responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 9  صفحه : 260
ثُمَّ قَوْلُهُ " إنَّمَا تَزَوَّجَتْهُ رَجَاءً " فَيُقَالُ لَهُ: فَكَانَ مَاذَا؟ وَأَيُّ شَيْءٍ فِي هَذَا مِمَّا يُحِيلُ حُكْمَ مَا مَضَى عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -؟ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّونَ عَلَيْهِمْ بِحُجَّةٍ ظَاهِرَةٍ - وَهِيَ أَنْ قَالُوا: إذَا كُلِّفْتُمُوهَا صَبْرَ شَهْرٍ، فَلَا سَبِيلَ إلَى عَيْشِ شَهْرٍ بِلَا أَكْلٍ، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ تَكْلِيفِهَا الصَّبْرَ أَبَدًا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا اعْتِرَاضٌ صَحِيحٌ، إلَّا أَنَّهُ يُقَالُ أَيْضًا لِلشَّافِعِيِّ: إذَا طَلَّقْتُمُوهَا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا صَبْرَ عَنْ الْأَكْلِ، فَأَنْتُمْ تُكَلِّفُونَهَا الْعِدَّةَ - وَهِيَ رُبَّمَا كَانَتْ أَشْهُرًا - فَقَدْ كَلَّفْتُمُوهَا الصَّبْرَ بِلَا نَفَقَةٍ مُدَّةً لَا يُعَاشُ فِيهَا بِلَا أَكْلٍ وَلَا فَرْقَ - فَظَهَرَ فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ جُمْلَةً.
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا عَلَى أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، لَا عَلَيْنَا بِأَنْ قَالُوا: قَدْ اتَّفَقْنَا عَلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ مَنْ عَنَّ عَنْ امْرَأَتِهِ وَبَيَّنَهَا بِضَرَرِ فَقْدِ الْجِمَاعِ، فَضَرَرُ فَقْدِ النَّفَقَةِ أَشَدُّ؟ فَقَالَ لَهُمْ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: قَدْ اتَّفَقْنَا نَحْنُ وَأَنْتُمْ عَلَى أَنَّهُ إنْ وَطِئَهَا مَرَّةً ثُمَّ عَنَّ عَنْهَا أَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فَيَلْزَمُكُمْ أَنْ لَا تُفَرِّقُوا بَيْنَ مَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا مَرَّةً وَاحِدَةً فَأَكْثَرَ ثُمَّ أُعْسِرَ بِنَفَقَتِهَا؟ فَيَلْزَمُكُمْ أَنْ لَا تُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: كِلَا الطَّائِفَتَيْنِ تَرَكَتْ قِيَاسَهَا الْفَاسِدَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ كَقَوْلِنَا -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ نا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ نا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ نا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَجَدَاهُ جَالِسًا حَوْلَهُ نِسَاؤُهُ وَاجِمًا سَاكِنًا؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ رَأَيْتَ بِنْتَ خَارِجَةَ سَأَلَتْنِي النَّفَقَةَ فَقُمْتُ إلَيْهَا فَوَجَأْتُ عُنُقَهَا؟ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: هُنَّ حَوْلِي كَمَا تَرَى يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَةَ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَائِشَةَ يَجَأُ عُنُقَهَا وَقَامَ عُمَرُ إلَى حَفْصَةَ يُجَأْ عُنُقَهَا، كِلَاهُمَا يَقُولُ: تَسْأَلْنَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَيْسَ عِنْدَهُ؟ فَقُلْنَ: وَاَللَّهِ لَا نَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا أَبَدًا مَا لَيْسَ عِنْدَهُ، ثُمَّ اعْتَزَلَهُنَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - شَهْرًا» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إنَّمَا أَوْرَدْنَا هَذَا لِمَا فِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مِنْ ضَرْبِهِمَا ابْنَتَيْهِمَا، إذْ سَأَلَتَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - نَفَقَةً لَا يَجِدُهَا، وَإِذْ ضَرَبَ أَبُو بَكْرٍ امْرَأَتَهُ، إذْ سَأَلَتْهُ نَفَقَةً لَا يَجِدُهَا.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 9  صفحه : 260
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست