responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 8  صفحه : 101
فَصَحَّ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَبِإِخْبَارِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ جَوْرٌ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ «أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي» إنَّمَا هُوَ الْوَعِيدُ كَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ} [الأنعام: 150] لَيْسَ عَلَى إبَاحَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْجَوْرِ وَالْبَاطِلِ، لَكِنْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29] .
وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40]
وَ {كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ} [المرسلات: 46]
وَحَاشَ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يُبِيحَ لِأَحَدٍ الشَّهَادَةَ عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ هُوَ أَنَّهُ جَوْرٌ، وَأَنْ يُمْضِيَهُ وَلَا يَرُدَّهُ، هَذَا مَا لَا يُجِيزُهُ مُسْلِمٌ، وَيَكْفِي مِنْ هَذَا أَنْ نَقُولَ: تِلْكَ الْعَطِيَّةُ وَالصَّدَقَةُ أَحَقٌّ جَائِزٌ هِيَ أَمْ بَاطِلٌ غَيْرُ جَائِزٍ.
وَلَا سَبِيلَ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ؟ فَإِنْ قَالُوا: حَقٌّ جَائِزٌ؟ أَعْظَمُوا الْفِرْيَةَ، إذْ أَخْبَرُوا أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَبَى أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْحَقِّ - وَهُوَ الَّذِي أَتَانَا عَنْ رَبِّنَا تَعَالَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282]
وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} [البقرة: 282]
وَإِنْ قَالُوا: إنَّهَا بَاطِلٌ غَيْرُ جَائِزٍ؟ أَعْظَمُوا الْفِرْيَةَ، إذْ أَخْبَرُوا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَكَمَ بِالْبَاطِلِ، وَأَنْفَذَ الْجَوْرَ، وَأَمَرَ بِالْإِشْهَادِ عَلَى عَقْدِهِ، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ مُخْرِجٌ إلَى الْكُفْرِ بِلَا مِرْيَةٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِهِمَا.
وَزَادَ بَعْضُهُمْ ضَلَالًا وَفِرْيَةً فَقَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي» أَيْ إنِّي إمَامٌ وَالْإِمَامُ لَا يَشْهَدُ، فَجَمَعُوا فِرْيَتَيْنِ، إحْدَاهُمَا: الْكَذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَقْوِيلِهِ مَا لَمْ يَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَنْ أَطْلَقَ هَذَا مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ، وَالثَّانِيَةُ قَوْلُهُمْ: إنَّ الْإِمَامَ لَا يَشْهَدُ، فَقَدْ كَذَبُوا وَأَفِكُوا فِي ذَلِكَ، بَلْ الْإِمَامُ يَشْهَدُ؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ الْمُسْلِمِينَ الْمُخَاطَبِينَ بِأَنْ لَا يَأْبَوْا إذَا دُعُوا، وَبِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [النساء: 135] فَهَذَا أَمْرٌ لِلْأَئِمَّةِ بِلَا شَكٍّ وَلَا مِرْيَةٍ.
وَالْعَجَبُ مِنْ قِلَّةِ حَيَاءِ هَذَا الْقَائِلِ، وَمِنْ قَوْلِهِ وَمَذْهَبِهِ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا شَهِدَ عِنْدَ حَاكِمٍ مِنْ حُكَّامِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَشْهَدَ لَمَا جَازَتْ شَهَادَتُهُ.
ثُمَّ أَتَى بَعْضُهُمْ بِمَا كَانَ الْخَرَسُ أَوْلَى بِهِ فَقَالَ: لَعَلَّ النُّعْمَانَ كَانَ كَبِيرًا وَلَمْ يَكُنْ قَبَضَ النُّحْلَ - وَقَائِلُ هَذَا إمَّا فِي نِصَابِ التُّيُوسِ جَهْلًا، وَإِمَّا مَنْزُوعُ الْحَيَاءِ وَالدِّينِ؛ لِأَنَّ

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 8  صفحه : 101
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست