responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 7  صفحه : 38
وَهَلَّا إذْ حَمَّقُوا هَهُنَا؟ قَالُوا فِي الْمُصَرَّاةِ: يَرُدُّهَا وَقِيمَتَهَا مِنْ صَاعِ تَمْرٍ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ صَاعٍ إلَّا تَمْرَتَيْنِ، أَوْ إلَّا نِصْفَ مُدٍّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ.
ثُمَّ مَوَّهُوا بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا فِي ذَلِكَ أَثَرًا مُرْسَلًا، وَرِوَايَاتٍ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَكَذَبُوا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، بَلْ خَالَفُوا الْأَثَرَ الْمُرْسَلَ فِي ذَلِكَ، وَخَالَفُوا كُلَّ رِوَايَةٍ رُوِيَتْ فِي ذَلِكَ عَنْ صَاحِبٍ أَوْ تَابِعٍ عَلَى مَا نَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَعْجَبُ شَيْءٍ دَعْوَاهُمْ أَنَّ الْإِجْمَاعَ قَدْ صَحَّ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ إجْمَاعًا فَقَدْ خَالَفُوهُ، وَمَنْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ عِنْدَهُمْ كَفَرَ {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لأَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 11] وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إجْمَاعًا فَقَدْ كَذَبُوا عَلَى الْأُمَّةِ كُلِّهَا، وَعَلَى أَنْفُسِهِمْ {انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الأنعام: 24] .
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا حَفْصٌ - هُوَ ابْنُ غِيَاثٍ - عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ - أَوْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَا جَمِيعًا: مَا زِلْنَا نَسْمَعُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي الْعَبْدِ الْآبِقِ يُوجَدُ خَارِجًا مِنْ الْحَرَمِ دِينَارًا أَوْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ» .
وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ نا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَا جَمِيعًا: «جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْآبِقِ إذَا جِيءَ بِهِ خَارِجَ الْحَرَمِ دِينَارًا» .
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ نا مَعْمَرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ «قَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْآبِقِ يُوجَدُ فِي الْحَرَمِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ» .
وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ الطَّائِفَتَيْنِ مَعَ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْمُرْسَلَ كَالْمُسْنَدِ، وَلَا مُرْسَلَ أَصَحَّ مِنْ هَذَا؛ لِأَنَّ عَمْرًا، وَعَطَاءً، وَابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ ثِقَاتٌ أَئِمَّةٌ نُجُومٌ، وَكُلُّهُمْ أَدْرَكَ الصَّحَابَةَ، فَعَطَاءٌ أَدْرَكَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَصَحِبَهَا فَمَنْ دُونَهَا وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَدْرَكَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وَأَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، وَابْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَمِعَ مِنْهُمْ وَجَالَسَهُمْ.
وَعَمْرٌو أَدْرَكَ جَابِرًا، وَابْنَ عَبَّاسٍ وَصَحِبَهُمَا، لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلِ اثْنَيْنِ مِنْهُمَا - لَا نُبَالِي أَيَّهُمَا كَانَا -: أَنَّهُمَا مَا زَالَا يَسْمَعَانِ ذَلِكَ.
فَهَانَ عِنْدَ هَؤُلَاءِ مُخَالَفَةُ كُلِّ ذَلِكَ تَقْلِيدًا لِخَطَأِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَسَهُلَ عِنْدَهُمْ فِي رَدِّ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ بِتَقْلِيدِ رِوَايَةِ شَيْخٍ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ عَنْ عُمَرَ: الْبَيْعُ عَنْ صَفْقَةٍ أَوْ خِيَارٍ - وَسَائِرُ الْمُرْسَلَاتِ الْوَاهِيَةِ إذَا وَافَقَتْ رَأْيَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، فَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هَذِهِ طَرِيقَتُهُ فِي دِينِهِ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلَانِ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 7  صفحه : 38
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست