responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 34  صفحه : 206
بِكَذِبٍ فَالْكَذِبُ فِيهِ مُبَاحٌ، إِلاَّ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُحْتَرَزَ مِنْهُ مَا أَمْكَنَ؛ لأَِنَّهُ إِذَا فَتَحَ بَابَ الْكَذِبِ عَلَى نَفْسِهِ فَيُخْشَى أَنْ يَتَدَاعَى إِلَى مَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ، وَإِلَى مَا لاَ يَقْتَصِرُ عَلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ، فَيَكُونُ الْكَذِبُ حَرَامًا إِلاَّ لِضَرُورَةٍ، وَالَّذِي يَدُل عَلَى هَذَا الاِسْتِثْنَاءِ مَا وَرَدَ عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: " أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُول خَيْرًا [1] ، وَوَرَدَ عَنْهَا: لَمْ أَسْمَعْ يُرَخَّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُول النَّاسُ كَذِبٌ إِلاَّ فِي ثَلاَثٍ: الْحَرْبِ، وَالإِْصْلاَحِ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثِ الرَّجُل امْرَأَتَهُ وَحَدِيثِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا [2] ، فَهَذِهِ الثَّلاَثُ وَرَدَ فِيهَا صَرِيحُ الاِسْتِثْنَاءِ وَفِي مَعْنَاهَا مَا عَدَاهَا إِذَا ارْتَبَطَ بِهِ مَقْصُودٌ صَحِيحٌ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ.
فَأَمَّا مَا هُوَ صَحِيحٌ لَهُ فَمِثْل أَنْ يَأْخُذَهُ ظَالِمٌ وَيَسْأَلَهُ عَنْ مَالِهِ فَلَهُ أَنْ يُنْكِرَهُ، أَوْ يَأْخُذَهُ سُلْطَانٌ فَيَسْأَلَهُ عَنْ فَاحِشَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى ارْتَكَبَهَا فَلَهُ أَنْ يُنْكِرَ ذَلِكَ، فَيَقُول: مَا زَنَيْتُ، مَا سَرَقْتُ، وَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْقَاذُورَةَ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا،

[1] حديث أم كلثوم: " ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 299) ومسلم (4 / 2011) .
[2] حديث أم كلثوم: " لم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس. . . ". أخرجه مسلم (4 / 2011) .
فَمَنْ أَلَمَّ فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ وَلْيَتُبْ إِلَى اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَل [1] ، وَذَلِكَ أَنَّ إِظْهَارَ الْفَاحِشَةِ فَاحِشَةٌ أُخْرَى، فَلِلرَّجُل أَنْ يَحْفَظَ دَمَهُ وَمَالَهُ الَّذِي يُؤْخَذُ ظُلْمًا وَعِرْضَهُ بِلِسَانِهِ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا.
وَأَمَّا عِرْضُ غَيْرِهِ فَبِأَنْ يُسْأَل عَنْ سِرِّ أَخِيهِ فَلَهُ أَنْ يُنْكِرَهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ الْحَدَّ فِيهِ أَنَّ الْكَذِبَ مَحْذُورٌ، وَلَوْ صَدَقَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ تَوَلَّدَ مِنْهُ مَحْذُورٌ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَابَل أَحَدُهُمَا بِالآْخَرِ، وَيَزِنَ بِالْمِيزَانِ الْقِسْطِ، فَإِذَا عَلِمَ أَنَّ الْمَحْذُورَ الَّذِي يَحْصُل بِالصِّدْقِ أَشَدُّ وَقْعًا فِي الشَّرْعِ مِنَ الْكَذِبِ فَلَهُ أَنْ يَكْذِبَ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ أَهْوَنَ مِنْ مَقْصُودِ الصِّدْقِ فَيَجِبُ الصِّدْقُ، وَقَدْ يَتَقَابَل الأَْمْرَانِ بِحَيْثُ يَتَرَدَّدُ فِيهِمَا، وَعِنْدَ ذَلِكَ الْمَيْل إِلَى الصِّدْقِ أَوْلَى؛ لأَِنَّ الْكَذِبَ يُبَاحُ لِضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ مُهِمَّةٍ، فَإِنْ شَكَّ فِي كَوْنِ الْحَاجَةِ مُهِمَّةً، فَالأَْصْل التَّحْرِيمُ، فَيُرْجَعُ إِلَيْهِ.
وَلأَِجْل غُمُوضِ إِدْرَاكِ مَرَاتِبِ الْمَقَاصِدِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْتَرِزَ الإِْنْسَانُ مِنَ الْكَذِبِ مَا أَمْكَنَهُ، وَكَذَلِكَ مَهْمَا كَانَتِ الْحَاجَةُ لَهُ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ أَغْرَاضَهُ وَيَهْجُرَ

[1] حديث: " اجتنبوا هذه القاذورة. . . ". أخرجه الحاكم وصححه (4 / 244) من حديث ابن عمر، ووافقه الذهبي.
نام کتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 34  صفحه : 206
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست