (وإذا حللتم فاصطادوا ([26] بقرينة أنه كان ممنوعا وقت الإحرام بقوله تعالى: (غير محلى الصيد وأنتم حرم ([27] ولهذا يقول الأصوليون: إن الأمر بعد النظر يفيد الإباحة [28] فإن ورد الأمر بعد حظر لمتعلقه أو استئذان فيه - على رأى الرازى - فهو للإباحة حقيقة لتبادرها الى الذهن فى ذلك، وقيل للوجوب، ومما جاء دالا على الإباحة قوله صلوات الله عليه فيما رواه الطبرانى عن شداد بن أوس: (صلوا فى نعالكم ولا تتشبهوا باليهود) . فالأمر هنا يدل على الإباحة ويفيد أن الصلاة بالنعل جائزة على سبيل الإباحة ما دامت طاهرة 0 وقد علق على ذلك الحديث العلقمى بقوله: صلوا فى نعالكم إن شئتم فالأمر للإباحة، فالصلاة بالنعل جائزة حيث لا نجاسة (29) .
ويقود الآمدى [30] : إذا وردت صيغة أفعل " الأمر" بعد الحظر فمن قال أنها للوجوب قبل الحظر اختلفوا، فمنهم من أجراها على الوجوب، ومنهم من قال أنها للإباحة وهم أكثر الفقهاء ومنهم من توقف كإمام الحرمينر. وذكر من أمثلة ذلك قوله تعالى: (وإذا حللتم فاصطادوا ((فإذا طعمتم فانتشروا ([31] (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا ([32] وقوله عليه الصلاة والسلام: (كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحى فادخروا) .
ثم رجع احتمال الحمل على الإباحة نظرا إلى غلبة ورود مثل ذلك للإباحة دون الوجوب.
ومن الألفاظ التي تستفاد منها الإباحة:
النهى بعد الوجوب على بعض الآراء. قال السبكى والمحلي فى جمع الجوامع وشرحه [33] : إن النهى بعد الوجوب للتحريم عند الجمهور، وقيل للكراهة وقيل للإباحة نظرا إلى أن النهى عن الشىء بعد وجوبه يرفع طلبه فيثبت التخيير فيه.
وجاء فى تقرير الشربينى على جمع الجوامع بهذا الصدد: إن الوجوب لشىء إذا نسخ بقى الجواز بمعني عدم الحرج فى الفعل والترك، وقيل تبقى الإباحة فقط، كما قالوا بالنسبة لنسخ الوجوب فى آية الوصية، وقيل يبقى الاستحباب.
وجاء فى المنهاج للبيضاوى وشرحه للأسنوى [34] : إن القائلين بالإباحة فى الأمر بعد الحظر اختلفوا فى النهى بعد الوجوب فمنهم من طرد القياس، وحكم بالإباحة لأن تقدم الوجوب قرينة، ومنهم من حكم بأنه للتحريم كما لو ورد إبتداء.
وقالوا: إن مما يدل على الإباحة استعمال مادة المشيئة فى مثل قوله تعالى: {ترجى من تشاء منهن وتؤوى إليك من تشاء ([35] فإنها تفيد إباحة ترك الرسول صلوات الله عليه القسم بين زوجاته وذلك إذا لم تكن هناك قرينة تدل على أن المراد التهديد كما فى قوله تعالى: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} [36] فى مسألة المباح.
ومما يؤيد ذلك قود الغزالى [37] : أن من الأفعال ما صرخ الشارع فيه، وقال إن شئتم فافعلوه، وإن شئتم فاتركوه ومنها ما لم يرد فيه خطاب بالتخيير، لكن دل دليل السمع على نفى الحرج فى فعله وتركه.
ومما يدل على الإباحة من غير لفظ أفعال الرسول فى بعض أنواعها فقد نص الآمدى [38] على أن ما كان من الأفعال الجبلية أى الطبيعية كالقيام والقعود والأكل والشرب ونحوه، فلا نزاع فى كونه على الإباحة بالنسبة إلى النبى وإلى أمته.
ويقول الشوكانى [39] : إن ما لا يتعلق بالعبادات ووضح فيه أمر الجبلية كالقيام والقعود ونحوها فليس فيه تأس ولا به اقتداء ولكنه يدل على الإباحة عند الجمهور ثم أورد خلافا لغيرهم فى ذلك فقد نقل البالقلانى عن قوم أنه مندوب ولمحات كذا حياء الغزالى فى كتابه المنخول، وقال: لأن عبد الله بن عمر يتتبع مثل هذا ويقتدى به كسا هو معروف عنه.
وأما تقرير النبى عليه الصلاة والسلام، فإن ما سكت النبى عنه ولم يكن قد سبق منه النهى عنه ولا عرف تحريمه فإن سكوته عنه يدل على إباحته. ومثل الشوكانى [40] لذلك بأكل العنب بين يدى الرسول ونقل عن أبن، القشيرى أن هذا مما لا خلاف فيه يقول الآمدى [41] : إن ما أقره النبى ولم يكن قد سبق منه النهى ولا عرف تحريمه فسكوته عن فاعله وتقريره له يدل على جوازه، ورفع الحرج عنه لأنه لو لم يكن فعله جائزا لكان تقريره له عليه مع القدرة على إنكاره حراما على النبى عليه الصلاة والسلام، فحيث لم يوجد منه ذلك دل على الجواز غالبا.
الصلة بين الإباحة والتخيير والحل والجواز والصحة والعفو الصلة بين الإباحة والتخيير:
الإباحة عند الأصوليين هى التخيير بين الفعل والترك من غير ثواب ولا عقاب على ما تقدم، أما التخيير فهو أعم من ذلك لأنه تارة يكون على سبيل الإباحة وتارة يترتب على الترك عقاب، وعلى الفعل ثواب فى الجملة كتزويج البكر الطالبة للنكاح من أحد الكفأين الخاطبين، وعند الإمامة لأحد الإمامين الصالحين [42] انظر " تخيير ") .
2- الصلة بين لفظي الإباحة والحل:
الحل ومشتقاته يستعمل فى لسان الشرع بمعنى ما يقابل التحريم ومشتقاته، ومن ذلك قوله تعالى: (وأحل الله البيع وحرم الربا ([43] .
ومقتضى ذلك أن الحلال مقابل للحرام وقسيم له فوجب أن يشمل الحلال كل ما عدا الحرام فيكون أعم من المباح، وهذا ما فهمه الفقهاء وظهر فى عباراتهم واضحا.
الصلة بين لفظي الإباحة والجواز:
(44) الغزالى يرى أن لفظ الجواز مرادف للفظ الإباحة حيث يقول: إن حقيقة الجواز التخيير بين الفعل والترك والتسوية بينهما بتسوية الشرع.
ولكن الأحناف يرون [45] أنه مرادف للحل وأعم من الإباحة (انظر جواز) .
الصلة بين لفظي الإباحة والصحة:
يرد البيضاوى الصحة إلى الإباحة فيقول [46] : الصحة إباحة الانتفاع.
أما جمهور الأصوليين فإنهم يرون أن الصحة وصف للفعل الذى يقع من المكلف إن كان مستجمعا لشرائطه فهى من الأحكام الوضعية والعقلية كما يرى بعض الأصوليين [47] بينما الإباحة من الأحكام التكليفية (أنظر: صحة. حكم) .
الصلة بين لفظى الإباحة والعفو:
لما كان ما فى مرتبة العفو ليس مطلوبا فعله ولا تركه التبس بالمباح لرفع المؤاخذة فى كل وإن لم يكن العفو من الأقسام الخمسة التكليفية: الواجب، المندوب، المباح، المكروه، الحرام ... على ما بينه الشاطبى [48] .
وأدخل الشاطبى فى مرتبة العفو كل، فعل صدر عن غافل أو ناس أو مخطئ. وقال: أن مما يظهر فيه معنى العفو الرخص، لا فرق بين أن تكون الرخصة مباحة أو مطلوبة، فلفظ العفو مما يتردد ذكره فى الشريعة الإسلامية، وهو قريب المعنى من المباح وإن لم يكن مندرجا تحته فى بعض الجزئيات والاطلاقات.
وهذه الجزئيات والاطلاقات على الجملة أما أن تكون مسكوتا عنها فى الشريعة، وهذه تتسم بسمة الإباحة الأصلية التي عبر عنها الأصوليون أحيانا بالبراءة الأصلية وأما أن تكون منصوصا على حكمها بالطلب أو المنع وخالف المكلف من غير عمد ولا قصد، أو بحكم الاضطرار، فيتجاوز الشارع عن ترتيب الأثر ويدخل هذا تحت مفهوم الإباحة العارضة.
تغير وصف الإباحة: قد يكون الشىء فى ذاته مباحا، ولكنه يكون فى بعض الأحيان ذريعة إلى مطلوب أو محظور فيأخذ حكمه.
قال الشاطبى [49] : المباح من حيث ما هو ذريعة إليه ثلاثة أقسام:
ذريعة إلى ما هو منهى عنه، فيكون من تلك الجهة مطلوب الترك، أى على سيل التحريم الكراهة.
الثانى: ما يكون ذريع إلى مأمور به كالمستعان به على أمر أخروى. ففى الحديث: (نعم المال الصالح للرجل الصالح) وذلك فى الشريعة كثير لأنها لما كانت وسائل إلى مأمور به كان لها حكم ما توسل بها إليه، وهذا القسم مطلوب الفعل على سبيل الوجوب أو الندب 0
الثالث: ما لا يكون ذريعة إلى شئ فهو المباح المطلق، وعلى الجملة فإذا فرض ذريع إلى غيره، فحكمه حكم ذلك الغير.
أقسام الإباحة:
يقسم الغزالى [50] ، الأفعال المباحة ثلاثة أقسام:
الأول: ما بقى على الأصل فلم يرد فيه تعرض لا بصريح اللفظ ولا بدليل من أدلة السمع، فينبغى أن يقال استمر فيه ما كان ولم يتعرض له السمع فليس فيه الحكم.
الثانى: ما صرح فيه الشارع بالتخير وقال إن شئتم فافعلوه وإن شئتم فاتركوه، فهذا خطاب والحكم لا معني له إلا الخطاب ولا سبيل إلى إنكاره وقد ورد.
الثالث: ما لم يرد الخطاب فيه بالتخيير، ولكن دل دليل السمع على نفى الحرج عن فعله وتركه فقد عرف بدليل السمع، ولولا هذا لكان يعرف بدليل العقل نفى الحرج عن فاعله وبقاؤه على النفى الأصلى 0
وعلى هذا فالمباح لذاته عند الغزالى قسمان: ما ورد فيه حكم الشارع بالتخيير أى ما ثبت بالدليل السمعى الصريح التالي: ما لم يرد فيه خطاب صريح، لكن دل عليه دليل سمعى غير صريح وأيده العقل. أما الفقهاء" فإنهم لما كانوا يستعملون الإباحة استعمالا دارجا بمعني الإذن، وكان مصدر هذا الإذن مختلفا فى الظاهر أمكن تقسيم الإباحة من ناحية منشأ الإذن المباشر إلى قسمين: إباحة مصدرها الشارع مباشرة بما ورد من نصوص تدل عليه أو استنباط المجتهدين له، وإباحة مصدرها المباشر العباد بعضهم مع بعض.
كما أنها تنقسم من ناحية متعلقها إلى قسمين أيضا:
1- إباحة استهلاك.
2- إباحة استعمال.
وفى كل هذا فإنها إما أن تكون إباحة عامة أو إباحة خاصة، فالإذن العام من الشارع بالاستهلاك كما فى الأشياء التي ورد النص على أن الناس شركاء فيها فتكون مباحة لكل من يستولى عليها، ومن ذلك صيد البحر مطلقا وصيد البر لغير المحرم، ومن ليس فى الحرم يقول الله تعالى: (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة، وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ([51] ومما ورد فيه الإذن العام الماء والكلأ والنار بنص الحديث الذى رواه الخلال أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (الناس شركاء فى ثلاث: الماء والكلأ والنار) .
ومن ذلك الأرض الموات، يقول النبى عليه الصلاة والسلام فيما رواه الترمذى عن سعيد بن زيد: (من أحيا أرضا ميتة فهى له) إلى غير ذلك مما جاء فى كتب الفقه) انظر صيد- حرم- موات) .
الإذن العام من الشارع بالاستعمال:
يتناول إباحة المنافع العامة التي أباحها الشارع لاستعمال المعين بنص شرعى أو قاعدة عامة تتصل بمصالح العباد، وذلك كالطرق العامة، فحق المرور فيها ثابت للناس جميعا بالإباحة الأصلية ولأصحاب العقارالمتصل بها أيضا بعض نواحى الانتفاع الأخرى كفتح الأبواب والنوافذ وغيرها مما لا ضرر فيه 0
يقول الغزالى [52] : فالشوارع على الإباحة كالموات إلا فيما يمنع الطروق (أى المرور) فلكل واحد أن يتصرف بما لا يضر المارة وكذلك الهواء كما يقول السرخسى [53] .
ويقول الفقهاء فى الطريق الخاص: إن حق العامة يتعلق به أيضا فيستعملونه فيما شرع من أجله من المرور واللجوء إليه وقت الزحام ما دام أصحاب الطريق لم ينشئوا عند أحداثه ما يدل على تخصيصه بهم، والإذن الخاص من الشارع بإباحة الانتفاع بشئ مثل إباحة الرسول عليه الصلاة والسلام لأحد الأفراد أن يتزوج امرأة بما معه من القرآن دون أن ينقذها مهرا أو يشترط لها التعلم كما فى الحديث المتفق عليه أن النبى - صلى الله عليه وسلم - وهب امرأة لرجل بقوله: (ملكتكها بما معك من القرآن فقد أباح له المتعة بما لم يبحها به لغيره) [54] .
ومن ذلك فيما يرى الخطابى الشخص الذى جامع امرأته فى نهار رمضان ولما ذهب إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وقص عليه، قال له فى شأن الكفارة وكانت الإطعام: (أذهب فأطعمه أهلك) .
ويقول الخطابى: (إن الإذن فى إطعام الكفارة لأهله الدين تجب نفقتهم عليه كان رخصة له خاصة) [55] .
ومن ذلك الإذن للمسافر فى الفطر على ما ذكره ابن الحاجب والبيضاوى فى المنهاج. والإذن للطبيب بالاطلاع على عورة المرأة للعلاج إذا لم يكن متعينا لذلك العلاج وإلا كان واجبا لا مباحا.
إذن العباد بعضهم مع بعض: ويتحقق هذا فى أمرين، أحدهما الأموال الخاصة التى يأذن فيها بعض الناس لبعض كهبات، والطعام والشراب إباحة عامة أو خاصة. وكذا فى نثر الدراهم والورود أو ترك الشىء من ذلك مع الإذن بأخذه، ففى هذه الجزئيات وأمثالها تسليط على نفس العين وإباحة لاستهلاكها.
الثانى: منافع هذه الأموال وكذا الحقوق التى تستباح بإباحة الأفراد وهى ما كانت حقا خالصا للعباد، لأنها تستباح بإباحة المالك وتتحقق الإباحة الخاصة فى ذلك بالإذن لأخر من مالك العين أو من مالك المنفعة لينتفع المأذون له بالعين على الوجه الذى أذن له فيه، كأن يأذن إنسان لآخر بأن يركب سيارته أو يضيفه للمبيت عنده أو يأذنه باجتياز ممره الخاص أو إمرار الماء فى مجراه الخاص، ويستوي فى ذلك أن يكون الآذن مالكا لرقبة ما أذن فيه ومنفعته أو مالكا لمنفعته فقط، كأن يأخذه بطريق الإجارة أو الإعارة أو الوصية أو الوقف إذا تحقق شرط صحة الإذن لمالك المنفعة على التفصيل الوارد فى كتب الفقه فى مواضعه.
أسباب الإباحة:
الإباحة الأصلية سببها فى الواقع انتفاع الناس والتوسعة عليهم، يقول الله تعالى: {هو الذى خلق لكم ما فى الأرض جميعا} [56] فاللام تفيد الاختصاص على جهة الانتفاع للمخاطبين ألا ترى أنك لو قلت الثوب لزيد فإن معناه أنه مختص بنفعه [57] .
ويرى الشاطبى فى موافقاته أن الرخصة غالبا من قبيل الحكم التخييرى فغالب الرخص على نمط المباح، فالترخيص غالبا سبب من أسباب الإباحة الطارئة لأن معنى الترخيص التيسير والتسهيل على المكلف بتخييره بين الأخذ بالعزيمة أو الرخصة، وهذا هو معنى الإباحة ولا أدل على ذلك من ورود الترخيص بأساليب الإباحة فى النصوص القرآنية قال تعالى: (فمن أضطر غير باغ ولا عاد فلا أثم عليه ([58] . ففى الإثم من أساليب الإباحة وقد ورد الترخيص به، قال تعالى: (وإذا ضربتم فى الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ([59] . فالترخيص ورد بأسلوب الإباحة وهو نفى الجناح الأمر الذى يدل على أن المرخص به مباح، وأن الترخيص من أسباب الإباحة الطارئة، وقد أورد الشاطبى شبها على هذا ورد عليها [60] (انظر رخصة) .
وغيره من الأصوليين يقسمون الرخصة إلى واجبة كأكل الميتة عند الاضطرار، ومندوبة كقصر الصلاة للمسافر، ومباحة كالسلم والإجارة. فلا يعد الترخيص سببا من أسباب الإباحة عندهم إلا فى القسم الأخير، فالترخيص الذى يعد سببا هو ترخيص الشارع للمكلف بفعل المرخص به أو تركه دون أن يكون أحدهما راجحا على الأخر [61] وكذا فإنه يباح للمضطر أن يتناول من الميتة عند ضرورة خوف الهلاك من شدة الجوع بأن يأخذ منها ما يسد به رمقه عند الحنفية والمالكية والشافعية والظاهرية ير وقد أوجبه الحنابلة [62] . وكقتل الصائل فإنه يباح للمجني عليه قتل الجانى أو قطع طرفه والمعتبر فى الفقه عدم ترتب أى جزاء على هذا القتل، فعدم ترتب الجزاء من ناحية العقوبة أو المثوبة دليل على أن الفعل مباح مستوى الطرفين ولا خلاف بين العلماء فى أن الإكراه الملجئ يكون سببا من أسباب الإباحة لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: " رفع عن آمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " والمرفوع هو الإثم باتفاق الفقهاء وهذا آية الإباحة الفعل المكره عليه إذ لو لم يكن مباحا لما أرتفع إثمه ولما ارتفعت المؤاخذة عليه، فالمكره على شرب الخمر إكراها تاما يباح له ان يتناول الخمر ولو تناوله لا يقام عليه الحد اتفاقا.
وقال أبو يوسف، من الأحناف: إنه يباح له أن يترك التناول حتى لو مات كان غير آثم، وذهب جمهور العلماء إلى أن المكره على شرب الخمر لا يسعه أن يترك الشرب فالترك الجائز له بمقتضى الإباحة التى تدل على استواء الطرفين يمنع منه انه يفضى الى التهلكة، وهذا محرم يقول الله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة [63] (وإن كان الإكراه ناقصا فالأحناف على أن الشرب يحرم على المكره فلا يكون الإكراه الناقص سببا من أسباب الإباحة ويرى بعض العلماء أن الإكراه بنوعيه التام أو الناقص يبيح الفعل عملا بالإطلاق الموجود فى حديث " رفع عن آمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ".
غير أن المالكية والظاهرية يرون الإكراه على إتلاف مال الغير لا يبيح الفعل ولو كان الإكراه تاما لتعلق حق العبد به فالشارع لم يبح لإنسان أن يدفع الضرر عن نفسه بإضرار غيره ولقول الرسول: " لا ضرر ولا ضرار "، وقد يكون الاستحسان سببا من أسباب الإباحة كالسلم مثلا محظور أستفيد حظره من قوله عليه الصلاة والسلام: " لا تبع ما ليس عندك " لأن النهى يفيد الحظر، ولكن ورد نص شرعي يقتضى استثناءه من عموم هذا الحظر وهو قوله عليه الصلاة والسلام: " من أسلف فليسلف فى كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ".
فللمكلف بمقتضى هذا الاستحسان أن يتعامل بالسلم وأن يترك التعامل به فهو مجر بين فعله بناء على الاستحسان، وتركه بناء على أصل الحظر، ومن ذلك أيضاً إباحة عقد الإجارة وهى عقد على المنافع، فالأصل فيها الحظر لاندراجها تحت حديث " لا تبع ما ليس عندك "، إذ المنافع معدومة، لكن ورد نص شرعى يقتضى إخراجها من عموم هذا الحديث وهو قوله عليه الصلاة والسلام: " أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه " 0
ومن ذلك إباحة وقف الكتب وآلات الحرب، وإباحة استعمال سؤر سباع الطير قياسا على سؤر الإنسان، مع أن القاعدة أن الوقف لا يكون إلا مؤيدا، والقياس على سؤر سباع البهائم يقتضى عدم إباحة سؤر الطير.
والبيع بشرط محظور عملا بما روى عن النبى عليه الصلاة والسلام: أنه نهى عن بيع وشرط، ولكن جرى العرف ببيع الساعة مثلا بشرط إصلاحها مدة معينة، فيجريان العرف بذلك جعل البيع بشرط مع كونه محظورا باعتبار النص، مباحا باعتبار العرف. ومن ذلك الاستصناع، فالأصل فيه الحظر لأن المعقود عليه غير موجود فهو مخالف للقواعد العامة التى تقضى بوجود المعقود عليه، لكن لما جرى العرف بذلك كان جريان العرف سببا من الأسباب المبيحة لذلك المحظور، فالمكلف مخير بين أن يتعامل بالاستصناع وبين أن يتركه، وإذا كان هناك فعل حظره الشارع كقتل المسلم بغير حق، فقد تعرض لهذا المحظور مصلحة تجعل القتل مباحا كما إذا تترس الكفار بجماعة من المسلمين، بحيث لو كففنا عنهم لتغلب الكفار علينا واستولوا على دار الإسلام، ولو رمينا الترس وقتلنا المسلمين الذين معهم لاندفعت القوة عن كافة المسلمين قطعا، فهذا القتل وإن كان الدافع له المصلحة إلا أن هذه المصلحة لم يدل دليل من الشرع على اعتبارها ولا على إلغائها، وهى التى كانت سببا فى إباحة القتل المحظور.
وأكثر الفقهاء والأصوليين على أن الطلب بعد الحظر يفيد الإباحة، وإن كان المعتزلة يرون أنه يفيد الوجوب.
وتوقف أمام الحرمين فى حكمه، فقد طلب الرسول ادخار لحوم الأضاحى بعد نهيه عن ذلك، وذلك فيما روى عنه من أنه قال: " كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحى، فكلوا وادخروا ".
كما طلب زيارة القبور بعد نهيه عن ذلك فيما روى عنه من قوله: " كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها " ... فكل من الادخار من لحوم الأضاحى وزيارة القبور كان محظورا، فطلب الشارع فعله فذهب أكثر الفقهاء إلى أن هذا يفيد إباحة ما كان محظورا لا وجوبه أو ندبه [64] .
ومن ذلك قوله تعالى: {وإذا حللتم فاصطادوا} [65] . وقوله تعالى: {يأيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة، فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون. فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل الله، واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون} [66] .
طروء الإباحة على الواجب:
قد ينسخ الواجب فيصبح النسخ سببا فى إباحته اتفاقا، وهذا إذا ورد فى النص الناسخ ما يفيد الإباحة. أما إذا كان النص الناسخ لم يرد فيه ما يدل على إباحته أو تحريمه فهو أيضا يفيد الإباحة عند بعض العلماء.،
وخالف فى ذلك الغزالى لأن الوجوب يتضمن جواز الفعل الحرج في الترك ومعنى ذلك أنه لا حرج فى الفعل ولا حرج فى الترك، وهذا هو المباح لاستواء الطرفين من حيث الفعل والترك.
هل الإباحة حكم شرعى؟:
أجمع الأصوليون على أن الإباحة حكم شرعى يقول صاحب مسلم الثبوت [67] : الإباحة حكم شرعى، لأنه خطاب الشرع تخييرا والإباحة الأصلية نوع منه.
ويقول الغزالى [68] : " المباح من الشرع " ولم يخالف فى ذلك الا بعض المعتزلة فإنهم قالوا: " إنه ليس من الشرع، إذ معنى المباح رفع الحرج عن الفعل والترك، وذلك ثابت قبل السمع، فمعنى إباحة الشارع شيئا أنه تركه على ما كان عليه قبل ورود السمع ولم يغير حكمه "، " وكل ما لم يثبت تحريمه ولا وجوبه بقى على النفى الأصلى فعبر عنه بالمباح " وقد ناقش الشارع المعتزلة بما خلاصته: أن بعض الأفعال نص الشارع على التخيير فيه صراحة، وبعضها ذكر ما يدل على التخيير فيه بغير لفظ صريح وأيده العقل فهذه إباحة شرعية بلا كلام.-
وأما ما لم ينص الشارع فيه على شىء، فيمكن أن يقال أن السمع دل عليه على معنى أنه قال: " ما لم يرد فيه طلب فعل ولا ترك فالمكلف مخير فيه " كما رد الآمدى عليهم بقوله: " نحن لا ننكر أن انتفاء الحرج عن الفعل والترك ليس بإباحة شرعية، وإنما الإباحة الشرعية خطاب الشارع بالتخيير، وذلك غير ثابت قبل ورود الشرع ولا يخفى الفرق بين القسمين، فإذن ما أثبتناه من الإباحة الشرعية لم يتعرض المعتزلة لنفيه، وما نفى غير ما أثبتناه.
مذهب الكعبى فى الإباحة:
هذا وقد نفى الكعبى من المعتزلة وجود المباح فى الشرع إذ كل فعل موصوف بالإباحة مظهره تخيير المكلف بين الفعل والترك هو فى الواقع واجب مأمور به، لأن الأمور فى الشرع مترددة بين أن يكون فعلها هو المطلوب أو تركها هو المطلوب، تبعا للأكثر نفعا، إذ الشارع إنما يأمر بالذى نفعه أكثر من ضرره، ولا يمكن أن يتساوى الفعل والترك بالنسبة لنفع المكلف وضرره وما دام كذلك فلا يكون هناك تخيير فى الحقيقة، لأن الذى نفعه اكثر مأمور به والذى ضرره أكثر منهى عنه لانتفاء التساوى بين النفع والضرر على هذا الوجه ومادام التساوى منتفيا فالتخيير بين الفعل والترك غير متصور، فينتج أنه لا يمكن أن يكون فى الشرع مباح.
فالأكل والشرب كل منهما مطلوب بالقدر الذى يقيم الأود، واللهو المشروع مطلوب بالقدر الذى ينتفع به الذهن والجسم، والنوم مطلوب بالقدر الذى يسلم به العقل والجسم، والسعى فى طلب الرزق مطلوب بالقدر الذى تبقى به الحياة ... وهكذا بالنسبة لكل ما اتصف بأنه مباح.
ونص دليل الكعبى الذى نقله الآمدى هو:" ما من فعل يوصف بكونه مباحا إلا ويتحقق بالتلبس به ترك حرام ما، وترك الحرام واجب ولا يتم تركه دون التلبس بضد من أضداده، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وبذا يكون فعل ما ظاهره التخيير واجبا عند الكعبى) ".
وقد نقل الآمدى [69] ردا على الكعبى بأنه " إن كان ترك الحرام واجبا فالمباح ليس هو نفس ترك الحرام بل شىء يترك به الحرام مع إمكان تحقق ترك الحرام بغيره فلا يلزم أن يكون واجبا ".
ثم يقول: " وهذا الموضوع فى غاية الغموض والإشكال ".
هل المباح يدخل تحت التكليف
ومما يتصل بهذين الموضوعين كون المباح داخل تحت التكاليف أم لا؟
فجمهور العلماء اتفقوا على أنه غير داخل فى التكاليف، إذ التكليف يكون بطلب ما فيه كلفة ومشقة، وهذا غير متصور فى التخيير بين الفعل والترك، غير أن أبا إسحاق الأسفرايينى يرى دخول لمباح تحت التكاليف، لأنه يجب اعتقاد إباحته والوجوب من خطاب التكليف.
ولعلهم يدخلون المباح الذى عبروا عنه بالتخيير فى التكليف تغليبا للأحكام التكليفية عليه لكثرة أنواعها من ناحية، إذ التكليف إلزام ما فيه كلفة ومشقة، ولا شىء من ذلك فى المباح، وقد يكون ذلك التغليب لأن كثيرا من الأفعال المباحة جاءت بصيغة الطلب الذى هو الاقتضاء، وقد يكون ذلك بالنظر إلى وجوب اعتقاد كونه مباحا لا بالنظر إلى الفعل نفسه، وقد قال الشاطبى: إن المباح لا يكون مطلوب الفعل، ولا مطلوب الاجتناب، وأفاض فى الاستدلال على ذلك.
حكم أفعال العباد الاختيارية قبل بعثة الرسول:
نقلت كتب الأصول خلافا طويلا فى هذا فجمهور أهل السنة على أن أفعال العباد الاختيارية قبل بعثة الرسل لا ثواب عليها ولا عقاب فتكون كل الأفعال على البراءة الأصلية التى يعبرون عنها أحيانا بالإباحة الأصلية 0
أما المعتزلة: فيقولون فيما أدرك العقل حسنه وقبحه وانعدام كل منهما فيه أنه ينقسم إلى الأقسام الخمسة التي تعلق فيها حكم الشرع بأفعال المكلفين بعد ورود الشرع وما لم يدرك العقل حسنه ولا قبحه، فإنهم يختلفون فيه على ثلاثة مذاهب: مذهب يقول بالإباحة. وآخر يقول بالتحريم. وثالث بالتوقف.
على أن هذه الأقوال نفسها تنقل عن الأشاعرة من أهل السنة فى الأفعال الاختيارية بصفة عامة قبل البعثة [70] .
وأما أفعال المكلفين بعد بعثة الرسل فيما لم يرد نص بحكمه، فيقول الأسنوى [71] : الأصل فى الأشياء النافعة الإباحة، وفى الأشياء الضارة الحرمة.
ويقول ابن السبكى [72] فى جمع الجوامع وشرح المحلى: الصحيح فى حكم أفعال العباد بعد البعثة فيما لم يرد به نص أن أصل المضار التحريم والمنافع الحل.
وقد نقل الكمال [73] خلافا بين أهل السنة فى أن الأصل فى الأفعال الإباحة أو الحظر وناقش كلا من الرأيين بما يفيد ان الخلاف فى الأفعال قبل البعثة.
ويقول الشوكانى [74] : الأصل فيما وقع فيه الخلاف ولم يرد فيه دليل يخصه أو يخص نوع الإباحة أو المنع أو الوقف فذهب جماعة من الفقهاء إلى أن الأصل الإباحة، وذهب الجمهور إلى أن الأصل المنع، وذهب الأشعرى وبعض الشافعية إلى الوقف وصرح الرازى فى المحصول بأن الأصل فى المنافع الإذن وفى المضار المنع.
اثر الإباحة
- إذن الشارع بالاستهلاك والاستعمال يقتضى ملكية مستقرة بالاستيلاء الحقيقى على المأذون فيه أو اختصاصا لمن سبق فلا يملك أحد أن ينتزعه منه أو ينحيه عنه إذ لا يتصور انتهاؤها من الإذن.
وأما إذن العباد فانه مختلف فى أثره بين المذاهب على الوجه الآتي:
أولا- المذهب الحنفى:
جاء فى رد المختار [75] : إذا تعلقت الإباحة بعين كما إذا ترك شخص ماله وقال من شاءه فليأخذه، ومن نثر نقودا ليأخذ كل من تناوله يده أو دعا صديقا إلى تناول طعامه فالجمهور من الحنفية على أن المال يظل مملوكا لصاحبه إلى أن تناله يد المباح له فيمتلكه بأخذه أو بتناوله، فإذا استهلكه بعد ذلك فقد استهلك مالا مملوكا.
وذهب آخرون إلى أن ذلك ليس من قبيل التمليك وأن المباح له لا يتملك المال بتناوله وإنما يظل المال ملكا لصاحبه ويستهلكه المباح له على ملك صاحبه بإذنه ولهذا لا يضمنه وعلى الرأي الأول أفتى فى كثير من المسائل.
وفى الدر المختار [76] أن من دعا قوما إلى طعام وفرقهم على أخونة فليس لأهل خوان مناولة أهل خوان آخر، ولا إعطاء سائل وخادم وهرة وكلب، ومثله فى الفتاوى الهندية [77] والبرازية [78] .
وعلله صاحب الجوهرة بأنه أباح لهم خوانهم دون غيرهم، فإن ناول أهل خوان غيرهم لا يحل لهم أن يأكلوه. ومثله فى الفتاوى الهندية [79] بل ذكر صاحب الفتاوى الهندية أنه لا يجوز أن يدفع الضيف إلى ولد صاحب المائدة وعبده وسنوره، ثم قال: أن الاستحسان جواز ذلك.
وفى التتارخانية [80] عن فتاوى النسفى:
سئل نجم الدين عن امرأة أعطت زوجها مالا بسؤاله ليتوسع بالتصرف فيه فى المعيشة فظفر بالزوج بعض الغرماء واستولى على المال، هل للمرأة أن تأخذ ذلك المال من ذلك الغريم؟
قال: إن كانت وهبته للزوج أو أقرضته له فلا، وإن كانت أعطته ليتصرف فيه على ملكها فلها ذلك.
وفى الفتاوى الهندية أيضا: أن من وضع مقدارا من السكر أو عددا من الدراهم بين قوم وقال: من شاء أخذ منه شينا، أو قال: من أخذ منه شيئا فهو له فكال من اخذ منه شيئا يصير ملكا له ولا يكون لغيره ان يأخذ ذلك منه (81)
ومن أصرح ما أورده الفقهاء فى هذا المقام من عدم أفاد الإباحة التمليك ما جاء فى مبسوط السرخسى، من أن المباح له الطعام لا يملكه وإنما يتناوله على ملك المبيح وفى مرير الرافعى ما يقيد أنه يستهلكه وهو على ملك صاحبه.
ثانيا- فى الفقه الشافعى:
جاء فى حاشية البجرمى على الإقناع [82] أن رجلا لو أعطى آخر كفنا لأبيه فكفنه فى غيره فعليه رده له إن كان لم يقصد التبرع على الوارث وعلم قصده، فان قصد التبرع وعلم قصده كان هبة للوارث فلا يلزمه رده، وعبارة الشافعية تنفق فى دلالتها مع مسلك بعض الأحناف من أن مجرد الإباحة لا تفيد تمليكا وإنما هى طريق إليه.
يقول القليوبى فى حاشيته على شرح المنهاج [83] : " إن الملك فى الضيافة يترتب عليها بالوضع فى الفم أو بالازدراد على الأصح، ورجح صاحب نهاية المحتاج تبعا للشرح الصغير والمفتى به عندهم أنه يملكه بوضعه فى فمه ".
ثم قال: إنه يحل التقاط المنثور فى الأملاك وليمة النكاح، كالسكر واللوز والفلوس، وأن من أخذ من المنثور أو التقط وبسط ثوبه لأجله فوقع فيه ملكه.
وفى حاشية الباجورى [84] على ابن القاسم والمنهاج وشرحه أيضا [85] .
يجوز للضيف الأكل مما قدم له بلا لفظ من مضيفه اكتفاء بالقرينة العرفية كما فى الشرب من السقايات التي فى الطريق إلا أن ينتظر الداعى غيره أو يكون قبل تمام السفرة، فلا يأكل حتى يحضر أو يأذن المضيف لفظا بخلاف غير ما قدم له فليس له الأكل منه.
ولا يتصرف فيما قدم له بغير الأكل لأنه المأذون فيه عرفا، فلا يطعم منه سائلا ولا هرة إلا بإذن صاحبه أو علم رضاه. نعم له أن يلقم منه غيره من الأضياف إلا أن يفاصل المضيف الطعام بينهم فليس لمن خص بنوع أن يطعم غيره منه ويملك الضيف ما التقمه بوضعه فى فمه بمعنى أنه إن ازدرده استقر على ملكه، وإن أخرجه من فمه تبين بقاؤه على ملك صاحبه.
ثالثاً - فى الفقه المالكى:
جاء فى حاشية الصاوى على الشرح الصغير للدردير [86] :
" هل الطعام المقدم للضيوف يملكونه بمجرد التقديم أو لا يملكونه إلا بالأكل وعلى كل لا يجوز للواحد من الضيوف أن يعطى أحدا منه شيئا بغير إذن صاحبه بناء على أنه لا يملكه إلا بالأكل أو بغير إذن من بقية أصحابه بناء على ملكهم له بالتقديم فعلى الأول العبرة بإذن بعضهم وعلى الثانى العبرة بإذن صاحب الطعام.
وفى فتاوك عليش [87] : " وسئل سيدى أحمد الدردير عن ذى فرح نثر على حاضريه دراهم فوقع فى حجر رجل منهم دراهم أكثر من غيره فهل يختص بها عن الحاضرين؟ قال: يختص الذى سقط فى حجره الدراهم الزائدة بها.
وينقل القرطبى المالكى [88] وغيره من المفسرين عند قوله تعالى فى سورة النور: " ولا على أنفسكم أن تأكلوا ([89]) "، ينقلون عن أئمة السلف أن الإباحة فى هذه المسائل لا تعدو أن تكون إذنا بالانتفاع القاصر، وأنه لا يجوز للمباح له أن ينقل العام إلى الخارج ولو إلى نفسه، هذا وإباحة المنافع كإباحة الأعيان لا تقتضى تمليكا فلا يملك المأذون له الإنابة ولا المعاوضة، وقد سمى القرافى من المالكية [90] إعطاء هذا الحق بتمليك الانتفاع وفرق بينه وبين ملك المنفعة وعبارته: تمليك الانتفاع يراد به أن يباشره هو بنفسه فقط وتمليك المنفعة أعم وأشمل فيباشر بنفسه ويمكن غيره من الانتفاع بعوض وبغير عوض، وتمليك الانتفاع كسكنى المدارس والرباط، ومنه الوقف على السكن إذا لم يزد على ذلك فإن زاد كقوله ينتفع بجميع أنواع الانتفاع، فهو تصريح بتمليك المنفعة وصار من النوع الثانى.
وفى تهذيب الفروق [91] : " القاعدة أن الأصل بقاء الأملاك على ملك أربابها والنقل والانتقال على خلاف الأصل، فلذا متي شككنا فى رتب الانتقال حملناه على أدنى المراتب استصحابا للأصل فى الملك السابق ".
وفرع على هذا أنه لا يجوز للضيف أن يبيع الطعام المعد للضيافة، ولا أن يأكله للغير، بل يكله هو خاصة، على جرى العادة. نعم، له إطعام الهرة اللقمة واللقمتين ونحوهما بشهادة العادة لذلك.
رابعاً - فى الفقة الحنبلى:
ينقل ابن قدامة فى المغنى [92] أن النثار وإن كان مكروها إلا أنه لو حصل فى حجره شىء من النثار فهو له غير مكروه لأنه. مباح حصل فى حجره فملكه كما لو وثبت سمكة من البحر فوقعت فى. حجره، وليس لأحد أن يأخذه من حجره [93] .
وفى المحرر فى باب الوليمة: " النثار والتقاطه مكروه تنزيها وعنه لا يكره كالمضحى يقول من شاء اقتطع ويملكه مرن أخذه أو وقع فى حجره مع القصد له وبدون القصد وجهان ".
خامسا- فى الفقة الظاهرى [94] :
جاء فى المحلى:
" وكدار يبيح سكناها ودابة يمنح ركوبها وأرض يمنح زراعها وعبد يخدمه فما حازه الممنوح من كل ذلك فهو له لا طلب للمانح فيها وللمانح أن يسترد عين ما منح متى شاء سواء عين مدة أو لم يعين أشهد أو لم يشهد لأنه لا يحل مال أحد بغير طيب نفسه إلا بنص، ولا نص فى هذا وتعيينه المدة عدة والوعد لا يلزم الوفاء به فى باب النذور.. فما قبضه المجعول له فلا رجوع لصاحب الرقبة فيه وما لم يقبضه المجعول له فلصاحب الرقبة استرجاع رقبة ماله.
سادسا - فى فقة الإمامية
جاء فى مفتاح الكرامة [95] : ملك المباحات متوقف على الحيازة والنية، ومع هذا فقد جاء فى موضع أخر: " إن المباح لا يحتاج فى تملكه إلى نية إذ نيته عين إحرازه عند بعضهم.
سابعاً - فى فقة الزيدية:
جاء فى البحر الزخار [96] : النثار مباح إذ ما نثره مالكه إلا إباحة له ولا قول للهادى فيه لا نصا ولا تخريجا. وفيه: من مد ثوبه فله ما وقع فيه كالشبكة فإن سقط منه شئ ففى جواز أخذه تردد الأصح لا يجوز. وكذا انتهاب الناهب واحضاره يغنى عن الإباحة وقيل لا قلنا القرينة كافية، وإنما يؤكل بالإباحة كالطعام وله الرجوع ما لم يمضغ على الخلاف فى الطعام، قال وفيه نظر. إذ قد جعلوا له حكم الملك بعد الإحراز، وفيه أيضا: الإباحة لا تفتقر إلى لفظ بل تكفى القرائن كتقديم الطعام لعرف المسلمين والجهاز للمجهز ما لم يصدر منه لفظ تمليك أو قرينة هدية. إذ مجرد التسليم غير كاف بل ملك لمن صار إليه العرف المطرد فى دفعه تمليكا كالهدية وعدم ارتجاعه لا غرامة لما أتلف منه قولا واحدا إذ أدنى حالة الإباحة.
ثامناً - فى فقه الإباضى:
يقول صاحب شرح النيل: " ولا تناول أحداً شيئا على مائدة غيرك وهذا حق على الضيف فإن شاء صاحب الطعام أعطى سائلا أو قطا أو غيرهما أو إذن وللضيف فى الإعطاء ... وإن اعطى بدلالة عليه صحيحه مقبولة شرعا جاز، وإن رأى ما لابد فى حسن النظر من إعطائه شاور صاحب المال.
ما تنتهى به الإباحة
أشرنا إلى أن الإباحة الشارع لا يتصور إنهاؤها من قبله بعد انتهاء فترة الوحي، وأما الإباحة التى مصدرها العباد فإن الإذن فيها ينتهى بانتهاء المدة إن كان هناك أمد من الأذن أو بعدول الآذن عن إذنه ورجوعه فيه أو بوفاته أو بوفاة المأذون له، فإذا وجد شىء من هذه الأشياء بطل حق المأذون
له فى الانتفاع ولم يبق لورثته حق فيه، لأن الإباحة لا تفيد تمليكا وإنما تفيد حق انتفاع شخصا وانتهاء الإذن بانتهاء أمده أمر واضح لا يحتاج إلى بيان.
أما أنتهاؤه برجوع الآذن فلأن هذا الإذن لا يتقيد به الآذن ولا يلزمه المضي فيه عند جمهور العلماء لأنه تبرع كطرف.
غير أن الإباحة لا تنتهى بمجرد الرجوع وإنما تتوقف على علم المأذون له بذلك فى قول عند الشافعية.
وروى السيوطى فى الأشباه قولا آخر يفيد أن الإباحة تنتهى بمجرد رجوع الآذن ولو لم يعلم المأذون له بذلك.
وما انتهاؤها بموت الأذن فلأن الاستحقاق منوط ببقاء الإذن وقد بطل بالوفاء، وكذلك تنتهي الإباحة بوفاة المأذون له لأن حق الانتفاع رخصة شخصية فلا تنتقل إلى الورثة.

[1] يراجع القاموس المحيط ولسان العرب وغيرهما.
[2] المستصفى ج1 ص 74 المطبعة الأميرية.
[3] المنهاج وشرحه بهامش التقرير والتحبير ج1 ص 31،36.
[4] الأحكام لأصول الأحكام ج1 ص 175، 178 طبع دار الكتب بمصر.
[5] الموافقات ج 1 ص 68، 69 المطبعة السلفية سنة 1341 هجرية.
[6] جمع الجوامع لابن السبكى ج1 ص 105 الطبعة الأولى سنة 1316.
مرآة الأصول، شرح مرقاة الوصول لمنلاخسرو ص 278 طبع الآستانة سنة 1296.
التنقيح والتوضيح لصدر الشريعة ج3 ص 75 الطبعة الأولى سنة 1332.
إرشاد الفحول للشوكانى الطبعة الأولى ص6.
[7] راجع: للميدانى اللباب شرح الكتاب المطبعة الأزهرية سنة 1927 م ص 384 ولأبى بكر اليمنى: الجوهرة النيرة طبع الأستانة سنة 1304 هجرية ج2 ص 382. وللحصكفى: الدر المختار ج3 ص 609 الطبعة المليحية بمصر. ولعبد الله بن مودود: الأختيار ج3 ص 127 المطبعة الحلبى سنة 1355هجرية.
[8] رمز الحقائق ج2 ص 265.
[9] راجع القاضى زاده: نتائج الأفكار تكملة فتح القدير على الهداية ج8 ص 79 المطبعة التجارية، ولشيخ زاده مجمع الأنهر طبع الآستانة ج2 ص 523.
[10] الاختبار ج3 ص 108.
[11] والواقع أن هذا لا يعتبر تعريفا منه للإباحة بناء على تعريفه السابق الذى نقل عنة فى الكتب ولا سيما أنه عبر عنه فى ص 127 بما يفيد أن المباح هو الذى لا أجر فيه ص 127 بما يفيد أن المباح هو الذى لا أجر فيه ولا وزر، فقولة الحظر المنع إذن يكون مجرد تفسير لغوى لبيان المناسبة.
[12] التعريفات الجرجانية ص 2 المطبعة الخيرية الطبعة الأولى.
[13] المحلى ج9 ص 163 مطبعة الإمام سنة 1964 م.
[14] الإختبار شرح المختار ج3 ص 222.
[15] درر المنتقى ج2 ص 525 مطبوع بهامش مجمع الأنهر طبع الآستانة.
[16] سورة الأعراف:32.
[17] سورة الممتحنة:8.
[18] سورة الأنعام:119.
[19] المائدة:3.
[20] القرطبى ج2 ص 216 طبع دار الكتب الطبعة الأولى..
[21] الأحكام فى أصول الأحكام ص 208.
[22] راجع مختصر الأصول لابن الحاجب ج1 ص 428.
[23] المنهاج ج1 ص 253 بهامش التقرير.
[24] سورة المؤمنون:51.
[25] إرشاد الفحول ص 89.
[26] سورة المائدة:2.
[27] سورة المائدة:1.
[28] جمع الجوامع وشرحه ج1 ص 431.
[30] العزيزى على الجامع الصغير ج2 ص 255.
[31] الأحكام ج2 ص 260.
[32] سورة الأحزاب:53.
[33] سورة الجمعة:10.
[34] المنهاج للبيضاوى وشرحه للأسنوى ج1 ص 269.
[35] سورة الأحزاب:51.
[36] سورة الكهف:29.
[37] المستصفى ج1 ص 75.
[38] الأحكام فى أصول الأحكام ج1 ص 270.
[39] إرشاد الفحول ص 33.
[40] إرشاد الفحول ص 29.
[41] الأحكام فى أصول الأحكام ج1 ص 270.
[42] المستصفى ج1 ص 67.
[43] سورة البقرة: 275.
(44) راجع المنتقى شرح الملتقى ج2 ص 524 بهامش مجمع الأنهر وحاشية ابن عابدين ج5 ص 205 والإقناع ج1 ص 40.
[45] التوضيح لصدر الشريعة ج1 ص 69.
[46] الأسنوى على المنهاج بهامش التقرير ج1 ص 27.
[47] جمع الجوامع ج1 ص 26 التعريفات الجر جانية ص 57.
[48] الموافقات للشاطبى ج1 ص 107،119.
[49] الموافقات ج1 ص 72.
[50] المستصفى ج1 ص 75
[51] سورة المائدة:96
[52] الوجيز ج1 ص 178
[53] المبسوط ج 27 ص 9
[54] نيل الأوطار ج2 ص 171
[55] البخارى بشرح الكرمانى ج9 ص110 المطبعة المصرية.
[56] سورة البقرة:29
[57] الأسنوى ج2 ص 352
[58] البقرة: 173
[59] سورة النساء:101.
[60] الموافقات للشاطبى ج1 ص 215.
[61] الأسنوى على المنهاج بهامش التقرير والتخيير ج1 ص 53، 55 المطبعة الأميرية.
[62] باب الإكراه فى البدائع وحاشية الدسوقى وحاشية الشرقاوى على التحرير والمحلى وكشاف القناع
[63] سورة البقرة:195.
[64] الأحكام للآمدى ج2 ص 27.
[65] سورة المائدة:2.
[66] سورة الجمعة:9،10
[67] بهامش المستصفى ج1 ص 112
[68] المستصفى ج1 ص 75
[69] الأحكام ج1 ص 179
[70] المستصفى ج1 ص 63
الأحكام ج1 ص 130
شرح المنهاج ج1 ص 96، 105
جمع الجوامع وشرحة ج1 ص 79
[71] الأسنوى ج3 ص 119
[72] ج1 ص 79
[73] تيسير التحرير ج2 ص 121
[74] إرشاد الفحول ص265
[75] رد المختار ج3 ص 355 طبعة الحلبى.
[76] الدر المختار ج4 ص 373
[77] الفتاوى الهندية ج5 ص 254
[78] البزازية ج6 ص 243
[79] الفتاوى الهندية ج5 ص 344
[80] التتارخانية ج4 ص 404
(81) الفتاوى الهندية ج1 ص 15
[82] حاشية البجرمى ج3 ص 227
[83] شرح المنهاج ج3 ص 110
[84] حاشية الباجورى ج2 ص 139
[85] المنهاج وشرحه ج3 ص 298
[86] حاشية الصاوى ج2 ص 490 طبعة الحلبى
[87] ج2 ص 196 المطبعة الشرفية.
[88] تفسير القرطبى ج12 ص 15 والفخر الرازى ج24 ص 36
[89] سورة النور:61
[90] الفروق ج1 ص 187
[91] الفروق ج1 ص 194
[92] المغنى ج7 ص 13، 14
[93] وهذا أيضا من قبيل الهبة المعطاة التى تتحقق بها الهبة فى مذهب أحمد
[94] المحلى ج9 ص 163
[95] مفتاح الكرامة ج6 ص 179
[96] البحر الزخار ج3 ص 87، 88
نام کتاب : موسوعة الفقه المصرية نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست