responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 43  صفحه : 113
كُل مَا لاَ يَتَقَدَّمُ فِي أَسْبَابِهِ مَعْصِيَةٌ وَلاَ يُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَلاَ يُقْصَدُ مِنْهُ فِي الْحَال وَالْمَآل قَضَاءُ وَطَرٍ، بَل يُتَنَاوَل لِلَّهِ تَعَالَى فَقَطْ، وَلِلتَّقَوِّي عَلَى طَاعَتِهِ، وَاسْتِبْقَاءِ الْحَيَاةِ لأَِجْلِهِ. وَيَرَوْنَ كُل مَا لَيْسَ لِلَّهِ حَرَامًا [1] امْتِثَالاً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُل اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ [2] } .

تَنَاوُل الْوَرَعِ لِلْمُبَاحَاتِ:
12 - قَال الْقَرَافِيُّ: هَل يَدْخُل الْوَرَعُ وَالزُّهْدُ فِي الْمُبَاحَاتِ أَمْ لاَ؟ فَادَّعَى ذَلِكَ بَعْضُهُمْ، وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ، وَضَيَّقَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَأَكْثَرُوا التَّشْنِيعَ. فَقَال الأَْبْيَارِيُّ فِي مُصَنَّفِهِ: لاَ يَدْخُل الْوَرَعُ فِيهَا لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَوَّى بَيْنَ طَرَفَيْهَا، وَالْوَرَعُ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، وَالنَّدْبُ مَعَ التَّسْوِيَةِ مُتَعَذِّرٌ، وَقَال الشَّيْخُ بَهَاءُ الدِّينِ الْحِمْيَرِيُّ: يَدْخُل الْوَرَعُ فِي الْمُبَاحَاتِ، وَمَا زَال السَّلَفُ الصَّالِحُ عَلَى الزُّهْدِ فِي الْمُبَاحَاتِ، وَيَدُل عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا [3] } ، وَغَيْرُهُ مِنَ النُّصُوصِ.

[1] إحياء علوم الدين [2] / 95 ط المعرفة.
[2] سورة الأنعام / 91.
[3] سورة الأحقاف / 20.
وكُلٌّ مِنَ الشَّيْخَيْنِ عَلَى الْحَقِّ وَالصَّوَابِ، إِذْ لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ فِي الْكَلاَمِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الْمُبَاحَاتِ لاَ زُهْدَ فِيهَا وَلاَ وَرَعَ فِيهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ مُبَاحَاتٌ، وَفِيهَا الزُّهْدُ وَالْوَرَعُ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الاِسْتِكْثَارَ مِنَ الْمُبَاحَاتِ يُحْوِجُ إِلَى كَثْرَةِ الاِكْتِسَابِ الْمُوقِعِ فِي الشُّبُهَاتِ، وَقَدْ يُوقِعُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ، وَكَثْرَةُ الْمُبَاحَاتِ أَيْضًا تُفْضِي إِلَى بَطَرِ النُّفُوسِ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الْعَبِيدِ وَالْخَيْل وَالْخَوَل وَالْمَسَاكِنِ الْعَلِيَّةِ وَالْمَآكِل الشَّهِيَّةِ وَالْمَلاَبِسِ اللَّيِّنَةِ لاَ يَكَادُ يَسْلَمُ صَاحِبُهَا مِنَ الإِْعْرَاضِ عَنْ مَوَاقِفِ الْعُبُودِيَّةِ وَالتَّضَرُّعِ لِعِزِّ الرُّبُوبِيَّةِ، كَمَا يَفْعَل ذَلِكَ الْفُقَرَاءُ أَهْل الْحَاجَاتِ وَالْفَاقَاتِ وَالضَّرُورَاتِ، وَمَا يَلْزَمُ قُلُوبَهُمْ مِنَ الْخُضُوعِ وَالذِّلَّةِ لِذِي الْجَلاَل وَكَثْرَةِ السُّؤَال مِنْ نَوَالِهِ وَفَضْلِهِ آنَاءَ اللَّيْل وَأَطْرَافَ النَّهَارِ، لأَِنَّ أَنْوَاعَ الضَّرُورَاتِ تَبْعَثُ عَلَى ذَلِكَ قَهْرًا، وَالأَْغْنِيَاءُ بَعِيدُونَ عَنْ هَذِهِ الْخُطَّةِ، فَكَانَ الزُّهْدُ وَالْوَرَعُ فِي الْمُبَاحَاتِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لاَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مُبَاحَاتٌ، وَيَدُل عَلَى اعْتِبَارِ مَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {كَلاَّ إِنَّ الإِْنْسَانَ لَيَطْغَى} {أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى [1] } ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ [2] } أَيْ مِنْ أَجْل أَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ

[1] سورة العلق / 6ـ7.
[2] سورة البقرة / 258.
نام کتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 43  صفحه : 113
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست