responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 373
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ رُوِيَ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَسْلَمَ قَبْلَ هِنْدَ، وَامْرَأَةَ صَفْوَانَ أَسْلَمَتْ قَبْلَ صَفْوَانَ؟ قُلْنَا: وَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّهُمَا بَقِيَا عَلَى نِكَاحِهِمَا وَلَمْ يُجَدِّدَا عَقْدًا؟ وَهَلْ جَاءَ ذَلِكَ قَطُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مُتَّصِلٍ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ عَرَفَ ذَلِكَ فَأَقَرَّهُ؟ حَاشَا لِلَّهِ مِنْ هَذَا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهُنَا شَغَبَ الْمَالِكِيُّونَ، وَالشَّافِعِيُّونَ -: فَأَمَّا الشَّافِعِيُّونَ فَاحْتَجُّوا بِهَذَا كُلِّهِ وَبِحَدِيثِ أَبِي الْعَاصِ وَجَعَلُوا الْمُرَاعَى فِي ذَلِكَ الْعِدَّةَ.
فَيُقَالُ لَهُمْ: هَبْكُمْ أَنَّهُ قَدْ صَحَّ كُلُّ مَا ذَكَرنَا مِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّ الْمُرَاعَى فِي أَمْرِ أَبِي الْعَاصِ، وَأَمْرِ هِنْدَ، وَامْرَأَةِ صَفْوَانَ، وَسَائِرِ مَنْ أَسْلَمَ: إنَّمَا هُوَ الْعِدَّةُ؟ وَمَنْ أَخْبَرَكُمْ بِهَذَا؟ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَخْبَارِ كُلِّهَا ذِكْرُ عِدَّةٍ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهَا أَصْلًا، وَلَا عِدَّةَ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا مِنْ طَلَاقٍ، أَوْ وَفَاةٍ، وَالْمُعْتَقَةُ تَخْتَارُ نَفْسَهَا، وَلَيْسَتْ الْمُسْلِمَةُ تَحْتَ كَافِرٍ، وَلَا الْبَاقِيَةُ عَلَى الْكُفْرِ تَحْتَ الْمُسْلِمِ، وَلَا الْمُرْتَدَّةُ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ، فَمِنْ أَيْنَ جِئْتُمُونَا بِهَذِهِ الْعِدَّةِ؟ وَلَا سَبِيلَ لَهُمْ إلَى وُجُودِ ذَلِكَ أَبَدًا إلَّا بِالدَّعْوَى الْكَاذِبَةِ؛ فَكَيْفَ وَقَدْ أَسْلَمَتْ زَيْنَبُ فِي أَوَّلِ بَعْثِ أَبِيهَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؟ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ هَاجَرَتْ إلَى الْمَدِينَةِ - وَزَوْجُهَا كَافِرٌ - وَكَانَ بَيْنَ إسْلَامِهَا وَإِسْلَامِهِ أَزْيَدُ مِنْ ثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً وَقَدْ وَلَدَتْ فِي خِلَالِ هَذَا ابْنَهَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي الْعَاصِ فَأَيْنَ الْعِدَّةُ لَوْ عَقَلْتُمْ؟
وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ فَإِنْ مَوَّهُوا بِامْرَأَةِ صَفْوَانَ. عُورِضُوا بِهَذَا، وَأَبِي سُفْيَانَ، وَإِنْ احْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] ذُكِّرُوا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10] ، فَظُهْر فَسَادُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ كُلِّهَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: بُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} [الممتحنة: 10] الْآيَةَ إلَى قَوْلِهِ: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} [الممتحنة: 10] فَهَذَا حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَخْرُجَ عَنْهُ، فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى رُجُوعَ الْمُؤْمِنَةِ إلَى الْكَافِرِ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 373
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست