responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 9  صفحه : 41
قُلْنَا: لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: 164] فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ هَذَا الْعُمُومِ إلَّا مَا جَاءَ بِهِ الْخَبَرُ فَقَطْ، وَهُوَ الْأَبُ الْأَدْنَى، وَبِالْخَبَرِ الْمَذْكُورِ يَبْطُلُ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي ذَكَرْنَا آنِفًا.
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الَّتِي بَقِيَتْ مَعَ زَوْجِهَا أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ - وَلَمْ يَطَأْهَا - أَنَّ أَبَاهَا يُزَوِّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا، فَإِنْ أَتَمَّتْ مَعَ زَوْجِهَا سَنَةً وَشَهِدَتْ الْمَشَاهِدَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا إلَّا بِإِذْنِهَا.
فَفِي غَايَةِ الْفَسَادِ، لِأَنَّهُ تَحَكُّمٌ لَا يَعْضُدُهُ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ، وَلَا رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ، وَلَا قَوْلُ أَحَدٍ قَبْلَهُ جُمْلَةً، وَلَا قِيَاسٌ، وَلَا رَأْيٌ لَهُ وَجْهٌ.
وَأَمَّا إلْحَاقُ الشَّافِعِيِّ الصَّغِيرَةَ الْمَوْطُوءَةَ بِحَرَامٍ بِالثَّيِّبِ، فَخَطَأٌ ظَاهِرٌ، لِأَنَّنَا نَسْأَلُهُمْ إنْ بَلَغَتْ فَزَنَتْ: أَبِكْرٌ هِيَ فِي الْحَدِّ أَمْ ثَيِّبٌ؟ فَمِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّهَا بِكْرٌ، فَظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ، وَصَحَّ أَنَّهَا فِي حُكْمِ الْبِكْرِ.
وَأَمَّا مَنْ جَعَلَ لِلثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ إذَا بَلَغَتْ أَنْ تَنْكِحَ مَنْ شَاءَتْ - وَإِنْ كَرِهَ أَبُوهَا - وَمَنْ جَعَلَ لِلْأَبِ أَنْ يُنْكِحَهَا - وَإِنْ كَرِهَتْ - فَكِلَاهُمَا خَطَأٌ بَيِّنٌ، لِلْأَثَرِ الثَّابِتِ الَّذِي ذَكَرْنَا آنِفًا مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ يَسْتَأْذِنُهَا أَبُوهَا» .
فَفَرَّقَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَيْنَ الثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ فَجَعَلَ لِلثَّيِّبِ أَنَّهَا أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، فَوَجَبَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا أَمْرَ لِلْأَبِ فِي إنْكَاحِهَا، وَأَنَّهَا أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ، وَجَعَلَ الْبِكْرَ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَأَوْجَبَ عَلَى الْأَبِ أَنْ يَسْتَأْمِرَهَا، فَصَحَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ الْأَمْرَيْنِ: إذْنُهَا، وَاسْتِئْذَانُ أَبِيهَا، وَلَا يَصِحُّ لَهَا نِكَاحٌ وَلَا عَلَيْهَا إلَّا بِهِمَا جَمِيعًا.
وقَوْله تَعَالَى: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: 164] مُوجِبٌ أَنْ لَا يَجُوزَ عَلَى الْبَالِغَةِ الْبِكْرِ إنْكَاحُ أَبِيهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا، وَقَدْ جَاءَتْ بِهَذَا آثَارٌ صِحَاحٌ -: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْمَرْوَزِيُّ نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ نا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى نا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: «أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهِيَ بِكْرٌ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهَا، فَأَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا» .

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 9  صفحه : 41
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست