responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 9  صفحه : 14
جُمْلَةِ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: 5] لِأَنَّ الْإِحْصَانَ: الْحُرِّيَّةُ، وَالْإِحْصَانَ: الْعِفَّةُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} [التحريم: 12] أَيْ عَفَّتْ فَرْجَهَا.
وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَخُصَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5] الْحَرَائِرَ دُونَ الْعَفَائِفِ مِنْ الْإِمَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَائِلًا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ، وَشَارِعًا فِي الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى وَمُدَّعِيًا بِلَا بُرْهَانٍ، وَهَذَا لَا يَحِلُّ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 169] .
فَمَنْ لَا بُرْهَانَ لَهُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ فَلَا صِحَّةَ لِقَوْلِهِ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا: أَنَّ تَعَلُّقَهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] إنَّمَا فِيهِ إبَاحَةُ نِكَاحِ الْفَتَيَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَقَطْ، وَلَيْسَ فِيهِ مَنْعٌ مِنْ نِكَاحِ الْفَتَاةِ الْكِتَابِيَّةِ، وَلَا إبَاحَةٌ لَهَا، فَوَجَبَ طَلَبُهُ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الْآيَةِ وَلَا بُدَّ.
وَوَجَدْنَا إبَاحَتَهُمْ وَطْءَ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ إقْحَامًا فِي الْآيَةِ مَا لَيْسَ فِيهَا بِآرَائِهِمْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَثْنَى تَعَالَى فِي الْآيَةِ إبَاحَةَ الْكِتَابِيَّاتِ بِالزَّوَاجِ خَاصَّةً بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [المائدة: 5] وَأَبْقَى مَا عَدَا ذَلِكَ عَلَى التَّحْرِيمِ بِنَهْيِهِ تَعَالَى عَنْ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ، وَلَمْ يَأْتِ قَطُّ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِبَاحَةِ كِتَابِيَّةٍ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، فَهُمْ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ مُخْرِجُونَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ مَا فِيهَا مِنْ إبَاحَةِ زَوَاجِ الْعَفَائِفِ مِنْ الْكِتَابِيَّاتِ جُمْلَةً لَمْ يَخُصَّ حُرَّةً مِنْ أَمَةٍ وَيُقْحِمُونَ فِيهَا مَا لَيْسَ فِيهَا، وَلَا فِي غَيْرِهَا مِنْ إبَاحَةِ وَطْءِ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ.
وَمِمَّنْ قَالَ بِقَوْلِنَا فِي ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ -: مِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ، كَمَا رُوِّينَا قَبْلُ عَنْهُ مِنْ تَحْرِيمِ الْكَوَافِرِ وَغَيْرِهِنَّ جُمْلَةً، فَخَرَجَ مِنْ قَوْلِ مَا أَبَاحَهُ الْقُرْآنُ بِالزَّوَاجِ، وَبَقِيَ سَائِرُ قَوْلِهِ عَلَى الصِّحَّةِ.
وَفِيهِ تَحْرِيمُ الْأَمَةِ بِلَا شَكٍّ بِمِلْكِ الْيَمِينِ -: نا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ نا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَصِيرِ نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ نا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ نا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ بَكْرِ بْنِ مَاعِزٍ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ خَيْثَمَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ الْمُشْرِكَةَ حَتَّى تُسْلِمَ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 9  صفحه : 14
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست