responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 7  صفحه : 240
يَقُلْ لَهُ الْآخَرُ: قَدْ فَعَلْت، وَبَيْنَ قَوْلِ الْقَائِلِ: اشْتَرِ مِنِّي سِلْعَتِي هَذِهِ بِدِينَارٍ، فَلَهُ الْخِيَارُ مَا لَمْ يَقُلْ لَهُ الْآخَرُ: قَدْ فَعَلْت؟ فَجَوَابُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ كُلِّهَا وَاضِحٌ مُخْتَصَرٌ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: كَذَبَ قَائِلُ هَذَا وَأَفَكَ وَأَثِمَ؛ لِأَنَّهُ حَرَّفَ كَلَامَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ مَوَاضِعِهِ بِلَا بُرْهَانٍ أَصْلًا، لَكِنْ مُطَارَفَةً وَمُجَاهَرَةً بِالدَّعْوَى الْبَاطِلِ، فَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذِهِ الْأَقْوَالُ؟ وَمَنْ أَخْبَرَكُمْ بِأَنَّ هَذَا هُوَ مُرَادُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؟ وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: كَمَا سُمِّيَ الذَّبِيحُ وَلَمْ يُذْبَحْ؟ فَمَا سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ ذَبِيحًا، وَلَا صَحَّ ذَلِكَ أَيْضًا قَطُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَإِنَّمَا هُوَ قَوْلٌ مُطْلَقٌ عَامِّيٌّ لَا حُجَّةَ فِيهِ، وَإِنَّمَا أَطْلَقَ ذَلِكَ مَنْ أَطْلَقَ مُسَامَحَةً، أَوْ لِأَنَّهُ حَمَلَ الْخَلِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - السِّكِّينَ عَلَى حَلْقِهِ، وَهَذَا فِعْلٌ يُسَمَّى مِنْ فَاعِلِهِ ذَبْحًا، وَمَا نُبَالِي عَنْ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ يَأْتِ بِهَا قَطُّ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ، فَلَا يَقُومُ بِهَا حُجَّةٌ فِي شَيْءٍ أَصْلًا.
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [البقرة: 231] فَصَدَقَ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَبَ مَنْ قَالَ: إنَّهُ تَعَالَى أَرَادَ الْمُقَارَبَةَ، حَاشَ لِلَّهِ مِنْ هَذَا - وَلَوْ كَانَ مَا ظَنُّوهُ لَكَانَ الْإِمْسَاكُ وَالرَّجْعَةُ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي قُرْبِ بُلُوغِ الْأَجَلِ، لَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَهَذَا بَاطِلٌ بِلَا خِلَافٍ - وَتَأْوِيلُ الْآيَةِ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِهَا بِلَا كَذِبٍ وَلَا تَزَيُّدٍ، وَإِنَّمَا أَرَادَ تَعَالَى - بِلَا شَكٍّ - بُلُوغَ الْمُطَلَّقَاتِ أَجَلَ الْعِدَّةِ بِكَوْنِهِنَّ فِيهَا مِنْ دُخُولِهِنَّ إيَّاهَا إلَى إثْرِ الطَّلَاقِ إلَى خُرُوجِهِنَّ عَنْهَا، وَهَذِهِ الْمُدَّةُ كُلُّهَا لِلزَّوْجِ فِيهَا الرَّجْعَةُ وَالْإِمْسَاكُ بِلَا خِلَافٍ، أَوْ التَّمَادِي عَلَى حُكْمِ الطَّلَاقِ.
وَحَتَّى لَوْ صَحَّ لَهُمْ مَا أَطْلَقُوا فِيهِ الْبَاطِلَ لَكَانَ لَا مُتَعَلِّقَ لَهُمْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إذَا وُجِدَ كَلَامٌ قَدْ صُرِفَ عَنْ ظَاهِرِهِ بِدَلِيلٍ وَجَبَ أَنْ يُصْرَفَ كُلُّ كَلَامٍ عَنْ ظَاهِرِهِ بِلَا دَلِيلٍ، وَفِي هَذَا إفْسَادُ التَّفَاهُمِ، وَالْمَعْقُولِ، وَالشَّرِيعَةِ كُلِّهَا، فَكَيْفَ وَرِوَايَةُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: «كُلُّ بَيِّعَيْنِ لَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا» فَاضِحٌ لِهَذَا الْكَذِبِ كُلِّهِ، وَمُبْطِلٌ لِتَخْصِيصِ بَعْضِ مَنْ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ بَيْعٍ مِنْ سَائِرِ مَنْ يَقَعُ عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمُ.
وَقَالُوا: هَذَا التَّفْرِيقُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ: هُوَ مِثْلُ التَّفْرِيقِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء: 130] .

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 7  صفحه : 240
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست