responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 7  صفحه : 363
كَانَتْ تِلْكَ الْبُيُوعُ الَّتِي خُدِعَ فِيهَا حَقًّا وَجَائِزَةً فَلِأَيِّ مَعْنًى حَجَرُوا عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِهَا وَهِيَ حَقٌّ وَصَحِيحَةٌ؟
وَلَئِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْبُيُوعُ الَّتِي خُدِعَ فِيهَا بَاطِلًا وَغَيْرَ جَائِزَةٍ فَلِأَيِّ مَعْنًى يُجِيزُونَهَا، إنَّ هَذِهِ لِطَوَامُّ فَاحِشَةٍ، وَتَخْلِيطٌ سَمْجٌ، وَخِلَافٌ مُجَرَّدٌ لِكُلِّ مَا حَكَمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ ذُكِرَ لَهُ مُنْقِذٌ، وَأَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ فَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ، لَكِنْ أَمَرَهُ أَنْ يَقُولَ: " لَا خِلَابَةَ " عِنْدَ الْبَيْعِ، وَجَعَلَ لَهُ الْخِيَارَ ثَلَاثًا فِي إنْفَاذِ الْبَيْعِ أَوْ رَدِّهِ، فَأَبْطَلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " الْخِلَابَةَ " وَأَنْفَذَ بُيُوعَهُ الصِّحَاحَ وَاَلَّتِي يَخْتَارُ إنْفَاذَهَا بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ بِهَا، وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ - وَهَذَا عَكْسُ كُلِّ مَا يَحْكُمُونَ بِهِ - وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.

[مَسْأَلَةٌ غَبَنَ فِي بَيْعٍ اُشْتُرِطَ فِيهِ السَّلَامَةُ]
1465 - مَسْأَلَةٌ: فَمَنْ غَبَنَ فِي بَيْعٍ اُشْتُرِطَ فِيهِ السَّلَامَةُ فَهُوَ بَيْعٌ مَفْسُوخٌ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْغِشِّ بِيَقِينٍ هُوَ غَيْرُ بَيْعِ السَّلَامَةِ الَّذِي لَا غِشَّ فِيهِ، هَذَا أَمْرٌ يُعْلَمُ بِالْمُشَاهَدَةِ، فَإِذَا هُوَ كَذَلِكَ فَالْبَيْعُ الْمُنْعَقِدُ بَيْنَهُمَا فِي الْبَاطِنِ لَيْسَ هُوَ الَّذِي عَقَدَ عَلَيْهِ مُشْتَرِطُ السَّلَامَةِ وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُلْزَمَ غَيْرَ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِمَا لَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهِ بَيْعَهُ الَّذِي تَرَاضَى بِهِ، لِأَنَّ مَالَ الْآخَرِ حَرَامٌ عَلَيْهِ إلَّا مَا تَرَاضَى مَعَهُ، وَكَذَلِكَ مَالُهُ عَلَى الْآخَرِ أَيْضًا.
وَأَمَّا إذَا عَلِمَ بِقَدْرِ الْغَبْنِ كِلَاهُمَا، وَتَرَاضَيَا جَمِيعًا بِهِ، فَهُوَ عَقْدٌ صَحِيحٌ، وَتِجَارَةٌ عَنْ تَرَاضٍ، وَبَيْعٌ لَا دَاخِلَةَ فِيهِ.
وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِقَدْرِ الْغَبْنِ، وَلَمْ يَشْتَرِطَا السَّلَامَةَ وَلَا أَحَدُهُمَا فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا عَرَفَ فِي رَدٍّ أَوْ إمْسَاكٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ سَالِمًا عَلَى الْجُمْلَةِ، فَهُوَ بَيْعٌ صَحِيحٌ.
ثُمَّ وَجَدْنَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ جَعَلَ الْخِيَارَ لِمَنْ قَالَ: " لَا خِلَابَةَ ثَلَاثًا " إنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَحِلَّ مَا تَزَيَّدَ فِيهِ الْخَادِعُ عَلَى الْمَخْدُوعِ إلَّا بِعِلْمِ الْمَخْدُوعِ وَطِيبِ نَفْسِهِ، فَإِنْ رَضِيَ بِتَرْكِ حَقِّهِ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ أَبَى لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُ مَا ابْتَاعَ بِغَيْرِ رِضَى الْبَائِعِ، فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ.
وَقَدْ صَحَّ الْإِجْمَاعُ الْمَقْطُوعُ بِهِ عَلَى أَنَّ لَهُ الرَّدَّ -
وَاخْتَلَفَ النَّاسُ: هَلْ لَهُ الْإِمْسَاكُ أَمْ لَا؟ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] .
فَصَحَّ أَنَّهُ إذَا رَضِيَ مَا ابْتَاعَ فَذَلِكَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 7  صفحه : 363
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست