responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 8  صفحه : 384
بِالْبَاطِلِ، بَلْ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ إجَازَةُ عِتْقٍ وَقَعَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلَا إجَازَةُ بَيْعٍ وَقَعَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ حَرَامٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَالسُّنَّةِ، وَالْإِجْمَاعِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: 164] .
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» .
فَمَنْ أَحَلَّ الْحَرَامَ فَتَحْلِيلُهُ بَاطِلٌ، وَقَوْلُهُ مَرْدُودٌ، لَكِنْ إنْ أَحَبَّ إنْفَاذَ عِتْقِ عَبْدِهِ فَلْيُعْتِقْهُ هُوَ بِلَفْظِهِ مُبْتَدِئًا وَإِنْ أَحَبَّ بَيْعَهُ فَلْيَبِعْهُ كَذَلِكَ مُبْتَدِئًا وَلَا بُدَّ.
وَالتَّوْكِيلُ فِي الْعِتْقِ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِإِجَازَتِهِ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ.
وَأَمَّا التَّوْكِيلُ فِي الْبَيْعِ: فَجَائِزٌ بِالسُّنَّةِ، فَمَنْ وَكَّلَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ لَمْ يُنَفَّذْ عِتْقُهُ أَصْلًا، وَمَنْ وَكَّلَ فِي بَيْعِهِ: جَازَ ذَلِكَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: الْعِتْقُ لَا يَلْحَقُهُ فَسْخٌ وَسَائِرُ الْأَشْيَاءِ يَلْحَقُهَا فَسْخٌ: فَقَدْ كَذَبُوا، وَكُلُّ عَقْدٍ مِنْ عِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَعَ صَحِيحًا فَلَا يَجُوزُ فَسْخُهُ، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِإِيجَابِ فَسْخِهِ قُرْآنٌ، أَوْ سُنَّةٌ، وَالْعِتْقُ الصَّحِيحُ قَدْ يُفْسَخُ، وَذَلِكَ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا نَصْرَانِيًّا ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ الْعَبْدَ النَّصْرَانِيَّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَسَبَى وَقَسَمَ، فَإِنَّ عِتْقَهُ الْأَوَّلَ يُفْسَخُ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ - فَظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ كُلُّهُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّهُ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، فَقَدْ خَالَفَهُمْ مَنْ لَيْسَ دُونَهُمْ، كَعَطَاءٍ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالْحَسَنِ، وَلَيْسَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ حُجَّةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَلَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي الدِّينِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَإِنَّهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ أَشْعَثِ بْنِ سَوَّارٍ - وَهُوَ ضَعِيفٌ - وَلَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ تَعَالَى بِالرَّدِّ عِنْدَ التَّنَازُعِ إلَّا إلَى كَلَامِهِ، وَكَلَامِ رَسُولِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا إلَى كَلَامِ صَاحِبٍ وَلَا غَيْرِهِ، فَمَنْ رَدَّ عِنْدَ التَّنَازُعِ إلَى غَيْرِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلَامِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ تَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: 1] .
قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [النساء: 59]
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مَضَتْ السُّنَّةُ أَنْ يُبْدَأَ بِالْعَتَاقِ فِي الْوَصِيَّةِ، فَهَذَا

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 8  صفحه : 384
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست