responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 7  صفحه : 393
فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: التَّفَاضُلُ فِي الدَّقِيقِ بِالْحِنْطَةِ مَوْجُودٌ فِي الْوَقْتِ، وَأَمَّا فِي الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، فَلَا يُوجَدُ إلَّا بَعْدَ الْوَقْتِ؟ فَقُلْنَا: فَكَانَ مَاذَا لَوْ كَانَ مَا قُلْتُمْ حَقًّا؟ وَمِنْ أَيْنَ وَجَبَ مُرَاعَاةُ التَّفَاضُلِ فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ؟ فَكَيْفَ وَاَلَّذِي قُلْتُمْ بَاطِلٌ؟ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ بِالْكَيْلِ مَوْجُودَةٌ فِي الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، كَمَا هِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الدَّقِيقِ بِالسَّوِيقِ، وَفِي الدَّقِيقِ بِالْحِنْطَةِ فِي الْوَقْتِ، فَلَا تَفَاضُلَ فِيهِمَا أَصْلًا، وَإِنَّمَا كَانَ التَّفَاضُلُ مَوْجُودًا فِي الدَّقِيقِ بِالسَّوِيقِ فِيمَا خَلَا وَبَطَلَ الْآنَ، وَلَا يُقْطَعُ أَيْضًا بِهَذَا، فَبَطَلَ فَرْقُكُمْ الْفَاسِدُ.
وَأَيْضًا - فَإِنَّمَا أَبَاحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّمْرَ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَبِالْمُشَاهَدَةِ نَدْرِي أَنَّ الرُّطَبَ لَيْسَ مِثْلًا لِلتَّمْرِ فِي صِفَاتِهِ.
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنْ قَالُوا: بَيْعُ التَّمْرِ الْحَدِيثِ بِالتَّمْرِ الْقَدِيمِ جَائِزٌ، وَهُوَ يَنْقُصُ، عَنْهُ فِيمَا بَعْدُ؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ فَكَانَ مَاذَا؟ وَمَتَى جَعَلْنَا لَكُمْ عِلَّةَ الْمَنْعِ مِنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، إنَّمَا هِيَ نُقْصَانُهُ إذَا يَبِسَ؟ حَاشَا لِلَّهِ أَنْ يَقُولَ هَذَا؛ لِأَنَّ الْأَثَرَ الَّذِي مِنْ طَرِيقِ سَعْدٍ، الَّذِي فِيهِ: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا جَفَّ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ زَيْدِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ - وَهُوَ مَجْهُولٌ - وَلَوْ صَحَّ لَأَذْعَنَّا لَهُ وَلَقُلْنَا بِهِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ مِنْكُمْ بَاطِلٌ وَتَخَرُّصٌ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يَأْتِ بِهِ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ الطَّاعَةُ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَطْ.
{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] .
وَنَقُولُ لِمَنْ ادَّعَى التَّعْلِيلَ، وَأَنَّهُ هُوَ الْحِكْمَةُ، وَمَا عَدَاهُ عَبَثٌ: أَخْبِرُونَا مَا عِلَّةُ تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَالْخَامِسَةِ فِي النِّكَاحِ، وَسَائِرِ الشَّرَائِعِ؟
فَلَا سَبِيلَ لَهُمْ إلَى وُجُودِ شَيْءٍ أَصْلًا، فَمِنْ أَيْنَ وَجَبَ أَنْ تُعَلَّلَ بَعْضُ الشَّرَائِعِ بِالدَّعَاوَى الْكَاذِبَةِ، وَلَا تُعَلَّلَ سَائِرُهَا؟
وَمَا نَعْلَمُ لِأَبِي حَنِيفَةَ سَلَفًا قَبْلَهُ فِي إبَاحَةِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ مِمَّنْ يَحْرُمُ الرِّبَا فِي غَيْرِ النَّسِيئَةِ - وَقَالَ مَالِكٌ: بَيْعُ الرُّطَبِ جَائِزٌ، وَهَذَا خَطَأٌ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ كَقَوْلِنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 7  صفحه : 393
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست