responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 7  صفحه : 353
فَبَطَلَتْ الدَّعْوَتَانِ لِتَعَارُضِهِمَا، وَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنَّ السَّاكِتَ مُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ رَاضِيًا، وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ رَاضٍ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ، وَالرِّضَا يَكُونُ بِالسُّكُوتِ وَبِالْكَلَامِ، وَالْإِنْكَارُ يَكُونُ بِالسُّكُوتِ وَبِالْكَلَامِ.
فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ الظَّنُّ فَقَطْ، وَلَا تَحِلُّ الْأَمْوَالُ الْمُحَرَّمَةُ بِالظَّنِّ.
قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم: 28]
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ» .
فَإِنْ قَالُوا: قِسْنَا ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى نِكَاحِ الْبِكْرِ؟
قُلْنَا: الْقِيَاسُ بَاطِلٌ، ثُمَّ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ هَهُنَا فِي غَايَةِ الْبَاطِلِ؛ لِأَنَّ مَنْ عَدَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْكُتُ تَقِيَّةً أَوْ تَدْبِيرًا فِي أَمْرِهِ وَتَرْوِيَةً، أَوْ لِأَنَّهُ يَرَى أَنَّ سُكُوتَهُ لَا يَلْزَمُهُ بِهِ شَيْءٌ؛ وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ، رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَتَّقِي فِي اللَّهِ تَعَالَى أَحَدًا، وَلَا يَحْكُمُ فِي شَيْءٍ مِنْ الدِّينِ بِغَيْرِ الْوَحْيِ مِنْ رَبِّهِ تَعَالَى، وَلَا يَجُوزُ لَهُ السُّكُوتُ عَلَى الْبَاطِلِ فَلَا يُنْكِرُهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَكُونُ غَيْرَ مُبَيِّنٍ وَقَدْ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْبَيَانِ وَالتَّبْلِيغِ وَالْأَمْرِ بِالْوَاجِبَاتِ، وَتَفْصِيلِ الْحَرَامِ، فَسُكُوتُهُ خَارِجٌ عَنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، وَلَيْسَ غَيْرُهُ كَذَلِكَ، وَطُولُ الْمَدَدِ لَا يُعِيدُ الْبَاطِلَ حَقًّا أَبَدًا، وَلَا الْحَقَّ بَاطِلًا - وَيَلْزَمُ الْمُخَالِفَ لِهَذَا أَنَّ مَنْ قِيلَ لَهُ: يَا كَافِرُ فَسَكَتَ أَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ حُكْمُ الْكُفْرِ، وَمَنْ قِيلَ لَهُ: إنَّك طَلَّقْت امْرَأَتَك فَسَكَتَ أَنْ يَلْزَمَهُ الطَّلَاقُ، وَأَنَّ مَنْ قُتِلَ وَلَدُهُ - وَهُوَ يَرَى - فَسَكَتَ أَنَّهُ قَدْ بَطَلَ طَلَبُهُ وَلَزِمَهُ الرِّضَا - وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ: مَنْ بَاعَ مَالَ آخَرَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلِصَاحِبِ الْمَالِ إجَازَةُ ذَلِكَ أَوْ رَدُّهُ - وَاحْتَجُّوا بِالْخَبَرِ الثَّابِتِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِي الَّذِي اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِفَرَقٍ مِنْ ذُرَةٍ فَأَعْطَيْتُهُ فَأَبَى، فَعَمَدْتُ إلَى ذَلِكَ الْفَرَقِ فَزَرَعْتُهُ حَتَّى اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيَهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَعْطِنِي حَقِّي؟ فَقُلْتُ: انْطَلِقْ إلَى تِلْكَ الْبَقَرِ وَرَاعِيهَا؟ فَقَالَ: أَتَسْتَهْزِئُ بِي؟ قُلْتُ: مَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ، وَلَكِنَّهَا لَكَ - فَذَكَرَ الْخَبَرَ، وَأَنَّ اللَّهَ فَرَّجَ عَنْهُمْ الصَّخْرَةَ الْمُطْبِقَةَ عَلَى فَمِ الْغَارِ» .
فَإِنَّ هَذَا خَبَرٌ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِوُجُوهٍ، بَلْ هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ، وَمُبْطِلٌ لِقَوْلِهِمْ -:

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 7  صفحه : 353
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست