responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 7  صفحه : 138
وَالتَّعَدِّي هُوَ التَّجَاوُزُ فِي اللُّغَةِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ، وَبِهَا خَاطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] فَيُضَمَّنُ ضَمَانَ الْغَاصِبِ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا فِي حُكْمِ الْغَصْبِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ الْقَوْلُ فِي هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ أَوْ فِي رَدِّهَا إلَى صَاحِبِهَا]
1392 - مَسْأَلَةٌ: وَالْقَوْلُ فِي هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ أَوْ فِي رَدِّهَا إلَى صَاحِبِهَا، أَوْ فِي دَفْعِهَا إلَى مَنْ أَمَرَهُ صَاحِبُهَا بِدَفْعِهَا إلَيْهِ: قَوْلُ الَّذِي أُودِعَتْ عِنْدَهُ مَعَ يَمِينِهِ، سَوَاءً دُفِعَتْ إلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ مَالَهُ مُحَرَّمٌ كَمَا ذَكَرْنَا فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ وُجُوبُ غَرَامَةٍ، وَقَدْ «حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى مِنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ» . وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.
وَهَهُنَا خِلَافٌ فِي مَوَاضِعَ -: مِنْهَا أَنَّ مَالِكًا فَرَّقَ بَيْنَ الثِّقَةِ وَغَيْرِ الثِّقَةِ، فَرَأَى أَنْ لَا يَمِينَ عَلَى الثِّقَةِ، وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ أَوْجَبَ الْيَمِينَ عَلَى مَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ ثِقَةٍ وَغَيْرِ ثِقَةٍ، وَالْمَالِكِيُّونَ مُوَافِقُونَ لَنَا فِي أَنَّ نَصْرَانِيًّا، أَوْ يَهُودِيًّا، أَوْ فَاسِقًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ - مُعْلِنًا لِلْفِسْقِ - يَدَّعِي دَيْنًا عَلَى صَاحِبٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ: وَجَبَتْ الْيَمِينُ عَلَى الصَّاحِبِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ دَعْوَى جَحْدِ الدِّينِ، وَبَيْنَ دَعْوَى جَحْدِ الْوَدِيعَةِ أَوْ تَضْيِيعِهَا، وَالْمُقْرَضُ مُؤْتَمَنٌ عَلَى مَا أُقْرِضَ، وَعَلَى مَا عُومِلَ فِيهِ، كَمَا أَنَّ الْمُودَعَ مُؤْتَمَنٌ وَلَا فَرْقَ، وَفَرْقٌ أَيْضًا بَيْنَ الْوَدِيعَةِ تُدْفَعُ بِبَيِّنَةٍ وَبَيْنَهَا إذَا دُفِعَتْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، فَرَأَى إيجَابَ الضَّمَانِ فِيهَا إذَا دُفِعَتْ بِبَيِّنَةٍ - وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ ذَلِكَ: قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ، وَالْأَيْمَانُ لَا تَسْقُطُ، وَالْغَرَامَةُ لَا تَجِبُ، إلَّا حَيْثُ أَوْجَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى أَوْ رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَوْ حَيْثُ أَسْقَطَهَا اللَّهُ تَعَالَى، أَوْ رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَفَرَّقَ قَوْمٌ بَيْنَ قَوْلِ الْمُودَعِ: هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ، فَصَدَّقُوهُ: إمَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِمَّا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: قَدْ صَرَفْتهَا إلَيْك -: فَأَلْزَمُوهُ الضَّمَانَ، وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: أَمَرْتنِي بِدَفْعِهَا إلَى فُلَانٍ - فَضَمِنُوهُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ ذَلِكَ: قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ - وَالْوَجْهُ فِي هَذَا هُوَ أَنَّ كُلَّ مَا قَالَهُ الْمُودَعُ، مِمَّا يُسْقِطُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ الْغَرَامَةَ، وَلَا تَخْرُجُ عَيْنُ الْوَدِيعَةِ عَنْ مِلْكِ الْمُودِعِ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ مَالَهُ مُحَرَّمٌ، إلَّا بِقُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ، سَوَاءٌ

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 7  صفحه : 138
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست