responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 7  صفحه : 555
[مَسْأَلَة بَيْع الْعَبْد وابتياعه مِنْ غَيْر أذن سِيدَهْ]
مَسْأَلَةٌ: وَبَيْعُ الْعَبْدِ، وَابْتِيَاعُهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ جَائِزٌ، مَا لَمْ يَنْتَزِعْ سَيِّدُهُ مَالَهُ فَإِنْ انْتَزَعَهُ فَهُوَ حِينَئِذٍ مَالُ السَّيِّدِ، لَا يَحِلُّ لِلْعَبْدِ التَّصَرُّفُ فِيهِ، بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ - تَعَالَى -: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] فَلَمْ يَخُصَّ حُرًّا مِنْ عَبْدٍ.
وَقَالَ - تَعَالَى -: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 119] فَلَوْ كَانَ بَيْعُ الْعَبْدِ مَالَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ حَرَامًا لَفَصَّلَهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لَنَا، وَلَمَا أَلْجَأَنَا فِيهِ إلَى الظُّنُونِ الْكَاذِبَةِ، وَالْآرَاءِ الْمُدَبَّرَةِ.
فَإِذْ لَمْ يُفَصِّلْ لَنَا تَحْرِيمَهُ، فَصَحَّ أَنَّهُ حَلَالٌ غَيْرُ حَرَامٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي " كِتَابِ الزَّكَاةِ " مِنْ دِيوَانِنَا هَذَا وَغَيْرِهِ صِحَّةَ مِلْكِ الْعَبْدِ لِمَالِهِ؛ وَأَمَّا انْتِزَاعُ السَّيِّدِ مَالَ الْعَبْدِ فَقَدْ صَحَّ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ وَسَأَلَ عَنْ ضَرِيبَتِهِ؟ فَأَمَرَ مَوَالِيَهِ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْهَا» .
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «حَجَمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدٌ لِبَنِي بَيَاضَةَ فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْرَهُ وَكَلَّمَ سَيِّدَهُ فَخَفَّفَ عَنْهُ مِنْ ضَرِيبَتِهِ» .
فَصَحَّ أَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَعْطَاهُ أَجْرَهُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا أَعْطَاهُ مَا لَيْسَ لَهُ - وَصَحَّ أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَخْذَهُ بِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِأَنْ يُخَفِّفَ عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ، فَصَحَّ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لَهُ مَا لَمْ يَنْتَزِعْهُ سَيِّدُهُ، وَصَحَّ أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَخْذَ كَسْبِ عَبْدِهِ لِنَفْسِهِ.
وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إذَا ادَّانَ الْعَبْدُ بِبَيْعٍ أَوْ ابْتِيَاعٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَهِيَ جِنَايَةٌ فِي رَقَبَتِهِ، وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ فَكُّهُ بِهَا أَوْ إسْلَامُهُ إلَى صَاحِبِ دِينِهِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَوَّلُ مَا يُقَالُ لَهُمْ: مِنْ أَيْنَ قُلْتُمْ هَذَا؟ وَلَيْسَ هَذَا الْحُكْمُ مَوْجُودًا فِي قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلَا قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلَا قِيَاسٍ، وَلَا رَأْيٍ يُعْقَلُ لَهُ وَجْهٌ، بَلْ هُوَ ضِدُّ ذَلِكَ كُلِّهِ، قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] .
فَبَطَلَ أَنْ يَكْسِبَ الْحُرُّ أَوْ الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ، أَوْ عَلَى غَيْرِ نَفْسِهِ إلَّا حَيْثُ أَوْجَبَهُ النَّصُّ كَالْعَاقِلَةِ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 7  صفحه : 555
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست