responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 8  صفحه : 439
وَالْخَبَرُ الْمَشْهُورُ الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ طُرُقٍ، مِنْهَا: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ - هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ - أَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ نا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: «جَاءَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إنَّ زَوْجِي أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ شَحِيحٌ، لَا يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَبَنِي، أَفَآخُذُ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَبَنِيكِ بِالْمَعْرُوفِ» .
وَهَذَا حُكْمٌ عَلَى الْغَائِبِ.
فَإِنْ قَالُوا: إنَّمَا حَكَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى أَبِي سُفْيَانَ لِعِلْمِهِ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرَتْ لَهُ هِنْدُ.
قُلْنَا: إنَّ هَذَا لَعَجَبٌ عَهِدْنَا بِكُمْ تَجْعَلُونَ الْبَيِّنَةَ أَقْوَى مِنْ عِلْمِ الْحَاكِمِ فِي مَوَاضِعَ، مِنْهَا: مَا عُلِمَ قَبْلَ أَنْ يَلِيَ الْحُكْمَ، وَمِنْهَا: الْحُدُودُ فِي الزِّنَى، وَالْقَطْعُ، وَالْخَمْرُ، فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَ أَنْ يُحْكَمَ فِي كُلِّ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ، وَلَا تُجِيزُونَ أَنْ يَحْكُمَ فِي ذَلِكَ بِعِلْمِهِ، وَإِنْ عَلِمَهُ بَعْدَ وِلَايَتِهِ الْقَضَاءَ، فَمَرَّةً يَكُونُ الْحُكْمُ بِالْعِلْمِ عِنْدَكُمْ أَقْوَى مِنْ الْبَيِّنَةِ، وَمَرَّةً تَكُونُ الْبَيِّنَةُ أَقْوَى مِنْ الْعِلْمِ فَكَمْ هَذَا الْخَبْطِ فِي ظُلُمَاتِ الْجَهْلِ، وَالتَّحَكُّمِ فِي الدِّينِ بِالْبَاطِلِ.
وَكُلُّ مَا لَزِمَ الْحَاكِمَ أَنْ يَحْكُمَ فِيهِ بِعِلْمِهِ فَلَازِمٌ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِيهِ بِالْبَيِّنَةِ، وَكُلُّ مَا لَزِمَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِيهِ بِالْبَيِّنَةِ لَزِمَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِيهِ بِعِلْمِهِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} [النساء: 135] .
وَأَمَّا الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ: أَنَّ رَجُلًا كَانَ مَعَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَكَانَ ذَا صَوْتٍ وَنِكَايَةٍ فِي الْعَدُوِّ فَغَنِمُوا فَأَعْطَاهُ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ بَعْضَ سَهْمِهِ فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَ إلَّا جَمِيعًا، فَضَرَبَهُ عِشْرِينَ سَوْطًا وَحَلَقَ رَأْسَهُ، فَجَمَعَ شَعْرَهُ وَرَحَلَ إلَى عُمَرَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ، قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: وَأَنَا أَقْرَبُ النَّاسِ مَجْلِسًا مِنْ عُمَرَ، فَأَخْرَجَ شَعْرَهُ فَضَرَبَ بِهِ صَدْرَ عُمَرَ، وَقَالَ: أَمَا وَاَللَّهِ لَوْلَا فَقَالَ عُمَرُ: لَوْلَا مَاذَا؟ صَدَقَ وَاَللَّهِ لَوْلَا النَّارُ؟ فَقَالَ: كُنْت ذَا صَوْتٍ وَنِكَايَةٍ فِي الْعَدُوِّ، ثُمَّ قَصَّ قِصَّتَهُ عَلَى عُمَرَ. فَكَتَبَ عُمَرُ إلَى

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 8  صفحه : 439
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست