responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 7  صفحه : 175
يُفَرِّقُونَ بَيْنَ حُكْمِ الْعِتْقِ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ، فَيُوجِبُونَ فِيمَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ مِنْ عَبْدٍ أَنْ يُقَوَّمَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ فَيَعْتِقُهُ، وَلَا يَرَوْنَ فِيمَنْ تَصَدَّقَ بِنِصْفِ عَبْدِهِ أَوْ أَوْقَفَ نِصْفَ دَارِهِ، أَوْ نِصْفَ فَرَسِهِ، أَوْ تَصَدَّقَ بِنِصْفِ ثَوْبِهِ أَوْ بِنِصْفِ ضَيْعَتِهِ: أَنْ يُقَوَّمَ عَلَيْهِ بَاقِي ذَلِكَ، وَيَنْفُذَ فِعْلُهُ فِي جَمِيعِهِ -: فَمِنْ أَيْنَ وَجَبَ أَنْ يُقَاسَ عَلَى الْعِتْقِ هَهُنَا؟ وَلَمْ يَجِبْ أَنْ يُقَاسَ عَلَيْهِ هُنَالِكَ؟ إنَّ هَذَا لَتَحَكُّمٌ فَاسِدٌ؟ وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ: مِنْ فِعْلِ الْمَرِيضِ كَلِمَةٌ، وَلَا دَلَالَةٌ، وَلَا إشَارَةٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ: إنَّمَا فِيهِ " أَعْتَقَ عِنْدَ مَوْتِهِ " فَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ: أَنْ يَجْعَلُوا هَذَا الْحُكْمَ فِيمَنْ أَعْتَقَ عِنْدَ مَوْتِهِ - صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا. فَمَاتَ إثْرَ ذَلِكَ، لَا فِيمَنْ أَعْتَقَ مَرِيضًا، أَوْ صَحِيحًا، ثُمَّ تَرَاخَى مَوْتُهُ، فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَعْتِقْ عِنْدَ مَوْتِهِ بِلَا شَكٍّ - وَهَذَا مِمَّا خَالَفُوا فِيهِ الْخَبَرَ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ فِيمَا فِيهِ، وَأَقْحَمُوا فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ وَاحْتَجُّوا بِهِ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ مِنْهُ شَيْءٌ أَصْلًا، وَهَذِهِ قَبَائِحُ مُوبِقَةٌ - نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهَا.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ حُجَّةٌ لَنَا عَلَيْهِمْ قَاطِعَةٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِنْسَانَ لَمْ يُبْقِ لِنَفْسِهِ شَيْئًا أَصْلًا، هَكَذَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ، وَهَذَا عِنْدَنَا مَرْدُودُ الْفِعْلِ - صَحِيحًا كَانَ أَوْ مَرِيضًا - وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ فِي مَالِهِ عِتْقُ تَطَوُّعٍ، وَلَا صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ، وَلَا هِبَةٌ يَبُتُّ بِهَا إلَّا فِيمَا أَبْقَى غِنًى، كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الصَّدَقَةُ عَنْ ظَهْرِ غِنًى» .
وَقَدْ أَبْطَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِتْقَ إنْسَانٍ صَحِيحٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: نا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَقَالَ أَحْمَدُ: أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ نا أَبِي وَعَمِّي - هُوَ يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ - ثُمَّ اتَّفَقَ عَاصِمٌ، وَسَعْدٌ، وَيَعْقُوبُ أَبْنَاءُ إبْرَاهِيمَ، قَالُوا كُلُّهُمْ: نا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَرَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَابْتَاعَهُ مِنْهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ» قَالَ الزُّهْرِيُّونَ فِي رِوَايَتِهِمْ: فَرَدَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: فَهَذَا إسْنَادٌ كَالشَّمْسِ لَا يَسَعُ أَحَدًا خِلَافُهُ.
فَصَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا رَدَّ عِتْقَ أُولَئِكَ الْأَعْبُدِ؛ لِأَنَّ مُعْتِقَهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ، وَكَانَ عِتْقُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِثُلُثِهِمْ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - كَمَا رُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ: «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ إذْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ إذْ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ: يُجْزِيك مِنْ ذَلِكَ

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 7  صفحه : 175
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست