responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 9  صفحه : 300
اخْتِلَاطِهَا - وَبِالْجُمْلَةِ فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ قَبْلَهُ بِهَذِهِ التَّقْسِيمَاتِ، وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ بِقَوْلٍ مِنْ أَحَدِ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ رُوِيَتْ عَنْ زَيْدٍ فِي إنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا، فَهِيَ ثَلَاثٌ فَقَطْ، وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ الْقَوْلِ نَفْسِهِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَفِي تَسْوِيَةِ زَيْدٍ بَيْنَ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ - فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُ بِزَيْدٍ.
وَقَدْ خَالَفَ هَذَا الْقَوْلَ قَوْلٌ لِزَيْدٍ آخَرُ، وَقَوْلٌ لِعُمَرَ، وَقَوْلٌ لِعَلِيٍّ - وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ لَا حُجَّةَ فِي تَصْحِيحِهَا، مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا مَعْقُولٍ، وَلَا قَوْلٍ مُتَقَدِّمٍ لَمْ يُخَالِفْهُ فِيهِ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ، وَلَا قِيَاسٍ، وَلَا رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ يُعْقَلُ.
وَاحْتَجَّ مَنْ رَأَى أَنَّ التَّخْيِيرَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الطَّلَاقِ بِأَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيَّرَ نِسَاءَهُ؟» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا الْمَالِكِيُّونَ فَلَا مُتَعَلِّقَ لَهُمْ بِذَلِكَ أَصْلًا، لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: لَا يَكُونُ التَّخْيِيرُ إلَّا فِي الْبَقَاءِ، أَوْ فِي الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ.
وَيَقُولُونَ: إنَّ طَلَاقَ الثَّلَاثِ بِدْعَةٌ وَمَعْصِيَةٌ، فَكَيْفَ يَجُوزُ - عِنْدَهُمْ - أَنْ يُخَيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي إنْفَاذِ مَعْصِيَةٍ، حَاشَا لِلَّهِ مِنْ هَذَا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّمَا خَيَّرَهُنَّ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؟ فَقُلْنَا: قَدْ بَطَلَ تَعَلُّقُكُمْ فِي أَنَّ لِلتَّخْيِيرِ تَأْثِيرًا فِي الطَّلَاقِ «بِتَخْيِيرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِسَاءَهُ» إذْ لَمْ يُخْبِرْهُنَّ تَخْيِيرًا عِنْدَكُمْ يَكُنَّ بِهِ إنْ اخْتَرْنَ الطَّلَاقَ طَوَالِقَ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَنَقُولُ لَهُمْ: الْآيَةُ نَفْسُهَا تُبْطِلُ دَعْوَاكُمْ لِأَنَّ نَصَّهَا: {إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا} [الأحزاب: 28] .
فَإِنَّمَا نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إنْ أَرَدْنَ الدُّنْيَا، وَلَمْ يُرِدْنَ الْآخِرَةَ: طَلَّقَهُنَّ حِينَئِذٍ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ مُخْتَارًا لِلطَّلَاقِ، لَا أَنَّهُنَّ طَوَالِقُ بِنَفْسِ اخْتِيَارِهِنَّ الدُّنْيَا - وَمَنْ ادَّعَى غَيْرَ هَذَا فَقَدْ حَرَّفَ كَلَامَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَقْحَمَ فِي حُكْمِ الْآيَةِ كَذِبًا مَحْضًا لَيْسَ فِيهَا مِنْهُ نَصٌّ وَلَا دَلِيلٌ.
وَمَوَّهَ بَعْضُهُمْ بِأَخْبَارٍ مَوْضُوعَةٍ -: مِنْهَا - مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ، وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، كِلَاهُمَا عَنْ رَبِيعَةَ: «أَنَّ وَاحِدَةً مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَكَانَتْ أَلْبَتَّةَ» ، وَعَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - هَالِكَانِ - ثُمَّ هُوَ مُرْسَلٌ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 9  صفحه : 300
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست