responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 7  صفحه : 246
عَقْدَهُمَا بِذَلِكَ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَا يَتِمُّ إلَّا بِالتَّفَرُّقِ أَوْ التَّخْيِيرِ بَعْدَ الْعَقْدِ، كَمَا أَمَرَ مَنْ لَا يُحَرِّمُ دَمَ أَحَدٍ إلَّا بِاتِّبَاعِهِ، أَوْ بِجِزْيَةٍ يَغْرَمُهَا - إنْ كَانَ كِتَابِيًّا - وَهُوَ صَاغِرٌ.
وَمِنْ طَرِيفِ نَوَادِرِهِمْ احْتِجَاجُهُمْ فِي مُعَارَضَةِ هَذَا الْخَبَرِ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إلَّا أَنْ تَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ» . قَالُوا: فَالِاسْتِقَالَةُ لَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ وَصِحَّةِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ.
قَالَ عَلِيٌّ: قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ فَهَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ وَلَسْنَا مِمَّنْ يَحْتَجُّ لِنَفْسِهِ بِمَا لَا يَصِحُّ، وَقَدْ أَعَاذَنَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ مُوَافِقًا لِقَوْلِنَا، إلَّا فِي الْمَنْعِ مِنْ الْمُفَارَقَةِ خَوْفَ الِاسْتِقَالَةِ فَقَطْ فَلَسْنَا نَقُولُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ الْمَذْكُورَ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ صَحَّ لَقُلْنَا بِمَا فِيهِ مِنْ تَحْرِيمِ الْمُفَارَقَةِ عَلَى هَذِهِ النِّيَّةِ، وَلَيْسَتْ الِاسْتِقَالَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْخَبَرِ مَا ظَنَّ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالُ، وَإِنَّمَا هِيَ فَسْخُ النَّادِمِ مِنْهُمَا لِلْبَيْعِ - رَضِيَ الْآخَرُ أَمْ كَرِهَ - لِأَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ اسْتَقَلْت مِنْ عِلَّتِي، وَاسْتَقَلْت مَا فَاتَ عَنِّي: إذَا اسْتَدْرَكَهُ. وَالْبُرْهَانُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا هَذَا وَعَلَى فَسَادِ تَأْوِيلِهِمْ وَكَذِبِهِ هُوَ أَنَّ الْمُفَارَقَةَ بِالْأَبْدَانِ لَا تَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِقَالَةِ الَّتِي حَمَلُوا الْخَبَرَ عَلَيْهَا، بَلْ هِيَ مُمْكِنَةٌ أَبَدًا، وَلَوْ بَعْدَ عَشْرَاتِ أَعْوَامٍ، فَكَانَ الْخَبَرُ عَلَى هَذَا لَا مَعْنَى لَهُ وَلَا حَقِيقَةَ، وَلَا فَائِدَةَ. فَصَحَّ أَنَّهَا الِاسْتِقَالَةُ الَّتِي تَمْنَعُ مِنْهَا الْمُفَارَقَةُ بِلَا شَكٍّ، وَهِيَ التَّفَرُّقُ بِالْأَبْدَانِ الْمُوجِبُ لِلْبَيْعِ، الْمَانِعُ مِنْ فَسْخِهِ وَلَا بُدَّ، وَلَا يُمْكِنُ غَيْرُ هَذَا، وَلَا يَحْتَمِلُ لَفْظُ الْخَبَرِ مَعْنًى سِوَاهُ أَلْبَتَّةَ. فَصَارَ هَذَا الْخَبَرُ ثِقْلًا عَلَيْهِمْ عَلَى ثِقْلٍ، لِأَنَّهُمْ صَحَّحُوهُ وَخَالَفُوا مَا فِيهِ، وَأَبَاحُوا لَهُ مُفَارَقَتَهُ - خَشِيَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ أَوْ لَمْ يَخْشَ. قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ وَكُلُّهُ عَائِدٌ عَلَيْهِمْ وَمُبْدِي تَخَاذُلَ عِلْمِهِمْ وَقِلَّةَ فَهْمِهِمْ وَنَحْنُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - نَذْكُرُ مَا هُوَ أَقْوَى شُبْهَةً لَهُمْ، وَنُبَيِّنُ حَسْمَ التَّعَلُّقِ بِهِ لِمَنْ عَسَى أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 7  صفحه : 246
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست