responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 8  صفحه : 411
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأَمْرَاضِ، فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ عَنْ صَاحِبٍ وَلَا تَابِعٍ أَصْلًا، وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْ النُّصُوصِ، فَحَصَلَ قَوْلُهُمْ لَا حُجَّةَ لَهُ أَصْلًا لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا مِنْ سُنَّةٍ، وَلَا رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلَا قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلَا قِيَاسٍ، وَلَا نَظَرٍ، وَلَوْ أَنَّ امْرَأً ادَّعَى عَلَيْهِمْ خِلَافَ إجْمَاعِ كُلِّ مَنْ تَقَدَّمَ فِي هَذِهِ الْأَقْوَالِ لَكَانَ أَقْرَبَ إلَى الصِّدْقِ مِنْ دَعْوَاهُمْ خِلَافَ الْإِجْمَاعِ فِيمَا قَدْ صَحَّ فِيهِ الْخِلَافُ، كَمَا أَوْرَدْنَا عَنْ مَسْرُوقٍ، وَالشَّعْبِيِّ وَغَيْرِهِمَا
وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً أَصْلًا، إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: نَقِيسُ ذَلِكَ عَلَى الْوَصِيَّةِ.
فَقُلْنَا: الْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْبَاطِلِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مِنْ الصَّحِيحِ، وَالْمَرِيضِ سَوَاءٌ: لَا تَجُوزُ إلَّا فِي الثُّلُثِ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُ الْوَصِيَّةِ أَيْضًا مِنْ الصَّحِيحِ وَالْمَرِيضِ سَوَاءً، فَهَذَا قِيَاسٌ أَصَحُّ مِنْ قِيَاسِهِمْ.
وَقَالُوا: نَتَّهِمُهُ بِالْفِرَارِ بِمَالِهِ عَنْ الْوَرَثَةِ.
فَقُلْنَا: الظَّنُّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَعَلَّهُ يَمُوتُ الْوَارِثُ قَبْلَهُ فَيَرِثُهُ الْمَرِيضُ فَهَذَا مُمْكِنٌ - وَأَيْضًا: فَإِذْ لَيْسَ إلَّا التُّهْمَةُ فَامْنَعُوا الصَّحِيحَ أَيْضًا مِنْ أَكْثَرِ ثُلُثِ مَالِهِ، وَاتَّهِمُوهُ أَيْضًا أَنَّهُ يَفِرُّ بِمَالِهِ عَنْ وَرَثَتِهِ، فَجَائِزٌ أَنْ يَمُوتَ وَيَرِثُوهُ كَمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْمَرِيضِ، وَجَائِزٌ أَنْ يَمُوتَ الْوَارِثُ فَيَرِثَهُ الْمَرِيضُ كَمَا يَرِثُهُ الصَّحِيحُ وَلَا فَرْقَ، وَكَمْ مِنْ صَحِيحٍ يَمُوتُ قَبْلَ مَرِيضٍ.
وَأَيْضًا: فَاتَّهِمُوا الشَّيْخَ الَّذِي قَدْ جَاوَزَ التِّسْعِينَ وَامْنَعُوهُ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ لِئَلَّا يَفِرَّ بِمَالِهِ عَنْ وَرَثَتِهِ.
فَإِنْ قُلْتُمْ: قَدْ يَعِيشُ أَعْوَامًا؟ قُلْنَا: وَقَدْ يَبْرَأُ الْمَرِيضُ فَيَعِيشُ عَشَرَاتِ أَعْوَامٍ، وَإِذْ لَيْسَ إلَّا التُّهْمَةُ، فَلَا تَتَّهِمُوا مَنْ يَرِثُهُ وَلَدُهُ فَاجْعَلُوا فِعْلَهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَاتَّهِمُوا مَنْ يَرِثُهُ عَصَبَتُهُ فَلَا تُطْلِقُوا لَهُ الثُّلُثَ.
فَإِنْ قَالُوا: هَذَا خِلَافُ النَّصِّ؟ قُلْنَا: وَفِعْلُكُمْ خِلَافُ النَّصِّ فِي التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا يُحِبُّهُ الْمَرْءُ مِنْ مَالِهِ، قَالَ تَعَالَى: {أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 254] وَقَالَ تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] .
وَالْمَرِيضُ أَحْوَجُ مَا كَانَ إلَى ذَلِكَ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 8  صفحه : 411
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست