responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حجة الله البالغة نویسنده : الدهلوي، شاه ولي الله    جلد : 2  صفحه : 179
أَقُول: إِنَّمَا كره تَفْضِيل بعض الْأَوْلَاد على بعض فِي الْعَطِيَّة لِأَنَّهُ يُورث الحقد فِيمَا بَينهم والضغينة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْوَالِد، فَأَشَارَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَن تَفْضِيل بَعضهم إِلَى بعض سَبَب أَن يضمر المنقوص لَهُ على ضغينة، ويطوي على غل، فيقصر فِي الْبر، وَفِي ذَلِك فَسَاد الْمنزل.
وَوَصِيَّة إِن كَانَ موقنا بِالْمَوْتِ، وَإِنَّمَا جرت بهَا السّنة لِأَن الْملك فِي بني آدم عَارض لِمَعْنى المشاحة، فَإِذا قَارب أَن يَسْتَغْنِي عَنهُ بِالْمَوْتِ اسْتحبَّ أَن يتدارك مَا قصر فِيهِ، ويواسي من وَجب حَقه عَلَيْهِ فِي مثل هَذِه السَّاعَة.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أوص بِالثُّلثِ وَالثلث كثير ". وَاعْلَم أَن مَال الْمَيِّت ينْتَقل إِلَى ورثته عِنْد طوائف الْعَرَب والعجم، وَهُوَ كالجبلة عِنْدهم وَالْأَمر اللَّازِم فِيمَا بَينهم لمصَالح لَا تحصى، فَلَمَّا مرض، وأشرف على الْمَوْت توجه طَرِيق لحُصُول ملكهم، فَيكون تأييسهم عَمَّا يتوقعون غمطا لحقهم وتفريطا فِي جنبهم، وَأَيْضًا فالحكمة أَن يَأْخُذ مَاله من بعده أقرب النَّاس مِنْهُ، وَأَوْلَادهمْ، بِهِ وأنصرهم لَهُ، وَأَكْثَرهم مواساة، وَلَيْسَ أحد فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْوَالِد وَالْولد، وَغَيرهمَا من الْأَرْحَام. وَهُوَ وَقَوله تَعَالَى:
{وَأولُوا الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله}
وَمَعَ ذَلِك فكثيراً مَا تقع أُمُور توجب مواساة غَيرهم، وَكَثِيرًا مَا يُوجب خُصُوص الْحَال أَن يخْتَار غَيرهم، فَلَا بُد من ضرب حد لَا يتجاوزه النَّاس وَهُوَ الثُّلُث لِأَنَّهُ لَا بُد من تَرْجِيح الْوَرَثَة، وَذَلِكَ بِأَن يكون لَهُم أَكثر من النّصْف، فَضرب لَهُم الثُّلثَيْنِ، ولغيرهم الثُّلُث.
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إِن الله أعْطى لكل ذِي حق حَقه، فَلَا وَصِيَّة لوَارث. أَقُول: لما كَانَ النَّاس فِي الْجَاهِلِيَّة يضارون فِي الْوَصِيَّة، وَلَا يتبعُون فِي ذَلِك الْحِكْمَة الْوَاجِبَة، فَمنهمْ من ترك الْحق والأوجب سواساته، وَاخْتَارَ الْأَبْعَد بِرَأْيهِ الأبتر. وَجب أَن يسد هَذَا الْبَاب، وَوَجَب عِنْد ذَلِك أَن يعْتَبر المظان الْكُلية بِحَسب الْقرَابَات دون الخصوصيات الطارئة بِحَسب الْأَشْخَاص، فَلَمَّا تقرر أَمر الْمَوَارِيث قطعا لمنازعتهم وسدا لضغائنهم كَانَ من حكمه أَلا يسوغ الْوَصِيَّة لوَارث؛ إِذْ فِي ذَلِك مناقضة للحد الْمَضْرُوب.

نام کتاب : حجة الله البالغة نویسنده : الدهلوي، شاه ولي الله    جلد : 2  صفحه : 179
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست